Site icon IMLebanon

هل غسلت القوى السياسية أيديها من القرارات الموجعة؟!

مع انطلاق جلسات مناقشة الموازنة على طاولة الحكومة، يبدو التضامن الوزاري الضروري لإمرار تخفيضاتها “الموجعة” أمام اختبار حقيقي. في الساعات الماضية، لم توح التطورات والمواقف السياسية بأن هذا “التوافق” مؤمن، بل على العكس. فالمناوشات على جبهة التيار الوطني الحر- وزير المال، انطلقت منذ صباح امس الثلثاء مع الحديث عن موازنة الجيش اللبناني واستمرت حتى مسائه على خلفية أموال “أوتوستراد القديسين”.

بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” فإن الخلوات التي كان رئيس الحكومة سعد الحريري يعقدها في بيت الوسط منذ اسابيع، كان هدفها تأمين أوسع إجماع حول بنود الموازنة بما يمرّرها بسلاسة في مجلس الوزراء، ويقطع الطريق على “سيناريوهات” شبيهة بالتي تحصل اليوم. غير ان استعجال طرحها على الطاولة الوزارية، حال دون استكمال هذه اللقاءات.

وبغض النظر عما كان يمكن ان ينتج عنها، بما انها صارت من الماضي، فإن السؤال الاهم الذي يفرض نفسه اليوم هو هل ستكون الحكومة واحدة قلبا وقالبا، متّفقة على إقرار موازنة تقشّفية تخفّض نسبة العجز، تلتقي مع ما تعهّدت به للدول المانحة في مؤتمر سيدر؟ أم ان “الشعبوية” و”المزايدات” ستُسقط الاصلاحات والتخفيضات المطلوبة، الواحدة تلو الاخرى، فتكون الموازنة تقليدية “ثقيلة” وصورة عن الموازنات السابقة، فنخسر الدعم المنتظر؟

علامة الاستفهام هذه فرضت نفسها بقوة، وباتت مشروعة بعد ما قيل في الساعات الماضية. فوزير المال علي حسن خليل أوضح ان الموازنة لا تطال المؤسسة العسكرية ولا المتقاعدين من أفرادها، كما انها لا تصيب رواتب الموظفين في القطاع العام ولا تشمل زيادة ضرائب، حتى انها لا تطال المشاريع الاستثمارية والانمائية. اما المصارف فبدورها لن تتكبد وزرا ثقيلا في مهمّة خفض نسبة العجز. فكيف اذا سيصار الى تقليصه، خاصة ان الموازنة لا تتحدث عن الاملاك البحرية ولا تولي اهمية لافتة لمحاربة التهرب الضريبي؟!

وهل غسل الجميع أيديهم من الاجراءات الصعبة والموجعة عندما رأوا الرفض الشعبي العارم لها والذي ظهرت تباشيره امس وستُستكمل اضرابات واعتصامات في الايام المقبلة؟ وهل تراجعت القوى السياسية عن التزامها بموازنة تقشّفية عندما دقّت ساعة الحقيقة؟ أم ان في مشروع الموازنة أبوابا أخرى لخفض العجز، وخطواتٍ اصلاحية كفيلة بإنعاش الخزينة؟ من الضروري ان يكون الامر كذلك، تختم المصادر، فتوفّق الحكومة بين متطلبات سيدر ومطالب الشارع. أما انتصار “الشعبوية” وتلاشي قرار التقشف تحت وطأة التظاهرات، فسيسقطان المساعدات، ويشرّعان اقتصادنا امام سيناريوهات شبيهة بالسيناريو اليوناني…