على الرغم من توضيح بعبدا لتصريحات الرئيس عون صبيحة عيد الفصح في بكركي، من انه لم يكن يقصد لا الرئيس سعد الحريري ولا وزير المال علي حسن خليل “بقلة الخبرة” في الوضع المالي، وحرص رئيس الحكومة، فور عودته إلى بيروت، على الاتصال بالرئيس عون معايداً بالفصح، حيث اتفقا على لقاء قريب، وعلى عدم الرد على رئيس الجمهورية ولو بطريقة غير مباشرة، فإن ذلك لا يعني سوى استمرار الخلاف في وجهات النظر حيال معالجة الأزمة المالية، وطبيعة الإجراءات الإصلاحية التي يفترض أن يتضمنها مشروع موازنة العام 2019 ، لتكون بحق موازنة تقشفية تستطيع ان تضع البلد على أول درجات الخلاص.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان تطيير الاجتماع الثاني في “بيت الوسط” لممثلي الكتل السياسية والنيابية، والذي كان مقرراً اليوم، بهدف التوافق على إجراءات الموازنة، قد يكون بمثابة ردّ على تطيير الاجتماع المالي في بعبدا الخميس الماضي، وإن كان لا علاقة له بالموازنة، لكنه بالتأكيد ينطوي على خلافات ليست فقط بين فريقي رئيس الحكومة والجمهورية، بل داخل البيت الواحد، ولا سيما بين جناحي وزيري الخارجية والاقتصاد، حيث لكل جناح وجهة نظره حيال التخفيضات التي يجب أن تطرأ على مشروع الموازنة.
وفيما كشف وزير التربية أكرم شهيب لـ”اللواء”، من انه لم توجه الى فريقه السياسي (الحزب الاشتراكي) دعوة للاجتماع الثلثاء في “بيت الوسط”، كان لافتاً للانتباه كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصر الله، من أن حزبه جاهز اعتباراً من يوم الأربعاء المقبل ليكون جزءاً من اتخاذ القرار المناسب في شأن الموازنة، سواء في مجلس الوزراء أو في لقاءات داخلية، من دون أن يوضح أسباب تحديد يوم الأربعاء، وليس الثلاثاء حيث يفترض عقد الاجتماع الثاني للكتل النيابية والسياسية، أو يوم الخميس المقبل، وهو الموعد المحتمل لمجلس الوزراء، حيث يُصرّ الرئيس عون على ان يطرح فيه مشروع الموازنة.
وزاد في غموض الأمور، إشارة الرئيس الحريري إلى ان هناك اجتماعاً أخيراً لموضوع الموازنة، لافتاً إلى ان السبب الاساسي في تأخير انجازها هو التوافق على الأرقام والتخفيضات التي سنجريها، لافتاً إلى أن الخميس سنكون جاهزين ان شاء الله”.
لكن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري الذي أورد وقائع “الدردشة” التي جرت مع الإعلاميين، بعد استقباله عصراً في “بيت الوسط” المستشار في الديوان الملكي السعودي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، لم يشر إلى جهوزية الحكومة لبدء درس مشروع الموازنة يوم الخميس المقبل، الا انه شدد (أي الحريري) على ان الإصلاح في موضوع الاقتصاد والنمو يتطلب توافق جميع الأطراف المشاركة في مجلس الوزراء، لأنه ليس باستطاعة أي مسؤول ان يقوم بمفرده بهذه المهمة، والأمر نفسه يسري على عملية التقشف”.
ونفى الحريري ما يتردد من انه لن تكون هناك أموال في ظل التقشف، مؤكداً ان هذا التقشف سيؤدي إلى طرح مشاريع “سيدر” كلّها على طاولة مجلس الوزراء، ومن ثم نبدأ بتنفيذ مشروع وراء مشروع، وهذا هو الأساس، أي ان يكون النمو مع التقشف، مشيراً إلى انه من المؤكد انه في العام المقبل لن يكون هناك تقشف لأننا نكون قد توصلنا إلى تأمين التيار الكهربائي 24 على 24 مع زيادة التعرفة، وهذا الأمر يساعدنا بالوصول إلى الأرقام التي نريد ان نتوصل إليها في العامين 2020 و2021.
ولم يشأ الردّ عمّا قاله الرئيس عون في بكركي، لكنه قال انه “يفهم ان كلا من الاحزاب السياسية يريد ان يزيد رصيده، ولكن بالنسبة لي هي النتيجة، وان يُقرّ مجلس الوزراء موازنة فيها إصلاح كبير جداً من أجل مستقبل أولادنا، وما يهمني هو ان نتشارك جميعاً في هذا الموضوع، نريد أن نأكل العنب ولا نريد قتل الناطور”.