Site icon IMLebanon

شرخ حكومي خطير في مقاربة “الأساسيات”

خلال زيارته موسكو في آذار الماضي، قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إن “لبنان يمر اقتصاديا، بحالة صعبة، ولكننا نعمل للخروج منها، لأنني اعتقد ان الشعب اللبناني ‏جاهز لخوض حرب المقاومة لقيامة الاقتصاد والمؤسسات”. وردا على ما يحكى عن عقوبات اميركية وسواها، أشار الى ان  لبنان سيكون على رأس “المقاومة الاقتصادية”، لمواجهة الضغوط التي يتعرض لها. قبل ذلك بأيام، اطلق رئيس الجمهورية نداءً لـ”المقاومة الاقتصادية”، حيث قال في حفل إطلاق “الحملة الوطنية لاستنهاض الاقتصاد اللبناني” تحت عنوان “فكّر بلبنان”، في القصر الجمهوري “الشعب اللبناني عليه أن ينتقل إلى شعب مقاوم، مقاومة من أجل تحصين الاقتصاد، يشتري من إنتاجه ويأكل مما يزرع”… منذ ساعات قليلة، تحدث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن الموازنة، معتبرا ان على المصارف ان تتحمل مسؤولية في انقاذ الاقتصاد، قائلا “هناك شريحة يجب أن تحمل مسؤولية، ومنها المصارف”، ونسألها “إذا كنتم لا تريدون التعاون والمساعدة، ونحن أهل بلد واحد وسفينة واحدة يا اصحاب المصارف في لبنان، إذا لم تتعاونوا وانهار الوضع المالي والاقتصادي، فما سيكون مصيركم ومصير استثماراتكم؟ رؤوس الاموال لن تعود لأن البلد ذاهب إلى الانهيار. لأجل أموالكم واستثماراتكم أنتم معنيّون بأن تبادروا وان تقصدوا الرؤساء الثلاثة وتقولوا انكم متفهمون لوضع البلد وخدمة الدين، ونريد خفض الفائدة، وهذا أقل الواجب الوطني والأخلاقي”.

هذان الموقفان اللافتان، يختلفان من حيث الشكل، الا انهما يلتقيان في المضمون والجوهر، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. فهما يعكسان رؤية شبه متطابقة بين بعبدا والضاحية، لكيفية الخروج من المأزق الاقتصادي الذي يتخبّط فيه لبنان، تقوم على مواجهة الاجندات الدولية الخارجية التي تطالب لبنان بالتقيد بالعقوبات الاميركية وبالحصار المفروض على الاقتصادين السوري والايراني، أولا، وإشراك المصارف في صورة أكبر في ورشة النهوض، ثانيا، عبر خفض الفوائد التي تتقاضاها من الدولة اللبنانية، من جهة، وتليين موقف “المركزي” الصارم في التقيّد بالقوانين الدولية لمحاربة الارهاب وتجفيف منابع تمويله، من جهة ثانية. فالجدير ذكره هنا، هو ان انتقادات كثيرة لأداء القطاع المصرفي و”المركزي” صدرت في الآونة الاخيرة عن وزراء ومسؤولين محسوبين على الفريق الرئاسي…

الا ان ما يطرحه الطرفان ليس محطّ قبول من قِبل شركائهما في الوطن والحكومة. فرئيسها سعد الحريري ومعظم القوى الوزارية الاخرى، لا تُوافق على نموذج “اقتصاد المقاومة” الذي تعتمده طهران اليوم، ولا تحبّذه، كونه يضع بيروت في مواجهة مع المجتمع الدولي فيما هي في أمسّ الحاجة الى دعمه واستثماراته. والحال ان لبنان يفتقر الى مقوّمات الصمود، فلا نفط او مواد اوّلية في متناوله (حتى الساعة) تتيح له الاستقلالية والوقوف في وجه القوى الكبرى. الى ذلك، يرى رئيس الحكومة ان المصارف أدّت قسطها الى العلى وبات اليوم دور السياسيين للقيام بمواجبهم إصلاحا، على ان يلاقيهم “المركزي”. أما جرّ “القطاع” الى وضع أمواله في دلو مثقوب، فقد يقوده الى ما لا تحمد عقباه، فيتداعى ويسقط ويتهاوى معه الوضعان المالي والاقتصادي في البلاد، فهل هذا هو المطلوب؟

وإزاء هذا الشرخ العمودي في الرؤى بين ركّاب السفينة الحكومية نفسها، هل يكفي وضع موازنة لمعالجة الازمة الحالية؟ وأليس مطلوبا أولا الاتفاق على طبيعة الاقتصاد الذي نريد، لئلا تكون الحكومة عربة يجرّها حصانان كلّ في اتجاه؟ عندها ربما، يمكن ان نناقش في ضرورة وقف الحملات التي يواصلها نصرالله على الدول الخليجية، في وقت ينتظر لبنان “على نار” استثماراتها وعودة رعاياها الى بيروت صيفا، تختم المصادر.