تبدو الإضاءةُ على الخطوات الضرورية لتفادي السقوط مجددا في تجربة 13 نيسان 1975، أشبه بضرب من “التنظير” أو نوعا من الإفراط في المثاليات “المستحيلة” نظرا الى المعطيات السياسية الداخلية الراهنة، الا أن التذكير بها واجب، وأمرٌ لا بد منه أيا تكن الوقائع… فتعزيزُ قدرات الدولة ومكانتها ضروري، وهذا الهدف لن يتحقق الا بإعادة القرارات الكبرى الى ملعبها، فتكون المرجع الوحيد الذي يبت بالسلم والحرب ويحدّد سياسة الدولة الخارجية وكيفية تعاطيها مع جيرانها والمجتمع الدولي، وتبسط وحيدة سيطرتها وسيادتها على أراضيها، وتكون الجهة الحصرية التي تمسك بالسلاح. أما الأهم لتحصين مناعة لبنان ضد أية حروب جديدة، فيحتاج إرادة ذاتية من الافرقاء المحليين، بوقف الارتهان للخارج، وبإعطاء الاولوية للمصلحة الوطنية العليا، لا تسخير الساحة اللبنانية لخدمة مصالح جهات خارجية اقليمية او دولية… فهل هي متوافرة اليوم؟
اتصالات تمهيدية: في انتظار استفاقة الضمير المرجوّة، يستمر لبنان في التخبط في ملفاته اليومية، محاولا تحقيق خرق في المعركة ضد الفساد، علما ان الإصلاح يُعدّ أيضا من أبرز مقومات قيام الدولة القوية الفعلية. وفي السياق، تكثّف الحكومة حركتها على خط موازنة 2019. وبعد ان بات مشروعها في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” إن رئيس الحكومة سعد الحريري الذي باشر باتصالات لتمهيد الطريق امام ولادة سلسة للموازنة، بلقاء جمعه الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الاسبوع الماضي، سيواصل محادثاته مع القوى السياسية كافة. وهدفه تأمين إجماع على القرارات “الجريئة” التقشفية التي تلحظها الموازنة، لا سيما لجهة التخفيض في النفقات، بما يتيح مرورها، بأقلّ ضجة ممكنة، داخل الحكومة.
الموازنة الاسبوع الطالع؟: وبحسب المصادر، فإن الموازنة من المرجّح ان تطرح الاسبوع المقبل على طاولة مجلس الوزراء تمهيدا لاحالتها الى مجلس النواب لاقرارها. وفي رأيها، فإنها ستمرّ بتدابيرها القاسية، بعد أن أدركت الاطراف كلّها ان هذه الاجراءات شرّ لا بد منه، ونظرا ايضا الى كون الدول المانحة تنتظر باهتمام بالغ، موازنة رشيقة تخفف جديا نسبة العجز، لتتشجع على إرسال مساعدات “سيدر” الى بيروت.
خطة الكهرباء: وهذه العوامل نفسها، تتابع المصادر، ستفرض على مجلس النواب القبول بخطة الكهرباء التي ستناقشها لجنة الاشغال الاثنين والهيئة العامة الاربعاء، على علّاتها اذا جاز القول، وهو قد يُدخل اليها تعديلات، تتعلق بتشكيل الهيئة الناظمة وبدور ادارة المناقصات، الا انه سيقرّها في نهاية المطاف نظرا الى ضرورة وضع قطار إصلاح القطاع على السكة في أسرع وقت.
الاجتماع المالي: وليس بعيدا من الشأن المالي – الاقتصادي، يفترض ان يستقبل القصر الجمهوري اجتماعا ماليا يرأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، منتصف الاسبوع المقبل. وتقول مصادر اقتصادية متابعة لـ”المركزية” ان الاجتماع يأتي من ضمن اهتمام الرئيس عون في الوضعين المالي والاقتصادي الدقيقين اللذين يحتاجان الى علاج سريع وفعّال، تتشارك الوزارات والقطاعات والهيئات العديدة المعنية به، في عملية انقاذه، وتتعاون في ما بينها لتحقيق الهدف المنشود.
فرعية طرابلس: في الاثناء، تتجه الانظار الى طرابلس التي ستسرق انتخاباتها الفرعية الاضواء غدا، خاصة وأنها ستشكل، من حيث نسبة المشاركة وتوزيع الاصوات، امتحانا “شعبيا” جديدا لتيار المستقبل. وفيما دخلت فترة الصمت الانتخابي الالزامي حيز التنفيذ، اكتملت التحضيرات اللوجستية والامنية والعمليّة للاستحقاق المرتقب. وفي هذا الاطار، أعلنت غرفة العمليات المركزية الخاصة بفرعية طرابلس انها انتهت المرحلة الاولى من العملية الانتخابية، حيث تم استلام 416 صندوقاً من رؤساء الأقلام ومساعديهم، وتم إيداعهم المراكز الانتخابية المعنية حيث ستبقى مقفلة تحت حراسة عناصر قوى الأمن الداخلي حتى بدء العملية الانتخابية”. الى ذلك، ذكّرت وزارة العدل، أنها وضعت خطين ساخنين لتلقي أي مراجعة أو شكوى خلال سير العملية الانتخابية. أما محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا الذي أشرف على عملية تسليم صناديق الإقتراع ومستلزماتها لرؤساء الأقلام والكتبة، فحذّر المواطنين من حمل السلاح والسير على الدراجات النارية، وفتح المطاعم ضمن المناطق التي ستجري فيها الانتخابات”.
