تحتل القارة الافريقية حيزا مهمّا في الاستراتيجية التركية للتمدد في المنطقة، وما منح السودان لانقرة في كانون الاول 2017 امتياز تطوير جزيرة سواكن مع ما تشكله من موقع استراتيجي وحيوي على البحر الاحمر-العمق الاستراتيجي لدول الخليج- سوى مؤشر الى دخول تركيا الى حلبة تنافس جديدة مع هذه الدول وتحديدا الامارات والسعودية، تكون بمثابة امتداد للحلبة الشرق أوسطية. الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير حاول خلال توليه منصبه، مسك العصا من الوسط، محاولا التوفيق بين انتمائه الاخواني، وعلاقاته مع حلفائه الخليجيين. أما اليوم، وبعد الانقلاب، يبدو أن السودان يعيش الى جانب الصراع على السلطة في الداخل، تجاذبا خارجيا بين محورين، تركيا وقطر من جهة، والسعودية والامارات من جهة أخرى.
المحلل السياسي سامي نادر أشار عبر “المركزية” الى أن “حزب العدالة والتنمية صوّب السياسة التركية وقام منذ وصوله الى الحكم عام 2002 باستدارة نحو العالم العربي والاسلامي، بعد عقود من اعتماد اوروبا والغرب كبوصلة للدولة التركية”، مضيفا أن “العالم العربي الآسيوي والافريقي يشكل عمقا استراتيجيا لأنقرة، الامر الذي يتطلب المزيد من الحضور والنفوذ السياسي والعسكري، فانتهجت سياسة القوة الناعمة، وتغلغلت من خلال القضية الجوهرية لدى العالم العربي، “القضية الفلسطينية”، حاجزة لنفسها موقعا في نفوس العديد من الشعوب العربية والافريقية”.
ولفت الى ان “تركيا لم تكتف بذلك بل كانت تطمح للمزيد، فخاضت معركة الاخوان المسلمين خلال الربيع العربي، على رغم فشل مشروعها، إلا أنها عادت ودخلت من البوابة السورية على حساب دول الخليج، ما وضعها في حالة تنافس حول من يتزعم العالم الاسلامي السني”، مشيرا الى أن “الصورة التي رسمها أردوغان لنفسه كرأس حربة في الدفاع عن الثورة السورية فضلا عن تمايزه عن اميركا، جعلته مرجعية للكثير من المسلمين، وجاءت استثمارات تركيا الاقتصادية لتثبت هذا الواقع، كما حصل في السودان، وفي القارة السمراء عموما، الامر الذي لن يروق في طبيعة الحال للدول الخليجية التي تعتبر البحر الاحمر مركز نفوذها المباشر”.