كتب انطوان غطاس صعب في صحيفة “اللواء”:
عُلم أنّ الاتصالات السياسية بين الرؤساء الثلاثة لم تنقطع في فرصة الأعياد وكان هناك نصائح متبادلة بينهم للإسراع في إيجاد الحلول للأزمات المتفاقمة وما يمكن أن يخفّف من وطأتها بفعل الإجراءات التي تُرضي الجميع على اعتبار أنه تبيّن لهم أنّ المساس بحقوق الطبقتين الفقيرة والمتوسطة سيؤدي إلى هرج ومرج والمخاوف من دخول طابور خامس على خط تظاهرات الشارع، وهذا ما تؤكده مراجع أمنية عن معلومات لديها في هذا السياق من خلال استغلال ما يجري من تطورات في الشارع وتعاطف الناس مع المتظاهرين، على اعتبار أنّ هذا الحراك مطلبي ويصب لصالح كل الطبقات أمام المعاناة التي يرزحون تحت عبئها وبالتالي حصول ما كان يجري في مراحل سابقة من خلال دخول طابور خامس أو سادس وسواهما وهذا ما يؤدي بالمحصلة إلى إرباك وخلل وإشكالات وأكثر من ذلك بكثير.
من هذا المنطلق، فإنّ المعلومات من مصادر المقار الرئاسية تؤكد على حصول لقاء قريب بين رئيسي الجمهورية والحكومة إلى التشاور الدائم بين السراي وعين التينة وكل ذلك لعدم إطالة الإقدام على أي خطوات اقتصادية ومعيشية واجتماعية وعلى وجه الخصوص إصلاح الوضع المالي بشكل مدروس دون المس أو التعرض لسلسلة الرتب والرواتب وربما ذلك يحصل في جوانب معينة بشكل طفيف ولكن حتى الساعة ووفق المتابعين ليس هناك من أي حلول واضحة بل ما زال الوضع مدار تشاور واتصالات بين المعنيين وإنّ قوى سياسية عديدة استعانت مؤخرًا بخبراء ماليين واقتصاديين للتشاور والوقوف على آرائها في سياق المناقشات التي تحصل على مستوى الحكومة والمجلس النيابي.
وفي إطار آخر، كشفت مصادر حكومية أنّ الاجتماع الأخير لمجلس الدفاع الأعلى الذي انعقد في قصر بعبدا والذي كان مفاجئًا واستثنائيًّا حتى لمعظم المشاركين فيه، تطرق لما يمكن أن يحصل في الشارع واستغلال الأوضاع الاقتصادية والمالية المأزومة لإحداث خرق أمني، وبناءً عليه فقد اتُّخذت خطوات وإجراءات من قبل الأجهزة الأمنية المعنية بغية التحسّب لأي طارئ، وهذا ما تمّ التوافق عليه أثناء هذا الاجتماع، وثمة خطوات كثيرة اتُخذت وبقيت في إطار السرية التامة على أن تتابع الأجهزة المختصة إجراءاتها ولديها آلياتها ومعلوماتها وكل ما يتصل بذلك بصلة، لاسيما وأنّ الأمور في غاية الدقة والحساسية في هذه المرحلة الصعبة التي يجتازها البلد داخليًّا وإقليميًّا، وعلى هذا الأساس يُتوقّع أن تكون القوى الأمنية والمعنيين في جهوزية تامة على أن تكون أي تظاهرات ضمن القوانين المرعية الإجراء، وخاضعة لمراقبة ومتابعة بشكل حثيث من القوى الأمنية كافة.
ويبقى أنّ الأيام القليلة المقبلة ستكون مفصلية على صعيد القرار الذي سيُتّخذ ماليًّا واقتصاديًّا وثمة معلومات وتأكيدات بأنّ الحكومة لن تُقدم على أية دعسة ناقصة لا بل سترفع منسوب التشاور مع سائر الأطراف والقوى السياسية والحزبية كي لا تكون هناك أية معارضة لهذه الخطوات والأمور تسير في هذا الاتجاه وإن كانت ملامح ما ستقدم عليه قد بدت واضحة وهناك قوى سياسية أضحت في الأجواء، ولكنّ المخاوف قائمة من حراك الشارع والذي سيتفاعل هذه المرة بشكل غير مسبوق، وبمعنى أوضح كل الاحتمالات واردة إذ قد تحصل ردود فعل وتحركات تفوق تحسّب وقدرة الدولة والحكومة مجتمعةً على مواجهتها لاسيما أنّ هذه الأوضاع البالغة الدقة تأتي ربطًا بما يجري في المنطقة وعلى مستوى العقوبات على إيران، والمخاوف هنا ما إن تدخل بعض القوى والجهات على هذا الخط لاستغلال ما يجري في الشارع والحراك المطلبي وإن كانت هذه الأمور موضع قراءة من قبل المعنيين، لذلك لبنان أمام أسابيع حساسة وفي غاية الدقة، ليبنى على الشيء مقتضاه.