كتبت راجانا حمية في “الاخبار”:
قبل أسبوع، لوّح نقيب أطباء الشمال، عمر عيّاش، بإمكانية «اللجوء إلى التصعيد التدريجي»، إذا لم تدفع وزارة الصحة «قريباً» أتعاب الأطباء الذين يعالجون «مرضى الوزارة». لم يضع النقيب تاريخاً محدّداً للتوجه نحو هذا الخيار، حتى يوم أمس، عندما «سمعنا أنه سيجري دفع هذه المستحقات جزئياً، وللبعض فقط».
المعلومات التي وصلت «بالتواتر»، دفعت النقابة إلى الدعوة إلى مؤتمر صحافي عصر اليوم للإعلان عن أولى خطواتها التصعيدية بالامتناع عن متابعة أحوال المرضى في المستشفيات، باستثناء الطارئ منها، إلى حين البتّ بموضوع الأتعاب المستحقّة عن عام 2018. وهي المستحقات التي يتقاضاها الأطباء المتعاقدون مع المستشفيات بدل معاينة المرضى الذين يدخلون إليها على حساب وزارة الصحة.
في الفترة الأخيرة، أفرجت وزارة المال عن مستحقات المستشفيات الحكومية لعام 2018، إلا أنها لم تفرج عن أتعاب الأطباء «التي تساوي ثلث السقف المالي». قبل عامٍ وأربعة أشهر، تقاضى الأطباء بدل أتعابهم عن عام 2017، وكان مفترضاً أن يتقاضوا بدل عام 2018 مطلع شباط الماضي، إلا أنه «جرى التأجيل مع الالتزام بدفع هذه المستحقات مطلع الشهر الجاري»، بحسب عياش. لكنّ «خبراً غير سار جاءنا ويفيد بأن الوضع المالي لا يسمح حالياً»، فصار التأجيل مفتوحاً، إذ لم تحدّد الوزارات المعنية (الصحة والمال) موعداً للدفع.
وتبلغ قيمة مستحقات الأطباء في ذمّة الدولة 60 مليار ليرة، لأطباء الشمال منها (نحو 2000) 15 ملياراً، وهي تكاد تكون «لقمتهم» الوحيدة. إذ يؤكّد عياش أن «80% من الأطباء في الشمال يعتمد دخلهم على عملهم في المستشفيات الحكومية والخاصة». ويوضح أن مرضى الوزارة يشكّلون «90% ممن يدخلون المستشفيات الحكومية، و35 إلى 40% ممن يدخلون إلى المستشفيات الخاصة». وهذا يجعل الطبيب رهينة انتظار المستحقات التي تُدفع سنوياً، خصوصاً أن «الأطباء العاملين في الشمال لا يتقاضون كغيرهم رواتب شهرية، على أن يحصّل المستشفى في نهاية العام أتعابه وأتعابهم». وما يزيد الطين بلّة أن «الطب العيادي محصور فقط في المراكز الكبيرة وفي المدن، وهو ما ليس متوافراً في المناطق الطرفية».
ويخشى الأطباء من «تدوير السنة المالية»، ما يفتح الباب أمام تأخر إضافي إلى حدود تموز وربما آب. وهذا يعني عاماً وأربعة أشهر بلا رواتب، ستضاف إليها أشهر أخرى «لن نكون معها قادرين على سداد حتى أقساط أولادنا في المدارس». الأمور «طالت اللقمة اللي بالتم»، يقول عياش. أما المواقف التصعيدية التي قد «تجرح» مواطنين فقراء يعتمدون في استشفائهم على وزارة الصحة وغيرها من الجهات الضامنة، فلا تنمّ إلا عن وجعٍ يعيشه الأطباء ويمسّهم في لقمة عيشهم. ما يفعله الأطباء اليوم هو إعلاء الصوت قبل أن «تلعب الاستنسابية دورها في توزيع المستحقات المفترضة»، معوّلين على الدعم والتضامن من نقابة أطباء بيروت، إذ يفترض أن يشارك النقيب ريمون الصايغ في المؤتمر الصحافي اليوم.