كتب آلان سركيس في صحيفة “الجمهورية”:
يحضر الهمّ الإقتصادي بقوّة في معراب، حيث يراقب رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع تطورات الوضع، ويحذّر من الآتي إذا لم تسارع الحكومة الى اتّخاذ خطوات سريعة، في حين لم تغب السياسة عن بال «الحكيم» خصوصاً في ردّه على «حزب الله»، وانتقاد مواقف وزير الخارجية جبران باسيل حيال سوريا.
يؤكّد جعجع في جلسة مع إعلاميين شاركت فيها «الجمهورية» أمس، أنّ «الوضع الإقتصادي صعب جداً ولم يعد في الإمكان إخفاؤه، وعلى الجميع تحمّل مسؤولياتهم والتكاتف للإنقاذ». ويرى «أنّ محاربة الفساد مهمة جداً، وعلى كل إدارات الدولة أن تتطهّر من الفاسدين، لكنّ الأساس حالياً هو إقرار الموازنة العامة التي تُعتبر بداية عملية الإنقاذ، فهي «بيت القصيد» ولا شيء سواها.
ويدعو جعجع الجميع الى وعي خطورة المرحلة، مشدِّداً على أنه «ضدّ التحركات التي تحصل وستحصل في الشارع، لأنه في الأساس لم يقَرّ شيء، فعلى أيِّ أساس تتم تلك التحركات؟ وهل نوصل البلد الى الخراب بأيدينا؟».
ويطالب جعجع باتّخاذ خطوات سريعة جداً لأنّ عدم إقرار الموازنة والبدء بخفض العجز قد يجعلنا ننهار من هنا الى بضعة أسابيع، لذلك فإنّ «الجميع مسؤول أمام الشعب والوطن». ويوضح «أنّ الحل الإقتصادي ليس سهلاً وقد أجرينا عدداً من الدراسات، لكنّ هناك أموراً يمكننا البدء بها مثل الكهرباء والموازنة، والإتصالات وهذا الأمر يساعد على الخلاص».
ويرفض جعجع مهاجمة الوزير جبران باسيل بعد كلامه الأخير عن الخطوات المؤلمة التي قد تُتخذ، ويقول: «إذا كانت هناك خطوات إصلاحية لا تمسّ بموظفي القطاع العام فنحن معها، وإذا وقع الخيار بين فرض ضرائب على الفوائد المصرفية أو خفض رواتب الموظفين فإننا مع الخيار الأول وليس الثاني».
ويستبعد جعجع حصول لبنان حالياً على أموال مؤتمر «سيدر1» لأنّ «القضية هي كناية عن عملية طويلة، ففي البداية يجب إرسال إشارات إيجابية عبر إقرار الموازنة مثلاً، من ثم المباشرة بالإصلاحات الضرورية التي يطلبها المجتمع الدولي وبعد ذلك نحصل على الأموال، لكي لا يتكرّر سيناريو مؤتمرات باريس».
وينتقد جعجع الكلام الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، ويعتبره في غير محله، «إذ يجب أن نصبّ كل إهتمامنا على إنقاذ الوضع الداخلي وعدم التدخل في حروب المنطقة». ويضيف: «سوريا تحت سلطة محور الممانعة، وكان في إمكان هذا المحور أن يوجّه الرسائل الإقليمية والدولية عبر الرئيس بشار الأسد وليس عبر نصرالله».
ويشير جعجع الى أنّ «من أولوياتنا مصلحة شعبنا وليس الدخول في نزاعات المنطقة، فقبل تدخُلنا فيها لنحلّ مشكلاتنا الداخلية». ويلفت الى «أنّ الخليجيين جدّيون في تمضية الصيف في لبنان، لكن تصريحات مثل تصريحات نصرالله قد تدفعهم الى عدم المجيء الى لبنان». ويؤكد أن «لا مهادنة مع «حزب الله»، لكن اذا لم يكن هناك شيء لمهاجمته أو الرد عليه فلماذا نفعل ذلك»، مشدداً على «أنّ سلاح «حزب الله» غير شرعي وإيراني بأيد لبنانية ولا نعترف به، ولا نعترف إلّا بسلاح واحد هو سلاح الجيش اللبناني». ويقول «إنّ مشروعنا السياسي مناقض لمشروع «حزب الله»، لذلك لا يمكننا أن نلتقي سياسياً على أهداف معينة، ويبقى التعاطي مع «الحزب» في مجلس الوزراء وضمن المؤسسات الدستورية الشرعية».
وعن تصريحات باسيل المطالبة بعودة سوريا الى جامعة الدول العربية وكان آخرها من موسكو، يشدّد جعجع على عدم رضاه على الطريقة التي تدار فيها السياسة الخارجية اللبنانية «فموقف باسيل لا يُعبّر عن موقف الحكومة مجتمعة، لذلك سنطرح هذا الموضوع في أول جلسة لمجلس الوزراء».
ويوضح أن «لا وجود لما يُعرف بدولة سورية أو نظام فهناك الإيراني أولاً والروسي ثانياً، عكس ما يظن البعض، وبالتالي فإنّ هذه العودة ستكون لإيران وروسيا الى الجامعة».
ويصف جعجع علاقته بالروس بأنها «عادية»، ويدعو الى «أن نرى مصلحة لبنان في ما خصّ علاقتنا بالروس والأميركيين، إذ إنه يجب أن ننتهج سياسة «النأي بالنفس»، والحفاظ على علاقات لبنان مع كل الدول ونقيِّم حساباتنا بدقّة». ويرى «أنّ التسوية الرئاسية غير مهدَّدة بالزوال، ويجب أن نسأل عن الفوائد التي تحققها»، نافياً أن تكون العلاقة بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري «بهذا العمق والتناغم الذي يتحدث عنه البعض».
وفي ملف النازحين، يؤكد جعجع «أنّ الأسد لا يريد إعادة النازحين لأسباب سياسية وديموغرافية، وكل الدلائل تشير الى هذا الأمر، لكنّ هناك مبادرة يمكن تطبيقها، وهي إقامة مخيمات للنازحين داخل الحدود السورية على مقربة من حدودنا وبضمان لروسيا ومساعدتها، وهذا الأمر يسمح بأن لا يؤذيهم أحد، وأن تصل المساعدات إليهم، وهذا الأمر يجب أن يحظى بدعم أوروبي لكي نتمكّن من حلّ هذه الأزمة».