بعد 11 سنة على بدء أعمال المسح العقاري الالزامي في مدينة بنت جبيل، استلم القاضي العقاري الملف لاجراء المطابقة النهائية، على أن تبدأ مهلة الاعتراضات القانونية خلال شهر واحد. إلا أن أصوات المعترضين تصاعدت فوراً مشيرين الى مخالفات قانونية شملت اعتداءات على أملاك عامة وخاصة.
ورفع نحو 20 من أبناء البلدة عريضة الى بلدية بنت جبيل تفيد بوجود «مشاعات سجلت بالتواطؤ وبطريقة غير مشروعة»، فيما وصف مختار بنت جبيل وحيد سعد ما حصل بالـ«فضيحة، خصوصاً في طريقة المسح، وفي تقاضي المسّاح الأموال بشكل غير قانوني ومن دون ايصالات، بحجة أن هذه الأموال هي لاعفاء الأهالي من انشاء المباني السكنية ودفع الرسوم المتوجبة عليهم». وأشار الى وجود «مئات الاعتراضات على عملية المسح، خصوصاً أن كل المحاضر لم توقع من الجيران، وأن عشرات العقارات تم مسحها بدون تأمين حق المرور». ونبّه من «خطورة تسليم ملف المسح العقاري رغم وجود مخالفات قانونية كبيرة، وقبل انهاء الخلافات على الحدود مع بلدتي عين ابل وعيناتا، ومن دون مسح أكثر من 30% من العقارات، لأن ذلك سيؤدي الى مشكلات كبيرة بسبب المخالفات الكثيرة».
أحد أبناء البلدة، سعيد بزي، أكد لـ «الأخبار» أن المساح المكلف «أخذ مني ومن أخوتي مبالغ مالية كبيرة لقاء انجاز عملية المسح، كما تقاضى أكثر من 60 ألف دولار من أحد المغتربين لفرز 20 دونماً من دون أن يلحظ الطرقات والربع المجاني». ويؤكد عدد من أبناء المنطقة أن «التأخر في متابعة الملف العقاري من قبل النواب والمعنيين ساهم في تفاقم هذه المخالفات التي سيتحمل تبعاتها الأهالي».
وفي بلدة عيناتا يعمل العشرات من الأهالي على توقيع عريضة خطية تفيد بأنه «أثناء أعمال المساحة قام متعهدو المساحة باستغلال وظيفتهم وايهام الأهالي بضرورة دفع الأموال مقابل الحصول على السندات وتنشئة العقارات المبنية من دون اعطاء ايصالات تثبت أنهم تقاضوا تلك المبالغ». وأكدت مصادر مطلعة أن «دفع الأموال للمساحين كان فاضحاً، ومعلوماً من الجهات المتابعة سواء من البلديات أو الأجهزة الأمنية. وما يؤكد عدم قانونية ما يحصل، هو رفض المساحين اعطاء ايصالات بالأموال التي يأخذونها من جهة، وثانياً أن هذه الأموال التي وصلت في كل بلدة الى ملايين الدولارات، كانت بحجة أن عدم انشاء العقارات من قبل المساحين قبل انهاء أعمال المسح سيكلف أصحاب العقارات في ما بعد مبالغ طائلة، كما أن عدم اعطاء الأموال للمساحين سيؤدي الى عدم فرز عقاراتهم وبالتالي ضرورة التضحية لاحقاً بالربع المجاني للصالح العام». خلاصة القول، بحسب المصادر، أن «المساحين حرموا الدولة من ملايين الدولارات، ووضعوا جزءاً منها في جيوبهم، بحجة أنهم يساعدون الأهالي خلافاً للقانون والمصلحة العامة، في وقت تعمل الدولة على البحث عن سبل لتغطية العجز الاقتصادي من جيوب المتقاعدين والموظفين».
وكان عدد من مخاتير بنت جبيل قد وجهوا بياناً الى أبناء بنت جبيل طالبين منهم «الاسراع في استرجاع أموالهم التي دفعوها الى مكتب التحديد والتحرير الالزامي في بنت جبيل، اما مباشرة أو عن طريق النيابة العامة»، مؤكدين «أننا لا نقبل أن نكون شهود زور على هذه الممارسات اللاّقانونية وعلى ابتزاز أموالكم». واعتبر المخاتير في بيانهم أن «مكتب التحديد والتحرير في بنت جبيل انتحل صفتين قانونيتين ليستا من اختصاصه، صفة القاضي في تدخلاته المكشوفة وتسجيل ما يريد ورفض ومماطلة واعاقة كثير من الطلبات المقدمة من قبل المواطنين، وصفة الدولة على وجه غير شرعي عندما قام بجباية الرسوم على الانشاء وأخذ المال من المواطنين بدون أي ايصال أو اثبات، وعلى الجهات المختصة في الدولة التحقيق ذلك».
يذكر أن ما حصل في بنت جبيل وعيناتا ينسحب على معظم البلدات التي تجري فيها عملية التحديد والتحرير الالزامي.