Site icon IMLebanon

“الكتائب” والمعارضة: الحب المستحيل (بقلم راجي كيروز)

منذ ثلاث سنوات، استقال حزب “الكتائب اللبنانية” من حكومة الرئيس تمام سلام، وتبنى منذ ذاك اليوم نهجًا معارضًا للسلطة، بقيادة رئيسه النائب سامي الجميّل.

حتى اليوم، لا يزال الجميّل يتسلّح بـ”معارضته”، ويتغنى بأنه من خارج السلطة الفاسدة، منتقدًا صفقاتها ومحاصصتها ومنطق “مرّقلي ت مرّقلك”.

في الجوهر، خطاب الجميّل تقدّمي، فهو ليس طائفيًا، بل على العكس ينادي بالوحدة بين الجميع رغم كون “الكتائب” حزبًا مسيحيًا يمينيًا، كما أنه علمي ونقدي بامتياز ضد السلطة، إذ يعارض بأريحية تامة لكونه خارج الحكومة، فضلًا عن أنه يتسلح باستقالته من الحكومة قبل ثلاث سنوات، بمنطق أنه لم يقبل بالاستمرار في الفساد.

لكن “معارضة” الجميّل لم تربحه مقاعد إضافية في الانتخابات النيابية الأخيرة، بل أفقدته مقعدين، وأصبحت كتلة “الكتائب” مؤلّفة من ثلاثة نواب فقط: هو، وابن عمه النائب نديم الجميّل، وزميله في المتن النائب الياس حنكش. كتلة غير وازنة برلمانيًا، فضلًا عن الشرخ الظاهر بين أبناء العم، إلا أن هذا لم يمنع رئيس “الكتائب” من الحفاظ على خطابه المعارض داخل البرلمان.

في الانتخابات ذاتها، خالف الجميّل معارضته بتحالفه مع حزب “القوات اللبنانية” في دوائر زحلة وبيروت الأولى والبترون. فـ”القوات” جزء من السلطة التي يتهمها الجميّل بالفساد، بغض النظر إن كان الحزب فاسدًا فعلًا أم لا، لذا من غير الممكن للمعارض أن يتحالف مع حزب في السلطة والحفاظ على معارضته في الوقت نفسه.

مطب ثان واجه معارضة “الكتائب” بعد الانتخابات، وهو تسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة. أوضح الجميّل حينها أن “اختيار الحريري لإعطاء فرصةً للعهد والحكومة للانطلاق”، لكن الحريري أيضًا جزء أساسي من السلطة التي يتهمها الجميّل بالفساد، وهو نفسه لم يوفّر فرصةً إلا وانتقد حكومة “استعادة الثقة” التي كان الحريري رئيسها، فكيف يجدد له الثقة؟

وليس آخرًا، التقى الجميّل وفدًا من الحزب “التقدمي الاشتراكي”، منذ أسبوعين تقريبًا. وفي معرض حديثه، أشار إلى أن “الكتائب والاشتراكي يتقاسمان عددًا من المواقف المشتركة”، وتمنى على الوفد أن “ينتقلوا إلى المعارضة لتشكيل تكتل معارض أكبر في مجلس النواب”. مجددًا، أليس “الاشتراكي” جزءًا من السلطة؟

وبالأمس، استقبل الجميّل رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية في بيت “الكتائب” في الصيفي، حيث نوّه الأول بـ”القيم المشتركة” التي تجمع الطرفين، وقال ممازحًا عن فرنجية: “يقول إنه نصف معارضة ونصف موالاة، ونحن نحاول أن نشدّه ليكون في صفوف المعارضة”. الجميّل يريد فرنجية أيضًا في المعارضة. فرنجية الذي دائمًا ما كان جزءًا من السلطة، فضلًا عن كونه حليفًا وثيقًا لـ”حزب الله”، خصم الجميّل الأساسي.

وبذلك يتبين أن خلال سنة واحدة فقط، أي ثلث مدة “معارضته”، التقى الجميّل تقريبًا مع نصف أركان السلطة التي يتهمها بالفساد، ودعا جزءًا منها إلى الانضمام له في المعارضة… ولذلك فإن السؤال مشروع: “من يعارض الجميّل تحديدًا؟ وما مفهومه للمعارضة؟”