الى اين تتجه المنطقة في ظل الغليان المتصاعد الوتيرة من فوهة ازمة الاتفاق النووي المُهدد بالانهيار بحسب ما اعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، معطياً مهلة 60 يوماً للأطراف المتبقية في الاتفاق لتنفيذ تعهداتها ومؤكدا أن إيران اتخذت اليوم خطوتين، هما وقف بيع اليورانيوم المخصب الفائض ووقف بيع الماء الثقيل. وستخفض بعد شهرين المزيد من التزاماتها في إطار الاتفاق النووي، وستزيد مستوى تخصيب اليورانيوم. واكد أن طهران لن تبدأ حربا لكنها لن تستسلم.
كل المؤشرات تصب في خانة التصعيد ما دامت واشنطن على مواقفها بعيد انسحابها من الاتفاق محددة 12 شرطا على طهران الالتزام بها مقابل رفع العقوبات، وايران على تصلبها المعهود لجهة مواجهة ادارة الرئيس دونالد ترامب، وهي للغاية أرسلت عبر مساعد وزير خارجتيها عباس عراقجي، رسالة إلى الدول الخمس في الاتفاق النووي تؤكد فيها على خفض تعهداتها في الاتفاق.
وترتفع وتيرة الشكوك في امكان انزلاق الاوضاع الى الانفجار، كما تقول اوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية”، في ضوء ارسال الولايات المتحدة قاذفات من طراز بي-52 الطويلة المدى وذات القدرات النووية، كجزء من القوات الإضافية التي تُرسل إلى الشرق الأوسط للتصدي لما تعتبره واشنطن “مؤشرات واضحة” الى تهديد للقوات الأميركية هناك من إيران، حيث سيتم نشر أربع قاذفات من هذا الطراز بعدما اكتفت واشنطن حتى الشهر الماضي بقاذفات بي-1.
ومع ان ايران لا تنظر الى التعزيزات العسكرية الاميركية الا باعتبارها حربا نفسية، فإن الاوساط لا تسقط من حساباتها خطر الانفجار في اي لحظة، وتعتبر ان النظام الايراني الذي يجد نفسه محاصرا من كل الجهات، خصوصا ان اوروبا تبدو متجهة لتحذو حذو واشنطن كما عكس تحذير وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي اليوم من “ان عدم احترام ايران التزاماتها قد يجعل مسألة إعادة تفعيل آلية العقوبات مطروحة”، قد يلجأ في حال اشتد الخناق الى الحد الاقصى الى اعتماد سياسة “عليّ وعلى اعدائي”. فالنظام الايراني الذي اعتاد على مدى ربع قرن الوقوف في صف الممانعة والمواجهة، لن يستسلم بسهولة لاملاءات محور الغرب وقد يلجأ الى قلب الطاولة على رؤوس الجميع من خلال اعمال عسكرية تستهدف مصالح واشنطن واسرائيل. من هنا تمكن قراءة خطوات البنتاغون وهواجسه التي دفعت الى ارسال التعزيزات العسكرية الى الشرق الاوسط تحسباً لاي خطر.
وتربط الاوساط بين الخطوات الاميركية ومواقف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو التي اوضح فيها “اننا لن نسمح لايران بامتلاك أسلحة نووية”، فالادارة الاميركية لا يمكن ان تتهاون في مجال التعرض للمصالح الامنية لحليفتها الدائمة، خصوصا ان بعض المعلومات اشار الى ان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” ابلغ نظيره الاميركي ان ايران قد تقدم على عمليات امنية سواء عبر الحرس الثوري مباشرة أو عبر اذرعها العسكرية الموزعة في المنطقة لا سيما في سوريا والعراق ولبنان وغيرها من الدول.
وترى الاوساط الدبلوماسية ان واشنطن قد تكون من خلال ارسال تعزيزاتها الى المنطقة، تهدف الى ردع ايران حتى عن مجرد التفكير بشن اعمال عسكرية وتمارس عليها الضغط النفسي لترهيبها وحملها على التراجع والانصياع الى رغباتها تحت طائلة “استخدام القوة” التي لن تستخدمها على الارجح، ذلك ان اصطفاف بعض الدول الكبرى الى جانب ايران، لا سيما روسيا التي حضّت الموقعين على الوفاء بالتزاماتهم، واكد وزير خارجيتها سيرغي لافروف في مؤتمر مشترك مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف ان انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي خرق لقرار مجلس الامن، يجعل موازين القوى شبه متكافئة ونتائج اي مواجهات عسكرية قد تندلع، كارثية على الجميع وخصوصا اسرائيل التي لن تكون في منأى عن حممها وشظاياها.