كتب عبد القادر سعد في “الاخبار”:
استفاق الشارع الكروي اللبناني على خبر صاعق بمداهمة القوى الأمنية منزل أكثر من شخصية تعنى بالشأن الكروي، حيث صادرت هواتف عدد منهم، وأبلغتهم بضرورة الحضور إلى الفرع للاستماع إلى أقوالهم في قضية تتعلق بموضوع المراهنات.
قد تكون المرة الأولى التي تتحرك فيها القوى الأمنية في ملف يتعلق بالمراهنات في كرة القدم. ملفٌّ لطالما كان مدار حديث في الأوساط الكروية دون أن يكون هناك تدخّل من قبل المراجع الأمنية حتى يوم أمس.
ما حرّك المياه الراكدة على صعيد الدولة، الإخبار الذي تقدّم به رئيس نادي النجمة أسعد صقال إلى فرع المعلومات بوجود أطراف مرتبطة بالمراهنات، سواء على الصعيد الدولي أو المحلي.
القصة بدأت في الأسبوع السادس عشر من الدوري اللبناني لكرة القدم. خسر النجمة أمام مضيفه السلام زغرتا 0-1 في المرداشية بعد عرض سيّئ. مرّت الأيام وبدا الهمس يدور حول المباراة عن احتمال وجود شبهة تلاعب فيها. وصل الكلام إلى أذن صقال مع كلام آخر عن مباريات أخرى كلقاء النجمة مع البقاع في الأسبوع السابع عشر حين فاز النجمة 3-1 بعد أن كان متأخراً في الشوط الأول 0-1. قبل تلك المباراة بأربع وعشرين ساعة شوهِد أحد اللاعبين المهمين في النادي يدخل إلى مكتب مراهنات موجود قرب جامع الإمام علي في الطريق الجديدة. لم يكن لدى اللاعب مشكلة بأن يدخل إلى مكتب المراهنات بملابس النجمة.
لم يتوقف الهمس عند هذا الحد، بل طاول الساحة الآسيوية، وتحديداً في لقاء النجمة والجيش السوري في بيروت ضمن الجولة الثانية لكأس الاتحاد الآسيوي التي خسرها النجمة 0-1. أيضاً طاول الهمس اللاعب عينه، الذي يُعَدّ من ضمن مجموعة من زملائه تحوم حولهم شبهات المراهنات، وتحديداً في الدوريات الأوروبية.
بدأت الخيوط تتجمّع في أيدي المسؤولين في النادي، وتحديداً مدير الفريق بهيج قبيسي، الذي وضع الرئيس في أجواء ما لديه من معلومات. ونجح قبيسي مع أشخاص من خارج النادي في تأمين وسيط أجرى اتصالاً مع أحد كبار المراهنين في الكرة اللبنانية خلال جلسة جمعت صقال مع عدد من الشخصيات النجماوية والرياضية في تيار المستقبل.
سمع صقال ومن معه كلاماً كبيراً عن مدى تورّط أطراف في النادي بالمراهنات. لم يكن أمام رئيس النادي سوى اللجوء إلى قوى الأمن الداخلي، بدعم من رئيس الحكومة سعد الحريري، فقدّم إخباراً قبل أسابيع ونام الموضوع حتى صباح أمس. خلال هذه الفترة شهد نادي النجمة حراكاً تمثل بإيقاف اللاعب المذكور في الفريق فترة قصيرة قبل أن يظهر حديث عن عودته الى الفريق مجدداً. هنا فجّر قبيسي قنبلة باستقالته، رافضاً أن يكون شريكاً في عودة أحد المراهنين إلى النادي «بعد ثبوت تورّطه».
رفض صقال استقالة قبيسي، وأكّد له أنه مستمر بالملف حتى النهاية، «ما دام قد سمعته شخصياً قد تتضرر في حال «لفلفة» الموضوع». غاب الموضوع عن الساحة حتى تحرك فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي أمس واستدعى مجموعة من الأشخاص للاستماع إليهم بعد مصادرة هواتف بعضهم. (م. ج.)، (ع. ن. د.)، (ح. ن.)، (ر. غ.). بعضهم حضر، وبعضهم لم يحضر، وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس كان الأشخاص الذين حضروا إلى المديرية رهن التحقيق، ولم يُفرَج عنهم دون إغلاق الباب أمام تخلية سبيلهم مقابل تعهد. لم يحضر جميع الأطراف المعنيين، وكان هناك تخوّف عند الرئيس صقال، من أن أحد الأشخاص المهمين في الملف قد يسافر إلى الخارج، فاتصل بالمراجع الأمنية، متمنياً عليها بالإسراع بالتحقيق معه ومنعه من السفر.
وعلمت «الأخبار» من مصادر مطّلعة أن (م. ج.) هو محور التحقيقات، وأن الشخصيات الأخرى التي استُدعيَت مرتبطة به بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وخطوة مصادرة الهواتف كانت من باب الحيطة لمنع هؤلاء الأشخاص من محو معلومات قيّمة عن هواتفهم، في حال استدعائهم بشكل عادي. وعُلم أن (م. ج.) أفاد في التحقيقات بأنه يراهن على مباريات في الدوريات الأوروبية، وليس في الدوري المحلي.
فُتح الملف الأخطر في الكرة اللبنانية، ويبدو أنه لن يُغلق سريعاً، خصوصاً مع معلومات لـ”الأخبار” حول إمكانية استدعاء أشخاص آخرين مهمين في النجمة، ما قد يشكّل مفاجأة صادمة للجميع.