الكونغرس على الحدود!: على صعيد آخر، برزت اليوم زيارة لافتة لوفد الكونغرس الأميركي الموجود في بيروت منذ الامس والمؤلف من 14 شخصا، الى الجنوب، حيث تفقد الحدود اللبنانية مع الاراضي المحتلة في قضاء مرجعيون. ووصل الوفد إلى موقع قوات “اليونيفيل” في تل نحاس عبر مروحية، وانتقل بعدها بواسطة عدد من الاليات وبمواكبة من قوات اليونيفيل والجيش اللبناني الى الحدود، حيث جال على الحدود مقابل طريق عام كفركلا عديسة. وتوقف الوفد عند محلة المحافر خراج بلدة عديسة واطلع على أعمال بناء الجدار الأسمنتي ضمن الأراضي المتحفظ عليها لبنانيا باعتبارها محتلة. وأكمل الوفد جولته في مزراع شبعا. ومن المقرر ان يجتمع المجلس الاعلى للدفاع الاثنين في بعبدا حيث سيناقش ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية في النقاط المتنازع عليها بين بيروت وتل ابيب.
القوات تردّ: وسط هذه الاجواء، استمرّ الاشتباك على جبهة التيار الوطني الحر- القوات اللبنانية. وفي السياق، ردَّت القوات على التقرير الذي بثه تلفزيون “OTV” الناطق باسم التيار أمس واتهم فيه القوات بالتوظيف السياسي ووزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق بالتوظيف العشوائي والمسيس، مؤكدة في وثائق نشرتها انها اتهامات باطلة، ومشيرا الى ان الحزب ليس بحاجة لبراءة ذمة من المحطة. وقال في بيان صدر عن دائرته الإعلامية ان القوات تؤكد أن العالم أجمع يشهد بأنها لا تطالب بأمر وتفعل العكس، مشيرا الى ان الوزارات التي تولتها “القوات” كانت الوحيدة التي قامت بعملية تقليص أعداد للموظفين فيها في عز الحملة الانتخابية وفي وقت لجأ فيه وزراء آخرون الى توظيف الآلاف من الموظفين لأغراض انتخابية. ولفتت القوات الى ان الطلب الذي تقدمت به الوزيرة مي شدياق الى مجلس الوزراء مشروع ومحقوق وقانوني ولا يخالف قرار منع التوظيف.
باسيل والصحة: من جانبه، اعلن رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل الذي تفقد اليوم مستشفى الراعي في صيدا من ضمن جولة له في الجنوب، أن “مشاكل “الصحة” في لبنان كثيرة. وسأل خلال العشاء السنوي لهيئة الأطباء في التيار “هل تعرفون كم هو كبير رقم الهدر في القطاع الصحي في موازنة الدولة والمستشفيات الحكومية”؟ وفي ما يشبه غمزا من قناة الوزير غسان حاصباني، تابع باسيل “هذا الموضوع لم يعالج مرّة بطريقة علمية لمعرفة المعيار الذي على اساسه تُحدد السقوف المالية للمستشفيات والتعريفات والتسعيرات، ولكن اليوم الوزارة مع حزب نأمل ان يفعل هذا الفرق ويقدم لنا نموذجا مختلفا في هذا الموضوع”.
غارة جديدة: اقليميا، غارة اسرائيلية جديدة على سوريا. فقد اعلن التلفزيون السوري السبت، أن طائرات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً قرب محافظة حماة، وتحديدا مدرسة المحاسبة، ومركز البحوث العلمية. وبحسب وكالة سانا، استهدفت طائرات إسرائيلية “أحد المواقع العسكرية باتجاه مدينة مصياف في ريف حماة وقد تصدت وسائط دفاعنا الجوي للصواريخ المعادية وأسقطت بعضها ما أسفر عن تدمير بعض المباني وإصابة 3 مقاتلين بجروح”. لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان أوضح أن الانفجارات العنيفة وقعت عند الثانية والنصف من فجر السبت في مدينة مصياف الواقعة في ريف حماة الغربي. وبحسب المرصد، “تبين بأنها ناجمة عن تنفيذ الطائرات الإسرائيلية عدة غارات على مدرسة المحاسبة في مدينة مصياف ومركز تطوير صواريخ متوسطة المدى في قرية الزاوي ومعسكر الطلائع في قرية الشيخ غضبان بريف مصياف، التابعة للقوات الإيرانية، وقوات النظام السوري”.