Site icon IMLebanon

“رسالة قويّة” من ترامب إلى إيران

 

أظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزما قويا لتنفيذ استراتيجيته في محاصرة إيران من خلال إنهاء الإعفاءات التي سمح بموجبها لثماني دول بشراء النفط الإيراني، فضلا عن إظهار تشدد مماثل تجاه تنفيذ العقوبات المفروض على الحرس الثوري.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن منحت واشنطن حلفاءها الوقت الكافي لإعادة ترتيب تعاملاتها النفطية والبحث عن قنوات بديلة.

وتحركت دول إقليمية لدعم قرار الرئيس الأميركي بإنهاء مهلة الإعفاءات وإحكام تنفيذ العقوبات حتى تحقيق “صادرات صفر” من الخام في إيران التي تستمر بالمكابرة وترفض مراجعة تدخلاتها الإقليمية.

وقال ترامب، الاثنين، إن السعودية وغيرها من دول أوبك، حليفة بلاده، ستساعد في التعويض بسهولة عن أي نقص في إمدادات النفط بسبب قراره تشديد العقوبات على صادرات النفط الإيرانية. بل وستزيد الفارق في تدفق النفط الناجم عن فرضنا الآن عقوبات كاملة على النفط الإيراني.

بدوره، أعلن البيت الأبيض أن “الولايات المتحدة والسعودية والإمارات العربية المتحدة، وهي ثلاث دول من أكبر منتجي الطاقة في العالم، مع أصدقائنا وحلفائنا، تلتزم بتأمين ما يكفي من الإمدادات لأسواق النفط العالمية”.

ويأتي التفاعل السريع مع قرار ترامب كرسالة سياسية لإيران مفادها أن الاستمرار في تهديد الأمن الإقليمي، وتغذية الصراعات الطائفية، وزيادة منسوب الاحتقان من بوابة المضي في إنتاج صواريخ باليستية لا يمكن القبول بها كأمر واقع، وأن من حق العالم، وخاصة دول المنطقة، التحرك لإجبار السلطات في طهران على التراجع والتفكير بخيارات جديدة.

وفاجأ العراق أقرب حلفاء إيران بإعلان زيادة صادراته النفطية بربع مليون برميل يوميا لسد النقص “في حال تطلبت السوق ذلك”، مما يمثل ضربة سياسية للعلاقات العراقية الإيرانية.

وقال مسؤول حكومي عراقي طالبا عدم كشف هويته، “لدينا القدرة على زيادة الصادرات بربع مليون برميل يوميا في أي وقت لسدّ حاجة السوق”.

ولم يذكر المسؤول ما إذا ما كانت بلاده، ثاني منتج للنفط في أوبك، قد ناقشت مسألة زيادة الإنتاج مع المنظمة أو مع الولايات المتحدة.

ويقول مراقبون إن إعلان العراق عن زيادة إنتاجه من النفط للمساهمة في إنجاح العقوبات على إيران سيكون بمثابة صدمة للقيادة الإيرانية التي كانت تراهن على العراق كبوابة رئيسية لكسر الحظر الأميركي، وإن في ذلك رسالة قوية على أن نفوذ الميليشيات والأحزاب الحليفة لها في بغداد لا يعني أنها هيمنت على العراق وحولته إلى فناء خلفي لمصالحها.

تركيا وحدها أعلنت وقوفها ضد القرار الأميركي، واعتبر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو أن وقف الولايات المتحدة الإعفاءات من حظر استيراد النفط الإيراني لن يخدم السلام والاستقرار الإقليميين.

ويعتقد المراقبون أن موقف جاويش أوغلو لا يتعدى كونه تسجيل موقف لإرضاء إيران، وأن تركيا ستجد نفسها كما البقية مجبرة على تنفيذ العقوبات، وإلا ستكون عرضة لعقوبات قاسية، خاصة أنها لا تزال تعاني من مخلفات عقوبات سابقة كانت سببا مباشرا في تراجع مستمر لقيمة الليرة.

وأخذت خطة الرئيس ترامب ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن “صادرات صفر” وقتها لكي يستعد الجميع، ولكي لا توحي بأن القصد معاقبة زبائن النفط الإيراني من أصدقاء أو حلفاء واشنطن.

وعمدت الإدارة الأميركية إلى منح الاستثناءات التي تعني فسحة زمنية وعملياتية لتوفير مصادر بديلة من النفط.

واعتبارا من مطلع مايو، ستواجه الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا واليابان وتايوان وإيطاليا واليونان، عقوبات أميركية إذا استمرت في شراء النفط الإيراني.

ويدرك الخبراء أن عملية تحويل المصافي من نوعية نفط بكثافة معينة إلى أخرى، يحتاج إلى أسابيع من إعادة تنظيم مستويات الحرارة في أبراج الفصل والتقطير أيضا.

وأخذ حلفاء الولايات المتحدة في الخليج وقتهم للاستعداد من ناحية الإنتاج وإلى التأكد بأن إدارة ترامب جادة في تطبيق الحظر وأن الإجراء الأميركي ليس مجرد عملية استعراضية.

وتستمر إيران في التعامل مع العقوبات تعاملا سياسيا في سياق خطاب تسجيل النقاط وإظهار التشدد في المواقف دون أن تبحث عن التأثيرات القوية للخطوات الأميركية المتتالية الهادفة إلى منع تصدير نفطها.