كتبت إستال خليل:
في عز الضجيج حول الفساد المستشري في كل القطاعات والوزارات، من هدر للأموال او صرفها في غير مكانها، والتوظيف العشوائي، والأرقام الخيالية عن “موظفين” لا يعملون، وسموم في المواد الغذائية والادوية والفساد في المستشفيات والقضاء والكهرباء والاتصالات والسلك العسكري والضمان الاجتماعي والمياه، والغلاء الفاحش الذي ينقض على المواطن أينما ذهب، يبقى اللبناني ضعيفا أخرسَ أصمَّ أمام الوضع!
لكن يبدو أن وزير الاتصالات محمد شقير قرر أن تمتد إجراءاته إلى المواطن المكسور عبر أفكار “جهنمية” لمعالجة الوضع المخزي!
وإحدى أفكار معاليه سريعة وجديدة ومربحة مثل أفكار من سبقوه، تؤدي نتيجتها الى رفع أسعار الاتصالات الخلوية مجدداً بدلا من تخفيضها.
فاقترح على مجلس الوزراء الموافقة على إلغاء “الستين دقيقة المجانية المعطاة للمشتركين في الخطوط الخلوية اللاحقة الدفع Post Paid”، تحت شعار أن أصحاب هذه الخطوط من “الميسورين”!
ويكون معاليه بذلك قد حقق انجازه الاول في الوزارة، آخذا كل الزخم المطلوب من أجل تحصيل إيرادات إضافية للخزينة، (طبعا من أجل خدمة المواطن)!
فات معالي الوزير أن الدولة اللبنانية مسؤولة عن غض النظر عن إحدى أكبر عمليات سرقة للمشتركين منذ التسعينات، حين فرض على كل مشترك دفع 500 دولار “ثمناً” للخط الخلوي في ذلك الحين.
ونسي معالي الوزير، ان هذه الساعة المجانية، ليست إلا تعويضاً بسيطاً عن الاشتراك الشهري الذي يدفعه صاحب الخط الثابت “الميسور” هذا، حتى لو لم يستخدم هاتفه.
فات معاليه ان ليس كل صاحب خط ثابت من الميسورين، فالخطوط الثابتة هي من الجيل الأول للخليوي في لبنان، يوم لم يكن من خطوط مسبقة الدفع، ولو كان يومها ميسورا فإنه اليوم حتما لم يعد كذلك، بفضل جهود دولتنا!
معالي الوزير، أنا الميسور الذي يدخل إلى الدكان ويدفع جزءًا لا بأس به راتبه من أجل جلسة مع أصدقائه في المنزل.
أنا الميسور الذي افكر مرتين قبل الخروج من منزلي، بعد دراسة نفقة “البنزين” و”دخولية” السهرة يوم السبت.
أنا الميسور الذي إن دخل المستشفى لا يخرج منه قبل توقيعه على قروض مصرفية من أجل تغطية كلفة العلاج والفحوصات.
أنا الميسور الذي أصل ليلي بنهاري كي ابقى ميسورا و”اشرّج” خطي “الثابت” كي لا أشحذ على أبواب حضراتكم.
أنا الميسور الذي قد أطعم أولادي وعائلتي من لحمي كي لا يشعروا بالنقص و”القلة”.
أنا الميسور الذي بفضل المسؤولين لم يعد حتى مستوراً!