Site icon IMLebanon

لبنان إلى أين؟! (بقلم رولا حداد)

سؤال يتيم يتكرر في كل الصالونات في لبنان، الصالونات السياسية وصالونات اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم الطائفية والحزبية وحتى الاجتماعية: “لبنان إلى أين؟”

ليست المشكلة في السؤال المشروع حتماً في ظل كل ما يمرّ به لبنان من أزمات اقتصادية ومالية خانقة، إنما المشكلة تكمن في أن الأكثرية الساحقة من المسؤولين في لبنان تسأل السؤال نفسه لأن “لا حول لهم ولا قوة” سواء في معرفة ما يجري في المنطقة، وسواء في وقف الانحدار إلى الهاوية اقتصادياً ومالياً.

وإذا كان مفهوماً ألا يطلع المسؤولون في لبنان على المخططات الكبرى التي تُحضّر للمنطقة، لأن لبنان لم يعد إلى طاولة أي مفاوضات، بل بات مادة دسمة على طاولات المفاوضات، سواء بالنسبة للأطماع في نفطه وغازه الموعودين، وسواء في استعماله ساحة لتصفية نزاعات المنطقة في “إيواء” النازحين السوريين حتى إشعار آخر وربما في توطين اللاجئين الفلسطينيين بكل أسف، فإن ما ليس مفهوماً ولا مقبولاً على الإطلاق أن يكون المسؤولون اللبنانيين يقفون عاجزين أمام انهيار الهيكل اللبناني على رؤوس الجميع بفعل تردي الأوضاع مالياً واقتصادياً إلى حدّ ينذر بكارثة وشيكة، وهم أيضاً كمن “لا حول له ولا قوة”!

صحيح أن المطلوب إجراءات فورية وجذرية وعمل دؤوب لوقف النزيف، لكن يصحّ السؤال بداية عن المسؤول عمّا وصلنا إليه، فهل يُعقل ألا مسؤول عن كل الفساد والهدر وإساءة إدارة البلد؟ والأخطر هل يُعقل أن يكون المسؤولون عما وصلنا إليه مؤتمنين اليوم عن إنقاذ البلد؟ فهل يصلح العطّار ما افسد الدهر؟!

نسمع اليوم الكثير عن ضرورة وقف الهدر من دون أن نعرف من يهدر أموال الدولة اليوم، ولا كيف سيتم وقف الهدر.

نسمع الكثير عن ضرورة وقف التوظيف العشوائي من دون أن تتم محاسبة أحد من الذين قاموا بهذا التوظيف العشوائي، ومن دون أن نتأكد من أن هذا التوظيف لن يستمر.

نسمع الكثير عن محاربة الفساد من دون أن نعرف من هو أصل الفساد ومن يحمي الفساد والفاسدين في لبنان ويغطيهم ويمنع محاكمتهم، فهل سنشهد يقظة ضمير اليوم لتغيير أدار المسؤولين في هذا الملف؟ وهل يغيّر الله بقوم قبل أن يغيّروا ما بأنفسهم؟!

إلى أين يتجه لبنان؟ إنه السؤال الذي من المرجح أن يبقى من دون جواب في المدى المنظور، سواء بسبب عجز المسؤولين عن الإجابة عليه، وسواء بسبب سوء أدائهم الذي يجعل من المستحيل توقّع أي إجابة!

إلى أين تتجه الأوضاع المالية والاقتصادية؟ ما نسمعه من أجواء في الكواليس لا يوحي بأي إيجابية على الإطلاق، لا بل إن الاحتمالات التي تُطرح تكاد تكون كارثية بكل ما للكلمة من معنى، ما بين إجراءات واجب اتخاذها، وما بين تخوّف المسؤولين من ردود الفعل الشعبية المحتملة على عدد من هذه الإجراءات، مع العلم أن الشعب اللبناني ليس “غشيماً” بمعنى أنه قد يتفهّم أي إجراء شرط ألا يقتصر التقشف على الشعب في حين يصرّ المسؤولون على سياسة استباحة الدولة والخزينة إرضاء لـ”نزواتهم” السياسية والشعبوية!

إلى أين يتجه لبنان؟ إن مجرّد التفكير بالإجابة عن هذا السؤال قد تتسبب بحالة هلع… حمى الله لبنان!