كتبت ايلده الغصين في “الاخبار”:
«لقد حجب هذا الموقع بناء لأمر القضاء اللبناني/ وزارة الاتصالات»، هذا ما يظهر لدى زيارة موقع «This Is Lebanon»، المعني بتوثيق حالات اعتداء على العاملات والعمال الأجانب في لبنان. أمر قضاء العجلة بـ«إغلاق الموقع فوراً»، جاء على خلفيّة استدعاء مقدّم من المحامي سيزار جبارة (ابن رئيس بلدية الجديدة – البوشريّة – السدّ في المتن)، بعد نشر الموقع خبراً بعنوان «الطائل سيزار جبارة رجل عنيف»، تضمّن شهادة عاملة فيليبنية غادرت منزله في آذار الماضي، إضافة إلى شهادتين لعاملتين أجنبيّتين عملتا سابقاً في منزله. العاملات ادّعين أنهنّ تعرّضن لـ«التعنيف من قبل العائلة وعدم دفع كامل مستحقّاتهنّ المادية».
الأمر بحجب الموقع الذي أنشأه عامل أجنبي وزوجته غادرا لبنان إلى كندا، تبلّغته قبل أيام مؤسسة «أوجيرو»، وأول من أمس كل من «ألفا» و«تاتش». الا أنه استمر بالظهور لدى بعض المستخدمين إلى حين انتقاله إلى نطاق جديد (من .org إلى .info). وصدر القرار في 18 الجاري، عن قاضي الأمور المستعجلة في المتن رالف كركبي، الذي أمر بـ«إغلاق موقع This Is Lebanon فوراً، وتكليف هيئة أوجيرو بوضع اسم الموقع «thisislebanon.org» تحت خانة «Blocked Websites»». القرار جاء بناء على استدعاء مقدّم من جباره بواسطة وكيله المحامي سمير أبي رعد (15 نيسان 2019) يطلب إغلاق الموقع «كونه تعرّض لشخصه وكرامته من خلال نشر أخبار ملفّقة ومغلوطة عن قيام المستدعي بالاعتداء بالضرب على (المستخدمة) الفليبينية لديه». واستند أيضاً إلى تقرير الخبير دافيد سلوم تاريخ 15/4/2019 المعيّن من المحكمة، تبيّن من خلاله وفق القرار الذي حصلت عليه «الأخبار»، «أن مؤسسي الموقع المدعو Dipendra Uprety وزوجته Priya يعيشان في كندا، والموقع مسجّل في شركة cloudeflare.com الأميركية»، وأن الموقع «لا يمت إلى لبنان بأي صلة لا سيما أن صاحبيه أجنبيان ولا يعيشان في لبنان، وكل ما ينشر فيه غير مسند إلى إثباتات، الأمر الذي يرجّح عدم صحة المنشورات».
«الأخبار» تواصلت مع القيّمين على صفحة الفايسبوك التابعة للموقع بشأن الحجب، فاعتبروا أنه «أمر معيب للغاية بالنسبة للدولة اللبنانية، إذ تبدو مرعوبة من أصوات عاملات المنازل الأجنبيات لديها وتريد خنق أصواتهنّ. هذا التصرّف يشجّعنا للاستمرار بما أنه دفع الدولة إلى التحرك لإسكاتنا بدلاً من الاستماع إلينا. ما نريد إيصاله هو أن نظام الكفالة مشكلة متجذّرة بالمجتمع من المشغّلين والأسر وصولاً إلى أعلى مستويات الحكومة». وفي ما يخصّ اتهام بعض متصفّحي الانترنت الموقع بأن تسميته «تزجّ اسم لبنان ككلّ في خانة العنصريّة» وبمحاولته «فضح العائلات الميسورة فقط بغية ابتزازها»، يردّ القيّمون بالقول «استمعنا للعديد من الآراء حيال الاسم مع مقيمين ومغتربين لبنانيين وعمال منازل أجانب، ونحن بصدد كتابة ردّ لنشره على صفحتنا خصوصاً أن الاتهامات تردنا عادة من المعتدين أنفسهم»، والهدف وفقهم «ليس تشويه سمعة لبنان بل إنهاء الانتهاكات وتبعات نظام الكفالة».
القرار يساهم في غياب أي محاسبة لأصحاب العمل المخالفين
المحامية في «المفكرة القانونيّة» غيدا فرنجية اعتبرت أن القرار «يندرج في إطار التوجّه إلى منع عاملات المنازل من الكشف عن الانتهاكات بحقهنّ خلال عملهنّ في لبنان وحتى بعد مغادرته»، بما يساهم في «غياب أي محاسبة لأصحاب العمل المخالفين». علماً أن القانون «لا يسمح بحجب مواقع إلكترونية بشكل دائم إلا في حال ارتباطها بجرائم خطيرة مثل الإرهاب».
تقنياً، لفت محمد نجم المدير التنفيذي لمنظمة «سمكس»، المتخصصة بالحقوق والحريات الرقمية، أن «حجب الموقع لا يستطيع حجب المعلومة». وأوضح أن «حجب المواقع هو تقنياً حجب عنوان «آي بي» (نطاق)، وهو أمر يمكن تخطّيه إذ انتقل الموقع من thisislebanon.org إلى thisislebanon.info، إذ له «موقع مرآة» (Mirror website)، كما هو الحال مع مئات المواقع المحجوبة في مصر وسواها والتي لا تزال شغالة». وعن استناد القرار القضائي إلى تسجيل الموقع في شركة أميركية، لفت الى أن «أغلب المواقع في لبنان موجودة على الشركة المذكورة أو سواها من شركات استضافة الويب (hosting provider) خارج لبنان، وهذه ليست تهمة بل نوع خدمة لا يؤثر في أي قضيّة». وعن طلب المحكمة حذف المقال عن صفحة «فايسبوك»، يشير نجم إلى أن «حجب أي رابط يتمّ في حال خرق قوانين موقع فايسبوك وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار المقال خرقاً لتلك القوانين»، أما في ما يخصّ حجب الصفحة الفايسبوكية مثلاً، «فإن إدارة الفايسبوك تنظر في ديناميكية الصفحة وهدفها وإذا كانت في هذه الحالة صفحة تفضح المعتدين فإن إدارة الموقع لن تأخذ بقرار المحكمة اللبنانية». اللجوء إلى الحجب الكامل للمواقع يبيّن، وفق نجم، «التعامل الفضفاض مع الحقوق الرقمية، لذا نطالب بشفافية أكبر وحماية المستخدمين وحرية التعبير»… والأهم «إجراء تحقيق شفاف في الاتهامات الموجّهة من قبل العاملات بدلاً من اتخاذ قرار قضائي بإسكات الموقع».