كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
فيما ينكّب مجلس الوزراء على درس ومناقشة مشروع قانون موازنة 2019 والبحث عن سبل لإدخال اموال الى الخزينة ومكافحة الهدر والفساد، بدا انّ الدولة خسرت المليارات، خلال اكثر من 10 ايام، جرّاء إقفال مرفأ بيروت، من دون ان يتنبّه أحد من المسؤولين الى فداحة الخسائر او وضع حد لها.
طفح كيل التجار والصناعيين من طول مدة إقفال مرفق حيوي كمرفأ بيروت. فبعد إقفال 4 أيام بسبب عيد الفصح عند الطوائف الغربية، تبعه 4 ايام عند الطوائف الشرقية، ومن ثم فرصة عيد العمال وتلاه اضراب الاتحاد العمالي العام لمدة ثلاثة ايام من المتوقع ان تنتهي اليوم، تتكدّس البضائع والحاويات في مرفأ بيروت من دون ان يتمكن التجّار من إخراجها وهم يعدّون غرامات التأخير التي سيتكبدّونها نتيجة هذه الخطوات والتي ستنعكس في النهاية على المستهلك الذي سيساهم بدفع هذه الغرامات من خلال ارتفاع اسعار السلع او من خلال نقص بعض البضائع من السوق. وقد بدأت بعض المخازن تفرغ من مخزونها خصوصاً المواد الغذائية التي تُباع طازجة او يجب بيعها او استهلاكها خلال مدة محددة.
وتنصّ القوانين في مرفأ بيروت على إعطاء مهلة 9 ايام كفترة سماح لكل شاحنة حتى تتمكن من مغادرة ارض المرفأ، وخلال هذه الفترة يُجري صاحب الحاوية او من اوكل اليه معاملات وفحوصات ودفع رسوم. أما اذا انتهت هذه المهلة، اي فترة الـ9 ايام، يعطى مهلة 8 ايام يتكبّد خلالها التاجر رسوماً اضافية تصل الى 521 الف ليرة عن مستوعب سعة 20 قدماً، و 941 الف ليرة عن مستوعب سعة 40 قدماً، واذا استمر التأخير بعد هذه المدة يتكبّد التاجر كلفة اضافية تصل الى 20 دولاراً عن كل 3 ايام تأخير اضافية لمستوعب سعة 20 قدماً، و30 دولاراً لثلاثة ايام عن كل مستوعب سعة 40 قدماً.
وكما يتبيّن، فانّ عدداً لا بأس به من الحاويات انتقل الى خانة الثمانية ايام تأخير بعد الفترة المسموح بها، ولا شك انّ هذه الرسوم الاضافية التي سيتكبّدها التاجر ستنعكس سلباً على سعر السلعة والتي سيلاحظها المستهلك في المرحلة المقبلة.
في المرفأ
يؤكّد أحد اصحاب الشاحنات العاملة في مرفأ بيروت، انّ اقفال المرفأ لأكثر من 10 ايام، ما بين عطل اعياد واضراب كبّد المرفأ خسائر بمليارات الليرات ذهبت من امام خزينة الدولة.
وابدى استغرابه كيف انّ مرافئ طرابلس وصيدا وصور استمرت في العمل ولم تلتزم بالاقفال الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام لمدة ثلاثة ايام، ووحده مرفأ بيروت التزم بالاقفال، لأنّ رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر موظف في المرفأ.
وأسف المصدر نفسه الى أن ادارة استثمار مرفأ بيروت لا تخضع لا لرقابة ولا الى ديوان المحاسبة ولا الى المالية، وهي عبارة عن مغارة «علي بابا»، ناهيك عن انّ رواتب غالبية عمال المرفأ خيالية وتتراوح ما بين 25 الى 32 مليوناً شهرياً. لذا «ان ما يحصل غير مقبول، فبعد اقفال حوالى 14 يوماً للمرفأ لم تتحرّك فيه شاحناتنا، فكيف سنتمكن نحن ان ندفع رواتب موظفينا؟».
وطالب المصدر، إما بإقفال كل المرافق او فتح مرفأ بيروت كغيره من المرافئ، خصوصا انّ بعض الحاويات تحتوي على مواد استهلاكية قابلة للتلف. وأشار الى انّ عمال مرفأ بيروت لم يسمحوا لباخرة محمّلة بالسيارات المستوردة من إفراغ حمولتها رغم تدخّل الجمارك، بحجة انّهم في اضراب وهذا امر غير مقبول.
مستوردو اللحوم
كذلك، اطلقت نقابة مستوردي اللحوم الصرخة نفسها نتيجة للخسائر المادية التي تكبّدتها من جرّاء إقفال المرفأ لمدة اسبوعين، الى جانب معاناتها من النقص في المخزون. وفي هذا السياق، طالب احد اعضاء نقابة مستوردي اللحوم بإعطاء بعض القطاعات، لاسيما تلك التي تعمل في قطاعات غير معمّرة ومنها اللحوم والاسماك المبردة، استثناء لسحب بضائعها من المرفأ. وقال: «نحن نحترم حقوق العمال، لكن لا يجوز ان نتلقى ضربة من اخواننا العمال نتيجة شل البلد وتكبيدنا الخسائر، فمن سيعوّض علينا؟».
وأضاف المصدر: «نحن نتلقى شحنات اسبوعية من اللحوم المبردة، اما مع هذا التأخيرعلى مدى اسبوعين، وسندخل بالاسبوع الثالث، يُفترض ان نستلم 3 شحنات دفعة واحدة، ولهذا انعكاس سلبي على عملنا من نواحٍ عدة: اولاً: نحن نلتزم بتواريخ الصلاحية، وباستلامنا ثلاث شحنات دفعة واحدة ستتداخل التواريخ ببعضها. ثانياً: نحن كتجار سنتحمّل أعباء اضافية نتيجة التأخّر في المرفأ، وبسبب دفع ثمن الشحنات الثلاث مع رسوم التأخير دفعة واحدة، وبالتالي سيتأثر رأس المال. والى جانب ذلك، بدأت بعض الشركات تعاني من نقص في المخزون».