أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أن “قطاعنا المصرفي لديه رسملة مرتفعة، ونسبة ملاءة تساوي 16% طبقا لمقررات بازل 3، وقد نجح في تطبيق المعايير المحاسبية الجديدة مثل الـ IFRS 9، فضلًا عن وجود إدارة مصرفية رشيدة ولجان مختصة بإدارة المخاطر. كما أن سياسة مصرف لبنان التي تقضي بعدم إفلاس المصارف بل بدفعها إلى الدمج في حال واجهت صعوبات، ساهمت في توسيع قاعدة الودائع في لبنان التي باتت تمثل 4 أضعاف إجمالي الناتج المحلي|.
وأضاف سلامة، خلال مشاركته في افتتاح أعمال “منتدى اليوم العربي للشمول المالي 2019” تحت عنوان “مناهج مبتكرة لتعزيز الشمول المالي” في المعهد العالي للأعمال ESA: “إن توافر الأموال في لبنان، البلد المدولر، خاصة بالعملة الأجنبية، من الأمور التي ساهمت في تأمين خدمات مصرفية للمجتمع اللبناني وساعدت أيضا الاقتصاد اللبناني. هناك مفارقة لدى التحدث عن القطاع المالي أو الاقتصاد اللبناني، بسبب عدم تعامل لبنان بعملته الوطنية، بل بالدولار. نحن واقعيون وقد قبلنا بهذا الواقع، فنسبة دولرة الودائع قاربت الـ 72%، وهذا القبول ناتج من رغبتنا في إعطاء الأولوية للنمو الاقتصادي ولتوسع الخدمات المالية في لبنان. وقد حققنا ذلك. ثمة صعوبة أخرى تقضي بالمحافظة الدائمة على الثقة لأن الدولارات الموجودة في لبنان لا تتأتى من الصادرات ولا من مواد أولية، بل هي مبنية على حرية التعامل وعلى التحاويل والعمليات المالية التي تتم ما بين القطاع المصرفي والبنك المركزي”.
ولفت إلى أن “القروض الاستهلاكية، التي انطلقت منذ سنوات، ساعدت أيضا اللبنانيين في حياتهم اليومية وشكّلت مدخلا للتعاطي ما بين المواطنين والقطاع المصرفي. هذه القروض الاستهلاكية، باستثناء القروض السكنية، تشكّل 15% من محفظة القروض الائتمانية في القطاع المصرفي”.
وتابع: “نحن نتطلع إلى الأمام، وقد أقر مصرف لبنان رزمة جديدة من القروض المدعومة. في ما يتعلق بالقروض السكنية، تبلغ ما يوازي 220 مليون دولار، يضاف إليها قرض منحه الصندوق الكويتي، والذي سيشكل مع قرض من بنك الإسكان 167 مليون دولار، قرض بالدينار الكويتي قدمه الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لمصرف الإسكان وقيمته 165 مليون دولار. نحن نعتبر أن هذا المبلغ كاف لتمويل الحاجات السكنية في لبنان. لم تلتزم أو لم تشأ جميع المصارف تطبيق تعميم مصرف لبنان المتعلق بالقروض السكنية. لكن هذا لا يعني عدم وجود قروض سكنية مدعومة لهذا العام. على المواطن أن يبحث عن المصارف التي التزمت تعميم مصرف لبنان وشاركت في هذا البرنامج وشروطه، أي المصارف القادرة على تأمين هذه القروض السكنية”.
وذكر أن “من ناحية أخرى، خصصنا أخيرا قروضا مدعومة للقطاعات الإنتاجية بقيمة 500 مليون دولار، تراوح فوائدها بين 5,5% و7% بحسب كل مشروع، وهي تساعد لبنان في وقت يشهد فيه معدلات فائدة مرتفعة نظرا الى كل التوترات والأزمات التي مر بها، لاسيما الفراغ الحكومي لنحو 9 أشهر. كما أن مصرف لبنان سيساعد في تطوير التقنيات المصرفية، وهو في صدد إصدار تعميم حول تنظيم العمل بواسطة أدوات تقنية مختلفة. نحن نسعى إلى وضع جميع هذه العمليات تحت مظلة المصارف، أي أن يتم التعرف على كل عميل يستعمل هذه التقنيات المختلفة. وسنشمل في تلك التقنيات استخدام العملة الرقمية التي سيصدرها البنك المركزي، مع الإشارة إلى أن كل ما يستتبع إصدار هذه العملة يترك للقطاع المصرفي والمؤسسات التي قد تنشأ من أجل تقديم التسهيلات المالية بطرق تقنية حديثة، بالاتفاق مع المصارف أو بتقديم خدمات لها”.
وأكد أن “مقاصة العمليات التي ترتكز على العملة الرقمية ستكون مقاصة منظمة ضمن القطاع المصرفي. وسيقتصر دور مصرف لبنان على الترخيص للمؤسسات التي تقدم خدمات مالية بوسائل إلكترونية، بحسب الشروط المنصوص عليها في تعاميم مصرف لبنان. هنا أيضا، سيقوم المركزي فقط بإصدار العملة الرقمية ويدع كل ما يستتبع ذلك للقطاع المالي، بالأخص القطاع المصرفي”، ذاكرا أن “الشمول المالي يقضي أيضا بإشراك المواطن اللبناني المقيم وغير المقيم بتمويل الاقتصاد اللبناني. فهذا من جهة يدعم الاقتصاد، وقد يكون أيضا مدخلا لتكوين مدخرات بطريقة مختلفة. أما هيئة الأسواق المالية، فهي تقوم بالخطوات النهائية لإطلاق منصة تداول إلكترونية تدرج عليها الأسهم، لا سيما أسهم الشركات الناشئة”.