Site icon IMLebanon

لبنان أمام أسبوعٍ مفْصلي

تستعدّ بيروت لأسبوعٍ مفْصلي في إطار تَكشُّف «الخيط الأبيض من الأسود» في الاقتراحاتِ التي «أُغرقتْ» بها البلاد في الأيام الماضية والمتّصلة بخفْض العجزِ في موازنة 2019 والتي راوحتْ بين اعتبار بعضها بمثابة «قنابل دخانية» لـ «جسّ النبض» وترسيم «حدود المُمْكِن» حيال «الخيارات المؤلمة» ذات القابلية لـ «المرور الآمِن»، وبين كون بعضها الآخَر بمثابة قراراتٍ «مع وقف التنفيذ» يجري إعداد «المسرح» لاعتمادها على وهْج تحذيراتِ الحدّ الأقصى من أن لبنان يقف «على مفترق اليونان» ومن أن «الكارثة تدقّ الأبواب».

وإذ يُتوقَّع أن يشهد الثلاثاء المقبل اجتماعاً مالياً يترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري لاستكمالِ بحثِ الإجراءات التي ستتضمّنها الموازنة والحصول على الإجابات من ممثلي مختلف القوى السياسية حول سلّة الأفكار التي نوقشتْ في الاجتماع السابق وسُرِّب بعضها إعلامياً ما تسبّب بحِراك في الشارع للمتقاعدين العسكريين والعاملين في القطاع العام اعتراضاً على أي منحى لخفْض رواتبهم، فإنّ اللافت أن هذه المحطة التي يفترض أن تسبق بدء مناقشة الموازنة على طاولة مجلس الوزراء يظلّلها مشهد مزدوج ارتسم في الساعات الماضية:

الأوّل بروز ملامح «سباقٍ» بين العديد من الأطراف على ما يشبه «قطْف ثمار» سقوط أفكارٍ مثل اقتطاع نسبة من رواتب موظّفي القطاع العام موقتاً بفعل استشعار الجميع بأنّ ردّ الفعل «المشحون بالغضب» من الشارع قبل أيام يعني أن الواقع المالي – الاقتصادي – المعيشي قد يشكّل «الخاصرة الرخوة» للوضع اللبناني الذي يصارع أيضاً للصمود بوجه «العواصف» الإقليمية. علماً أن «الغليان الشعبي» جَعَل خيارات خفض العجز بشقّها المتعلّق بالتخفيف من ثقل «الوزن المالي» للقطاع العام في الموازنة محصوراً بتجميد نسبة (نحو 15 في المئة) من الرواتب المرتفعة لثلاث سنوات على أن يعاد العمل بها بعدها مع فوائدها، الى جانب حصْر المساس بالتقديمات الاجتماعية ببعض الامتيازات والبدلات التي يستفيد منها بعض موظفي الفئة الأولى والمؤسسات بأرقام هائلة كشف عنها وزير المال في إطلالته التلفزيونية حيث نفى اي اتجاه للمساس بسلسلة الرتب والرواتب.

والثاني بروز «احتكاكات سياسية» على تخوم بعض الاقتراحات ذات الصلة بمخصصات العسكريين، بعدما أوحى وزير المال بتفاهماتٍ حصلت على تأطيرٍ للتدبير رقم 3 (يُمنح بموجبه العسكريون ورجال الأمن 3 أشهر كتعويض عن كل سنة خدمة) والحدّ من بعض الامتيازات، وهو ما قابله وزير الدفاع الياس بو صعب (من فريق الرئيس ميشال عون) مؤكداً أن «كل ما يتم تداوله عن اتفاق مع الجيش بشأن أي تخفيضات تطول رواتب العسكريين أو إلغاء التدبير (رقم 3) عار عن الصحة، وأي موازنة لا تناقش مع وزير الدفاع لا يكون الجيش معنياً بها».

وتستبعد الأوساط السياسية أن تتحوّل الموازنة أسيرةَ استقطاب سياسي بعد «محاصرتها» شعبياً، باعتبار أن مثل هذا الأمر سيرتّب أثماناً باهظة على «الوقت الثمين» الذي يحتاج إليه لبنان للوفاء بالتزاماته وتعهداته أمام الدول المانحة في مؤتمر «سيدر»، ناهيك عن مَخاطِر تحوّل «شدّ الحبال» حول آليات خفض العجز عامل استنزاف في السوق المالية لا يحتاج إليه لبنان الذي يواجه أيضاً ضغوطاً أميركية متصاعدة لجهة عدم السماح لـ «حزب الله» بالتفلّت من العقوبات عليه عبر القطاع المصرفي – المالي.

وفي هذا الإطار، وبمعزل عن الارتدادت البالغة السلبية على صورة الديبلوماسية اللبنانية التي ترَكها تسريبُ برقيتيْن من السفير في واشنطن إلى الخارجية حول لقاءيْ نائب رئيس الوزراء غسان حاصباني ووزير الاقتصاد منصور بطيش مع مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب مارشال بيلنغسلي الاسبوع الماضي ونشْر محضريْهما بإحدى الصحف، فإن مضمون اللقاءين عَكَس المنحى الأميركي المتشدد حيال «حزب الله» وإمكان تمدُّده الى حلفاء له وإن مع نفي واضح لأن يكون من بين هؤلاء الرئيس بري.

فبحسب البرقيتين، اعتبر بيلنغسلي ان حزب الله «يمثل سرطاناً داخل البنية السياسية اللبنانية والمجتمع اللبناني»، محمّلاً السياسيين الموارنة المسؤولية عن تضخم حجم الحزب ودوره، ومبدياً الأسف لدور رئيس الجمهورية ووزير الخارجية جبران باسيل في هذا المجال، قائلاً: «نأمل أن يتفهم وزير الخارجية أننا نتابع تصريحاته المتعلقة بحزب الله عن قرب. وتمنى أن يُبعد الوزير باسيل نفسه عن السيد حسن نصرالله وجماعته».

وإذ أعلن أن لا نية لفرض عقوبات على بري وأن الولايات المتحدة لا تستهدف الطائفة الشيعية ولا المصارف اللبنانية، وأنّها «تعمل على العلاج الكيميائي الدقيق والهادف»، قال: «أما بالنسبة للعملية الجراحية فالعقوبات حتماً قادمة»، لافتاً الى «أنه قد يكون من المناسب التركيز على منْع استيراد الحديد الإيراني الذي يُسوّق بأسعار أقل من سعر السوق ويدخل بطريقة مناقضة للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران».