كتب أسعد بشارة في صحيفة “الجمهورية”:
لن يكون في متيسّر الوفد اللبناني النيابي والوزاري، الذي زار واشنطن، أن يعود بتطمينات واضحة حول المدى الذي ستصل اليه العقوبات الاميركية على لبنان، وبالتحديد على شخصيات لبنانية قريبة سياسياً واقتصادياً وإعلامياً من «حزب الله». كذلك لن يكون متيسّراً لمن يدّعون امتلاك أسرار واشنطن الذهاب الى ادّعاء معرفة كل هذه التفاصيل التي لا تُسرّب عبر وسائل الاعلام بالأسلوب اللبناني للتسريب.
تشير أوساط لبنانية مطّلعة في واشنطن الى انّ غباراً كثيفاً يحوط بمسألة العقوبات، وتنطلق من مجموعة من المؤشرات والخلاصات، تصلح لأن تلخّص الوضع الحالي وما قد يستجد، وتحددها بالآتي:
ـ أولاً، إنّ العقوبات التي تشددها الادارة الاميركية على ايران هي العنوان الاساس الذي تتفرع منه العقوبات على «حزب الله»، وهذه العقوبات لا تطاول الدور اللبناني للحزب، بل تطاوله في اعتباره أداة ايران العنكبوتية في العالم كله، من اميركا اللاتينية الى أوروبا والعالم العربي، وتسير الادارة الأميركية بطريقة حاسمة على طريق قطع الأذرع المالية للحزب، يساعدها في ذلك التحول الكبير الذي طرأ على بلدان أميركا اللاتينية، حيث بات التعاون الأميركي مع هذه الدول لتضييق الحصار على أدوات ايران كبيراً ومؤثراً، وقد ترجم ذلك بتوقيفات طاولت عدداً من اصحاب رؤوس الاموال المتّهمين بتبييض الاموال، وتهريب الممنوعات، في مثلّث اميركا الجنوبية الذي اصبح حتى الأمس القريب قاعدة خلفية لنشاط «حزب الله»، وبات رصد هذا النشاط من أولويات هذه الدول.
– ثانياً، إنّ كل ما سرّب عن انّ العقوبات ستشمل شخصيات لبنانية كالرئيس نبيه بري أو الوزير جبران باسيل او غيرهما، لا يعدو كونه مجرد تسريبات إعلامية، لأنّ اي بحث في وزارة الخزانة الأميركية في اضافة اي اسم على لائحة العقوبات، يُحاط غالباً بالسرية المطلقة، ولا يمكن لأي جهة ان تطلع على لائحة الاسماء المرشحة للعقاب، وذلك مرده الى أنّ الأجهزة الاميركية هي التي تحقق في تورّط هذه الشخصيات بمساعدة «حزب الله» على التهرب من العقوبات، ويبقى الامر سرياً حتى التأكد من التورط، وحتى تكوين ملف مثبت بالادلة، لأنّ مجرد وضع اي إسم على لائحة العقوبات من دون أدلة كافية وجازمة، يؤدي حكماً الى رفع الشخص المعني دعوى قضائية امام القضاء الاميركي، وفي حال ربح الدعوى سيؤثر ذلك على كل آلية العقوبات وصدقيتها، وهذا ما لا تجازف الاجهزة الاميركية بحصوله. وبالتالي، يبقى امر الاسماء التي يتم البحث في صلاتها المالية بـ»حزب الله»، مكتوماً، فلا يعرف به أي طرف سواء كان لبنانياً أو عربياً.
ـ ثالثاً، إن ما يُسرّب من معلومات عن القطاع المصرفي والاتهامات للمصارف بمساعدة «حزب الله» على تبييض أمواله والتهرب من العقوبات، هو أمر له وجوه عدة، ففي موازاة وجود تحقيقات اميركية في تورط مصارف لبنانية بهذا الامر، تبدو مصارف اخرى وكأنها تدفع فاتورة لا علاقة لها بها، وقد يكون التضخيم في تكبير السمعة غير الجيدة للقطاع المصرفي، مصدره لبناني، والهدف الضغط على الإدارة الاميركية للتخفيف من الاجراءات المطلوبة، لكي لا يسقط القطاع المصرفي الذي تعتبره واشنطن احد اعمدة الاستقرار في لبنان، مضافاً اليه الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية.
وتختم المصادر بالتأكيد انّ المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً في العقوبات على ايران و»حزب الله»، من دون استثناء احتمال أن تطاول شخصيات لبنانية، خصوصاً أنّ الادارة الأميركية قد وضعت تطويق ايران ودورها في المنطقة أولوية على أجندتها، وما تمتلكه هذه الادارة من صلاحيات معطاة من الكونغرس يكفي لشمول العقوبات من يفترض ان تشمله بعد إجراء التحقيقات الدقيقة، أمّا اعلان العقوبات، فسيتم على الطريقة الاميركية، اي ببيان من وزارة الخزانة يحدد فيه أسماء هذه الشخصيات أو المؤسسات، تماماً كما حصل في قضية البنك اللبناني ـ الكندي.