Site icon IMLebanon

تفاهُم اميركي ـ روسي على منع الحرب

كتب أسعد بشارة في “الجمهورية”:

تدقّ كلٌ من إسرائيل وإيران أبواق الحرب في المنطقة. فاسرائيل المنتشية، وإيران التي تخشى السقوط بفعل العقوبات، تبحثان عن الحرب، وتتلاقى الاهداف لكن الموانع تبقى اكبر.

تشير اوساط ديبلوماسية، الى أنّ وضع المنطقة يتأرجح بعد فوز اليمين الاسرائيلي في الانتخابات واستعداد بنيامين نتنياهو لتشكيل الحكومة، بين الرغبة الاسرائيلية والمصلحة الايرانية بشن الحرب، وبين التفاهم الاميركي ـ الروسي الذي يساهم في اللجم الثنائي لاسرائيل وايران. ولكل من الولايات المتحدة الاميركية وروسيا أسباب مختلفة في لجم الاتجاه الى الحرب.

توجزها هذه الاوساط بالآتي:

ـ أولاً، تستعد الولايات المتحدة الاميركية لطرح مشروع «صفقة القرن» في وقت قريب. وهذا المشروع يتجاوز، لا بل ينسف، أسس عملية السلام و»حل الدولتين»، أي حل الدولة الفلسطينية، ويروّج لدويلة غزة، ويعترف بنحو أو بآخر بالسيادة الاسرائيلية على الضفة.

هذا الاستعداد الاميركي، ترافق مع ضوء احمر أُبلغ الى نتنياهو، بلجم الذهاب الى الحرب خصوصاً في لبنان، في حين يستمر الضوء الاخضر الاميركي ـ الروسي لاسرائيل في شن غاراتها على المواقع الايرانية في سوريا. وفي مرحلة التحضير لإعلان «صفقة القرن»، تتطلب المنطقة استقراراً نسبياً، يكون تمهيداً لهذا الإعلان .

ـ ثانياً، في مضمون الصفقة، تبلّغت الولايات المتحدة رفضاً ثلاثياً سعودياً ـ مصرياً ـ أردنياً للحل المُقترح. فالسعودية أبلغت الى الإدارة الاميركية رفضها «صفقة القرن»، ليس فقط لأنّ الصفقة تقضي على الدولة الفلسطينية، بل لأنّها تشكّل فرصة ذهبية أخرى لإيران لكي تستمر في استخدام ورقة النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي من أجل تحقيق أهدافها في المنطقة تحت عنوان أنّ لا حل إلاّ بالمقاومة، وقد أبلغ ولي عهد السعودية الامير محمد بن سلمان الى الاميركيين هذا الموقف الرافض بإسم الملك سلمان بن عبد العزيز.

اما الرفض الاردني فيعود، حسب المصادر، للخشية الكبيرة من أي ترانسفير جديد فلسطيني من الضفة الى الاردن. وقد رفض الملك عبدالله الثاني الصفقة ايضاً على رغم من الوعود الاميركية بمساعدة مالية تقدّر بعشرات مليارات الدولارات، هذا فضلاً عن تمسّك الملك الاردني بإدارة بلاده للاماكن المقدسة في القدس.

ويأتي الرفض المصري بدوره لخشية مصر من دويلة غزة وما ستسببه من متاعب على الحدود مع سيناء، التي تطمح الخطة الى نقل جزء من الفلسطينيين وتوطينهم فيها، في مرحلة لاحقة.

ـ ثالثاً، في موازاة الضوء الاحمر الاميركي والروسي لمنع وقوع الحرب، تتحرّك ايران على خط تحضير وسائلها لمواجهة العقوبات بسلاح «حزب الله» وبمحاولة التحضير لبنية تحتية مشابهة للحزب في سوريا، وبما تملك من تأثير على «حماس» وامتلاك ورقة حركة «الجهاد الاسلامي» وبقية الفصائل التي تحرّك جبهة غزة في كل مرة تطلب فيها ايران هذا التحرّك.

وما يمنع إيران من التصعيد في اتجاه الحرب خصوصاً من الاراضي السورية هو الضغط الروسي الذي يُمارس لمنع تحوّل سوريا ساحة قتال كبرى تهدّد الاهداف الروسية في ترسيخ حكم النظام السوري وبدء مرحلة الاعمار.

وتختم المصادر بالاشارة الى أنّ الاعلان الاميركي عن «صفقة القرن» سيكون في خانة العرض الأخير الذي سيُقدّم لتحقيق تسوية للنزاع العربي الاسرائيلي.

لكن هذه التسوية ولدت ميتة بعد الرفض العربي للصفقة، وبعد الرفض الفلسطيني الجازم للسير في خطة هضم الضفة الغربية، مع ما تعنيه من خطر تهجير فلسطينيي الـ67 ، وبعد هذا الرفض الذي يعني موت الخطة من الجانب العربي، سيكون الباب مفتوحاً امام حكومة نتنياهو الجديدة، لمحاولة تحقيق اهداف «صفقة القرن» بلا اتفاق، وهذا ما سيُعرّض المنطقة لهزات كبيرة، ولجولات جديدة من الأزمات، مما يقضي على أي احتمال لإعادة إحياء التسوية التي قدّمها العرب في مبادرة الملك عبدالله، في قمة بيروت.