تستضيف كازاخستان جولة جديدة من المحادثات السورية تُعقد في 25 و26 الجاري، مع ترجيح ان تنضم اليها 5 دول جديدة بصفة مراقب كما اعلن الرئيس التركي رجب طيّب اردوغان منذ ايام عقب لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.
ومع ان منصة استانة عندما انطلقت كانت ترتبط بإنشاء مناطق خفض التصعيد، وهو ما بقي في الاطار النظري بسبب الخروقات المستمرة من قبل معظم الاطراف، الا ان مواصلة اجتماعاتها ليس الا تأكيداً على ان هناك استحقاقات سورية تجب مواجهتها، كموضوع ادلب مثلا، مهما كان شكل الحسم، والاتّفاق على صيغة نهائية للدستور السوري يُحدد من خلالها المرحلة الانتقالية والانتخابات التشريعية والرئاسية.
واذا كانت معظم الدول-كما تُعلن في الظاهر- تدعو الى تسريع الحل السياسي للأزمة السورية، يبدو ان النظام في وادٍ اخر، بحسب ما يقول مراقبون سياسيون عبر “المركزية”، لانه برأيهم يسعى بعد استعادة سيطرته على رقعة واسعة من مناطق كانت خاضعة للمعارضة، لقيادة دفّة المفاوضات بدل ان يكون طرفاً على طاولة الحوار، هو من يضع التعديلات التي يراها مناسبة له ولمصالحه على الدستور، لان هذه الخطوة برأيه عمل سيادي لا يمكن التخلي عنه، تماماً كما قال وزير الخارجية وليد المعلم منذ اشهر”.
واشار المراقبون الى “ان هذا الموقف يلقى تأييداً من جانب ايران فقط في مقابل معارضة دولية واقليمية، لذلك وافق النظام على اعطاء طهران دوراً اوسع ومسؤولية اكبر في مرفأ اللاذقية وسط “استياء” روسي من حصول ايران على موطئ قدم على الساحل السوري واطلالة على المياه الدافئة في البحر الابيض المتوسط”.
والى جانب المعارضة الدولية والاقليمية لشرط النظام قيادة المفاوضات، لا تماشي قوى المعارضة السورية طلبه، وتصرّ على العودة الى مسار جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة.
واقترحت بعض الدول التي تدور في محور معارضة طلب النظام قيادة المفاوضات، إعادة سوريا الى الحضن العربي عبر تعليق قرار مشاركتها في الجامعة العربية كخطوة اولية لابعادها عن ايران، الا ان اوساطاً دبلوماسية غربية اعتبرت لـ”المركزية” “ان هذه الخطوة تعد مثابة “هدية” من دون مقابل، لان تبرير عودتها الى الجامعة لابعادها عن طهران تقدير خاطئ لن يؤدي الى النتيجة المرسومة. فمن يعرف جيداً نظام الاسد من حافظ الى بشار، والعلاقة الاستراتيجية القائمة بين الدولتين التي “هندسها” حافظ الاسد لمواجهة العرب واستخدام الورقة الايرانية وسيلة ضغط عليهم، يعلم ان لا فائدة من هذه الخطوة، بدليل ان الرئيس بشار الاسد استبدل التحالف مع روسيا بالتمسك بالعلاقة المميزة مع ايران واعطى الاخيرة غطاء لاستمرارها في سوريا بعد ان وسّعت مواقعها في الشمال والوسط”.
ولفتت الاوساط الدبلوماسية الى “ان من يطالب بعودة العلاقات مع سوريا في هذه المرحلة من دون ان يلبّي الرئيس الاسد المطالب والشروط العربية، يعمل لصالح النظام وبقائه”، وذكّرت “بأن امين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط كرر في اكثر من مناسبة ان الوقت لم يحن لعودة سوريا الى الحضن العربي، لان عليها تلبية المطالب والشروط وأولها تعريب الحل بمعنى الا تتولى روسيا وايران وتركيا مسؤولية ايجاد الحل من دون اي دور للعرب وبغياب اي مسؤول عربي، لا سيما الجامعة العربية، وثانيا فكّ ارتباطها بايران وثالثا خروج المقاتلين غير السوريين من سوريا، خصوصا الاذرع العسكرية لايران كـ”حزب الله” وألا يكون في سوريا اي نفوذ ايراني”، واشارت الى “ان الغرب يؤيد المطالب والشروط العربية ويدعمها، ويشدد على ضرورة استعجال حل الازمة وانهاء الصراع”.
وتختم الاوساط الدبلوماسية بما نقلته عن مسؤول عربي قوله “ان الرئيس الاسد يتمسك بتحالفه مع ايران ويفضّله على التحالف مع السعودية وغيرها من دول الخليج على رغم وجود علاقات بين سوريا وبعض الدول الخليجية”.