أضر انخفاض عدد القادمين من السعودية وحلفائها الخليجيين إلى لبنان بقطاع السياحة الذي كان ركيزة لاقتصاد منهك تعهدت حكومة الحريري الجديدة بإنعاشه، وهي لا تزال تتلمس طريق الإصلاح في ظل مزايدات سياسية تعرقل تحقيق أي تقدم.
وقال الحريري في مؤتمر بالعاصمة بيروت حضره رئيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية “لا شك أن القرار الذي اتخذته القيادة السعودية مشكورة، برفع الحظر عن سفر الأشقاء السعوديين إلى لبنان كان له أبلغ الأثر في زيادة عدد الوافدين إلى لبنان مؤخرا ما يشكل خير دليل على صيف واعد ينتظره اللبنانيون”.
وشدد الحريري على أن “السعودية دولة صديقة للبنان ولطالما وقفت إلى جانبه وتحرص على مساعدته في كل المحن، دونما تمييز بين اللبنانيين، ودون تفرقة بين حليف وصديق، مضيفا أن “المملكة كانت السباقة دائما بالاهتمام المتواصل بقضايا لبنان ومشاكله وما يتعرض له من اعتداءات إسرائيلية على مر السنين، فضلا عن المساعدة على حل أزماته الداخلية والتخفيف من تداعيات ومؤثرات الأزمات الاقتصادية والمالية المتتالية”.
وكان المستشار في الديوان الملكي السعودي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبدالله الربيعة، قد وصل الاثنين إلى لبنان في مهمة إنسانية لدعم البرامج الإغاثية والإنسانية للمحتاجين في لبنان والنازحين السوريين.
وقال رئيس الوزراء اللبناني إن زيارة المستشار في الديوان الملكي إلى بيروت، “تعكس رغبة حقيقية لقادة المملكة في التأكيد على تعميق روابط الأخوة مع اللبنانيين ودعم وحدة واستقلال وسيادة لبنان وصيغة العيش المشترك بين كافة مكوناته في المنطقة، وتحصين وجوده من تداعيات الأزمات الإقليمية والتدخلات التي تعصف بالعديد من الدول”.
وذكر الحريري أنه يأمل في أن يساعد تعهد الرياض بمساعدة الأسر اللبنانية المحتاجة في عقد سلسلة من الاتفاقيات بين البلدين.
ووقع المستشار في الديوان الملكي السعودي في وقت لاحق الأربعاء مع ممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت دومينيك هايد، اتفاقية بقيمة خمسة ملايين دولار لتقديم مساعدات نقدية للاجئين السوريين الأكثر ضعفا في لبنان.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان صحافي، إن الاتفاقية ستوفر “مساعدة نقدية لـ4244 عائلة من اللاجئين السوريين الأكثر ضعفاً في لبنان (ما يقرب من 30 ألف لاجئ) لتغطية احتياجاتهم العاجلة لمدة ستة أشهر”.
وأعلن الربيعة أن هذه المساهمة تعكس “التزام حكومة المملكة العربية السعودية بالتخفيف من محنة اللاجئين على الصعيدين الإقليمي والعالمي”.
وقال إن العمل الإغاثي هو مسؤولية الجميع، وينبغي تضافر جهود المجتمع الإنساني، لتخفيف العبء على الدول المستضيفة للاجئين.
وأكد الربيعة أن بلاده “تقدر الدور الكبير الذي تقدمه جمهورية لبنان الشقيقة حكومة وشعبا للمجتمع الدولي، باستضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين الذين أووا إليها بسبب الصراع الدائر في جمهورية سوريا، والدور الذي تضطلع به المنظمات الإغاثية الأممية والدولية والمحلية التي تقوم بإدارة شؤون اللاجئين السوريين”.
ويشكو لبنان من عبء النزوح السوري على اقتصاده المنهك في ظل تذبذب الدعم الدولي، وقد أعلن الحريري أنه لن يخصص دعما للنازحين السوريين في الموازنة القادمة.
وتبدي دوائر سياسية لبنانية تفاؤلا بعودة العلاقات السعودية اللبنانية إلى سالف عهدها، وسط آمال معقودة على دعم لبنان في أزمته الاقتصادية.
وتعد السعودية أحد ابرز الداعمين الاقتصاديين للبنان، لكن بفعل السياسات الخارجية لهذا البلد، وخرق أحد مكوناته وهو حزب الله مبدأ النأي بالنفس وانخراطه في حروب إقليمية لفائدة إيران، تراجع هذا الدعم خلال السنوات الأخيرة.
وحذرت السعودية وعدد من الدول الخليجية مواطنيها مرارا من السفر إلى لبنان منذ يناير 2011، لدواع أمنية لا تخلو من مسحة سياسية.
وشهدت علاقة السعودية بلبنان تدهورا واضحا في نوفمبر 2017 على خلفية إعلان الحريري استقالته من رئاسة الحكومة الأولى من الرياض، حيث حاولت بعض القوى ويتقدمها حزب الله وحليفه رئيس الجمهورية ميشال عون، استغلال ذلك لشن حملة على المملكة.
وتم احتواء الأزمة بسحب الحريري استقالته، وظلت العلاقة فاترة بيد أنه في الأشهر الماضية لوحظت بشكل ملموس عودة الحرارة على خط بيروت والرياض.
وسبق أن قال رئيس الوزراء اللبناني في ديسمبر الماضي خلال زيارة له إلى بريطانيا إنه فور تشكيل حكومة الوحدة الوطنية (جرى في نهاية يناير) “سترون السعودية تتخذ بعض الخطوات الجادة باتجاه لبنان ومساعدته اقتصاديا”.
وفي ظل الركود الذي تعاني منه ركائز اقتصادية مثل السياحة والعقارات، عانى لبنان من نمو اقتصادي منخفض لسنوات وأصبح أحد أكثر دول العالم ثقلا بأعباء الدين العام.