Site icon IMLebanon

الراعي: ألا يستحق لبنان أن يتبرع المتمولون الكبار لمصلحة خزينته؟

أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى ان “الكنيسة لا تنتظر مديحا من بشر، بل تطالب الدولة بالقيام بواجباتها تجاه الذين تتحمل أعباءهم المالية، وهم في عهدة مؤسسات الكنيسة. ثم من واجب الدولة دعم هذه المؤسسات ومثيلاتها في لبنان، لأنها ذات منفعة عامة لكونها تساعد الدولة في القيام بمسؤوليات تعود إليها، وهي عاجزة عن إنشاء مثلها وبمستواها العلمي والصحي والتقني والإداري والإنمائي”، مشيراً الى انه “بهذا الدعم تنخفض الأعباء المالية والأكلاف عن كاهل المواطنين الذين ينعمون بخدماتها”.

وتابع الراعي “ان عملية التضامن المشكورة التي قام بها كثيرون من أفراد ودول وسخوا بمساهماتهم المالية من أجل إعادة بناء كاتدرائية نوتردام في باريس، التي دمرها الحريق الهائل في معظمها وهز مشاعر الدول والشعوب، واعتبرت خسارة عالمية، تدفعنا للتساؤل: ألا يستحق لبنان المهدد إقتصاده وماليته بالانهيار أن يقوم المتمولون الكبار من أبنائه المقيمين والمنتشرين بالتبرع لمصلحة خزينته، تجنبا لانهيار هيكله على الجميع؟”

وقال الراعي في رسالة عيد الفصح: “نصلي لكي يفتح رجال السياسة والمسؤولون في الدولة قلوبهم ونفوسهم، بروح التوبة، لقبول الروح القدس الذي يريد المسيح القائم من الموت أن يبثه فيهم، فيخرجون من عتيق مسلكهم وتصرفاتهم، ومن أسر مصالحهم وحساباتهم وحصصهم وأفكارهم المسبقة، ومن حالة اللاثقة في ما بينهم، ويدخلون جديد القيامة، ويجتهدون في درس المشاريع الإنمائية من كل جوانبها وعدم فرضها على المواطنين قسرا، كما يجتهدون في رفع الظلم والهموم والحرمان والجوع عن الشعب اللبناني الذي يعبر عن مطالبه بكل أسف بإضرابات وتظاهرات واعتصامات وقطع طرقات وحرق إطارات، تأتي بالضرر على المواطنين ومصالح الدولة وسمعة لبنان.”

وأضاف الراعي “ما نشهده اليوم، بكل أسف، فهو إحلال المواطنة الدينية محل المواطنة السياسية، الظاهر في الحكم المذهبي في الوزارات والإدارات العامة، اضافة إلى شبه دويلات طائفية ونفوذ حزبي في المناطق، وتدخل سياسي في الإدارات العامة والتعيينات، حشو وزبائنية، وفي القضاء. اضافة إلى تجاوز بعض الأجهزة الأمنية صلاحياتها والقوانين حتى التدخل في ما هو من صلاحيات الجهاز القضائي”.

وتابع “كل هذه الأمور أضعفت الدولة وأفقدتها هيبتها، وفكفكت تراتبية السلطات الدستورية واستقلاليتها، وأدخلت الفساد الشامل، وبددت المال العام، وأوقعت البلاد في دائرة الخطر على المستوى الاقتصادي والعجز المالي وتنامي الدين العام. فلا بد من إصلاح سياسي أولا على ضوء تجربة المئة سنة، وما جرى ويجري في بلدان المنطقة، والسعي إلى إحلال نظام إقليمي جديد يعمم السلام من حولنا، ويحد من أطماع القوى الكبرى، فلا نكون مساحة لطموحاتها.

وأردف “في سياق العمل على تنظيم عملية التقشف، يجب أولا إقفال أبواب الهدر العديدة، وجمع أموال الدولة من مرافقها ومرافئها والضرائب والرسوم، وضبط التهريب والاستيراد غير المشروع، والتوجه إلى الأغنياء والقادرين قبل مطالبة المواطنين الرازحين أصلا تحت أعبائهم المالية، منعا لاتساع دائرة الفقر ولإذكاء ثورة الجياع”، ولفت الى انه “فيما لبنان يحتاج إلى استعادة الثقة به لدى الأسرة الدولية، يجب على السلطة السياسية أن تعمل بجدية وشفافية ومسؤولية على مواجهة أزماتنا الداخلية، والإسراع في إجراء الإصلاحات اللازمة”.

وختم الراعي “نناشد جميع وسائل الإعلام ومستخدمي تقنياتها الكف عن إظهار الوجه السلبي عندنا، ونشر الحقيقة الموضوعية، بعيدا من التجني والكذب والمأجورية. فباستطاعة هذه الوسائل أن تكون أداة حرب أو أداة سلام”.