أكثر من رسالة سياسية مباشرة وجهها رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل إلى خصومه في الاحتفال الذي أقامه الحزب لمناسبة يوم الشهيد في مسرح بلاتيا في جونية. فهو لم يتوان عن شن هجوم عنيف على “حزب الله”، من دون تسميته، معتبرا أن “هناك من يستخدم السلاح ليهيمن على قرار الدولة وسيادتها”، مشيرا إلى أن “الكتائب تريد أن تكون حجر الأساس لقيام معارضة وطنية تكون قادرة على مواجهة وضع اليد على قرار الدولة وسيادتها”.
وإذا كان رئيس “الكتائب” اتخذ هذا الموقف من باب تأكيد تمسكه بموقعه معارضا أول للسلطة التي انفرد في البقاء خارج حكومتها الثانية، فإن من شأن نجاح مبادرته هذه، أيا كان حجم الاستجابة لها، أن تعيد بعضا من التوازن السياسي-السيادي في ميزان القوى المحلي الذي لطالما اختل لصالح “حزب الله” وحلفائه، خصوصا في فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية، على ما يشير إليه مراقبون عبر “المركزية”.
وفيما هو يرصد ردود الفعل إزاء “ندائه” المعارض، تتيح مراقبة حثيثة للحركة التي تسجل في البيت المركزي الكتائبي في الصيفي، القول إن “الجميل والقيادة الحزبية المنتخبة منذ شهرين تعمل على ترتيب بيتها الداخلي قبل الانخراط في مشروع ما سماها رئيس الحزب”المعارضة الوطنية الواسعة”. بدليل أن الكواليس الإعلامية والسياسية تحفل بكلام عن أن الحزب يعمل على إعادة بعض قادته المخضرمين إلى صفوفه، استعدادا للمرحلة المقبلة. استنتاج يتيحه التكريم الذي خصت به القيادة الكتائبية القيادي العتيق كمال المر، مساء الثلثاء، وهو الذي كان أحد مؤسسي “المؤسسة اللبنانية للإرسال”، بدفع من الرئيس الشهيد بشير الجميل.
وتعليقا على هذا المشهد، أكدت مصادر قيادية كتائبية لـ “المركزية” أن “النداء المعارض الذي وجهه النائب سامي الجميل يوم السبت الفائت لم يكن مجرد كلام سياسي لا يصرف في أي مكان، بل هو نداء جدي نؤكد من خلاله القدرة على الاستقطاب وتقوم من أجله اتصالات في أكثر من اتجاه مع الأطراف والأصدقاء الذين يلتقون معنا على التوجهات السياسية والسيادية نفسها لأن لا يجوز الصمت عن الاختلال المتمادي في ميزان القوى”.
وإذ تشير إلى أن “أهمية صرخة الجميل تتأتى من السياق الذي أتت فيه”، لافتة إلى “فيما تتفرد الكتائب في حمل راية المعارضة، تبدو بعض القوى السياسية كمن يحاول وضع العصي في الدواليب ما يفسر أهمية أن تبادر الصيفي إلى إطلاق العنان لتحرك معارض وطني وواسع”.
أما في ما يخص الكلام عن عودة بعض الوجوه الكتائبية المخضرمة إلى حضن البيت المركزي، لفتت المصادر إلى أن “احتفال الثلثاء حمل أكثر من رسالة في هذا الشأن حيث شهد تكريم كمال المر، كما الحضور اللافت لبعض الوجوه التي رافقت الحزب في كثير من مراحله كمسعود الأشقر (أحد رفاق الرئيس الشهيد بشير الجميل)، علما أن هذا المسار انطلق منذ عودة فؤاد أبو ناضر، الذي يشغل منصب المستشار السياسي لرئيس الكتائب إلى حضن الحزب في كانون الأول 2017، وهو من المفترض أن يستمر في المرحلة اللاحقة”.