عول المسؤولون الاميركيون على دور لبناني كبير في عملية إخراج حزب الله من الميادين العربية حيث يقاتل، انسجاما مع سياسة “النأي بالنفس” التي تعتمدها الحكومة، وفي نزع سلاحه أيضا من خلال طاولة حوار وطني تناقش الاستراتيجية الدفاعية تعهّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكثر من مرة بأنه سينظّمها في قصر بعبدا، غير ان آمالهم في وضع بيروت هذا القطار على السكة، خاب الى حدّ الانعدام تحت وطأة الوقائع السياسية والميدانية، المحلية والاقليمية.
إزاء هذا التعثّر، تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” ان الادارة الاميركية قررت استعادة المبادرة والتحرك بنفسها للوصول الى أحد أهم أهداف سياساتها الخارجية “تقليم أظافر ايران وأبرز أذرعها العسكرية في المنطقة، “حزب الله”.
أما أهمّ أدوات الرئيس الاميركي دونالد ترامب للوصول الى مبتغاه، فهي العقوبات الاقتصادية التي أعاد فرضها على ايران وكل المتعاملين معها وعلى قواتها العسكرية، منذ انسحابه من الاتفاق النووي في ايار الماضي، وهو لا ينفكّ يشددها ويوسّعها وقد بات شعاره “لا حاجة لأي مواجهات عسكرية ولا لحروب، فالخناق الاقتصادي كفيل بالقضاء على حزب الله وإن استغرق ذلك مدة زمنية أطول”.
وفيما لا يمرّ أسبوع دون ان تدرج واشنطن شخصيات تقول انها مقرّبة من الحزب او داعمة له على لائحة الارهاب، كان آخر فصول هذه المطاردة أمس، اذ أطلقت الولايات المتحدة، مبادرة ترمي إلى تجفيف تمويل حزب الله وتقديم مكافآت مالية تصل قيمتها إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تفيد في تحقيق تلك الغاية. وكشف مساعد وزير الخزانة لتمويل الإرهاب، مارشال بيلينغسليا، في مؤتمر صحافي عقد للإعلان عن المبادرة، أن قيمة المكافأة التي سيتم تقديمها تبلغ 10 ملايين دولار، لقاء أي معلومات تساهم في عرقلة تمويل شبكة حزب الله. وأضاف “نسعى لعزل التنظيم الإرهابي وكشف موارده المالية، واستهداف زعمائه في أي مكان بالعالم”. وبيّن بيلينغسليا أن هناك ثلاثة أشخاص يلعبون دورا بارزا في دعم حزب الله، من خلال شبكات تمتد في أربع قارات، وتتعاون مع حكومات فاسدة، وتتاجر بالمخدرات والممنوعات، وهم محمد بزي وأدهم طباجة وعلي شرارة. وأشار الى أن هؤلاء نجحوا في بعض البلدان بالهيمنة على قطاعات مهمة، وتغلغلوا في النظام المالي العالمي، خدمة لحزب الله اللبناني الذي يتلقى أوامره من طهران.
المصادر تشير الى ان البيت الابيض بات مقتنعا بان العقوبات خيار مثالي وهي الانجع، ويعتبر انها بدأت تفعل فعلها في جسم حزب الله الذي بدأ يعاني من تداعيات هذا الخناق، الى درجة ان امينه العام السيد حسن نصرالله دعا في إطلالاته الاخيرة، قواعده الى مضاعفة التبرعات للحزب لمواجهة الضائقة التي يمرّ بها. من هنا، فإنها في صدد تشديدها أكثر في المرحلة المقبلة.
وفي عود على بدء، تقول المصادر ان الادارة الاميركية كانت لتكون أقل حماسة واندفاعا في مسألة “حزب الله” و”خنقه”، لو لمست ان الدولة اللبنانية تقوم بما تعهّدت به لناحية “النأي بالنفس” من جهة، و”الاستراتيجية” من جهة ثانية، غير ان “تقاعسها” في هاتين النقطتين عزز الخيارات الاكثر خشونة ولجوءها الى “العصا الغليظة” ضد الضاحية، على حد ّتعبيرها.