كتب طارق ترشيشي في “الجمهورية”:
القرارات التي اتخذها وزير الاعلام جمال الجرّاح في «تلفزيون لبنان» بدأت تأخذ شكل الانقلاب الكامل في هذه المؤسسة، خصوصاً بعد تشكيل «مجلس إدارة ظل» في مكتبه في الوزارة برئاسة مستشاره تامر دويك وعضوية محررين في الصحافة الفنية وآخرين تجاربهم الاعلامية محدودة، ولا يعرفون «تلفزيون لبنان» ولا إمكاناته ولا شخصيته الانتاجية ولا أوضاعه، مهمتهم تسيير المحطة وشؤونها (بأي حقّ؟ بأي قانون؟ بأي خبرة علميّة؟) تنفيذاً لقرارات الوزير الذي يعتبر ان لا لزوم لمجلس إدارة جدي تعيّنه الحكومة.
وهذا «المجلس» بدأ التحضير لدورة برامج تلفزيونية تتجاوز مديري الاقسام الأصيلين في المحطّة… والخطير في هذه النقطة أنّ هناك همساً في وزارة الإعلام يَشي بأنّ الوزير يحضّر لقرارات يضع فيها بتصرّفه 3 على الأقل من مديري الأقسام (المدير المالي ريشار رشيد- لماذا المال؟ ومديرالبرامج حسن شقور- لماذا البرمجة؟) اللذين يترددان في تنفيذ أوامره، وتعيين شخصين بالوكالة من مكتب الوزير مباشرة مكانهما، والشخص الثالث هو طوني عيد الذي كان قد عيّنه الوزير السابق ملحم الرياشي منسّقاً بينه وبين المحطة، وقد يكون أيضاً من بينهم مدير «الأخبار» صائب دياب لإبعاد الصبغة الطائفيّة أو المذهبية أو السياسيّة لتحرّكه.
والمفاجئ انّ الوزير الجرّاح طلب عقود العمل مع معدّي البرامج الحالية ومقدميها (بدأت «الشنشطة» بتأخير أجورهم الشهريّة)، وبعض عقود التعاون مع مؤسسات عدّة في البلد، والموجودة في الأرشيف بهدف مبيّت هو البحث عمّا يصفونه «فساد محتمل» فيها… من أجل الاضاءة عليه في إدارة المديرين السابقين الراحل ابراهيم الخوري وطلال مقدسي، والتشهير بهما لكي تأخذ قرارات الوزير طابع الإصلاح ومحاربة الفساد.
وبناء على هذه الاوضاع التي رسّخها الوزير في «تلفزيون لبنان» بنحو عاجل مُريب في عجلته خلال انشغال أهل السياسة بدرس الموازنة في الأسبوعين الماضيين أدخلت الارباك والبلبلة والمشاحنات الى المحطّة، وبات الموظفون جميعاً مهددين في مواقعهم وتراتبيتهم ورزقهم، تتجه مجموعة من الموظفين الى طلب موعد للقاء بطريرك الروم الكاثوليك (في اعتبار انّ طائفة رئيس مجلس الادارة – المدير العام في التلفزيون هي طائفة الروم الكاثوليك) من أجل وضعه في صورة الانقلاب في هذه المؤسسة الرسمية التي يفترض انّ ادارتها لشخص من الطائفة ويجري العبث بشؤونها التنظيمية والادارية والبرامجية على يد اشخاص (مجلس إدارة ظل) ليسوا اكثر من واجهة لقرارات الوزير.
وعلمت «الجمهورية» انّ هؤلاء الموظفين سيضعون استقالاتهم من المؤسسة في يد البطريرك، وربما يقدمون على اعلان الاعتصام في حرم البطريركية الى حين تشكيل مجلس ادارة جديد لتلفزيون لبنان بعد معاناة متفاقمة لـ4 سنوات مريرة… حتى لا يأتي هذا المجلس العتيد (حين يأتي) فيجد الارض تحته «منعوفة» كما قال احد هؤلاء وهو موظّف مسؤول في المحطّة، ويصبح أمر إعادة الترتيب مستحيلاً! مضيفاً: «سنطلب من سيّدنا البطريرك ان يتواصل مع رئيس الحكومة سعد الحريري وينبّهه الى مخاطر ما يفعله الجرّاح… ويطالبه بوقف كل ما يؤثر سلباً على المحطة (فالوزير كما يقول بنفسه انّه لا يرد على أحد غيره إطلاقاً!)… وسيتمنى عليه ان يبادر هو مع فخامة الرئيس ميشال عون ودولة الرئيس الحريري الى إنهاء هذا الملف الذي قد يؤدي التلاعب الحالي به الى تخريب «شاشتنا الوطنية ومورد رزقنا معاً ورزق العشرات من اللبنانيين»…
ويضيف هذا الموظف المسؤول في تلفزيون لبنان: «مرتا… مرتا… تتلهّين بأمور كثيرة… والمطلوب واحد» يا معالي الوزير الجرّاح، و«الواحد» هو زيارة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وبعض القيادات السياسية المعنية بتسمية شخصيات لمجلس ادارة تلفزيون لبنان… وترك مهمة إنهاض الشاشة الرسمية للمجلس حسب القوانين والصلاحيات الشرعية المعطاة له… لا الى اشخاص شرعيتهم انهم أصدقاء «معالي» المستشار الذي لم يُعرَف في سيرته المهنية اي عمل تلفزيوني او حتى إعلامي!».
ويختم المسؤول التلفزيوني قائلاً: «انّ البلد كلّه يتحرّك من خلال نقابات عمّاله وموظّفيه للدفاع عنهم إلّا نقابة موظّفي تلفزيون لبنان فهي في حالة موت سريري مُستهجن.
وفي الأسرار أنّ هناك من لفت نظر الجرّاح إلى امتعاض «دوائر عليا» في السلطة ممّا يفعل، فأجاب: «كلّو حكي… كلّو حكي… أنا سيّد وزارتي».