بعد أسبوع طويل من الاضرابات والاعتصامات العمالية والنقابية التي شملت مختلف القطاعات والمؤسسات للضغط على الحكومة لعدم الاقتطاع من رواتب موظفي القطاع العام والمؤسسات العامة في موازنة العام 2019، انضم اليوم موظفو المطار وهيئة أوجيرو والقضاة الى المضربين، لتصبح الدولة في شلل شبه تام، في ظل حال من التخبط تعيشها الحكومة العالقة بين سندان الشارع ومطرقة سيدر، فتعمد الى تأجيل القرارات المتعلقة بالبنود الخلافية لمزيد من الدرس بانتظار التوافق السياسي الذي سيؤمن الغطاء للقرارات التقشفية الصعبة التي يتخوف المواطن من أن يكون هو وجهتها بدلا من أن تطال مزاريب الهدر الهائلة.
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أشار عبر “المركزية” الى أن “هناك العديد من القطاعات تستطيع الدولة إصلاحها وتحصيل الضرائب منها، قبل المس بالرواتب والاجور، التي يجب أن تكون الخيار الاخير بعد استنفاد باقي مزاريب الهدر”، مضيفا “اذا كان هناك 10 بنود للاصلاح فالرواتب والاجور تحتل البند العاشر”.
ولفت الى أن “تحصيل الضرائب يبدأ من الفئات الأغنى ليصل الى الاضعف، والمعتدون على الاملاك البحرية خير مثال، فمعالجة تلك التعديات تؤمن للدولة سيولة كافية لسد قسم لا بأس به من عجز الموازنة”، مشيرا الى أن “في حال كانت هناك نية جدية لمحاربة الهدر، تستطيع الحكومة خلال 24 ساعة تحصيل الملايين من هؤلاء، على أن تحصّل المبالغ المتبقية على دفعات، ففي المرحلة الاولى يقدم كل من لديه اشغال على الشاطئ مليون دولار حتى أول حزيران، وبعد ثلاثة أشهر يدفع المبلغ المتوجب عليه عن السنوات الماضية”، مضيفا أن “من أصل 1250 مخالفاً، سبق وقدم حوالي 150 منهم طلبات تسوية، من دون أن يكون هناك أي اجراء بحق الممتنعين”.
وتابع “قطاع الخليوي يؤمن كذلك ايرادات هائلة للدولة، تستطيع تحصيلها من خلال تولي إدارة القطاع بدلا من القطاع الخاص الذي يحقق أرباحا كبيرة. والامر يسري كذلك على عجز الكهرباء البالغ 2500 مليار ليرة، إذ بإمكان الفرق الفنية في الوزارة سده في غضون أشهر، عبر إزالة التعديات الحاصلة (40% سرقة). أما بالنسبة للتهرب الجمركي، فهو موجود في كل دول العالم، ولا يمكن تقديره”، مشيرا الى أن “التركيبة السياسية القائمة حاليا، لا تملك القدرة على ضبطه، لذلك يجب أن يكون التوجه للتركيز على اصلاحات أخرى ملموسة وأكثر فاعلية”.
وقال “على رغم أن الامر يتطلب توافقا سياسيا، إلا أن المصارف بدورها قادرة على المساهمة في سد العجز. اما الكلام عن هروب الرساميل في حال رفع الضريبة على فوائد الودائع المصرفية من 7إلى 10%، فلا يستند الى وقائع، والودائع والاستثمارات لن تتأثر مقارنة مع الفوائد في أوروبا، خصوصا أن أغلبية المودعين في لبنان من اللبنانيين المقيمين”.