كتبت كارولين عاكوم في صحيفة “الشرق الاوسط”:
تنهي الحكومة اللبنانية السبت مائة يوم منذ تشكيلها و85 يوماً منذ نيلها ثقة المجلس النيابي. وهي الفترة التي حددها الفرقاء السياسيون لمحاسبة أنفسهم حتى ذهب وزراء «التيار الوطني الحر» إلى توقيع استقالاتهم المسبقة في حال لم يحققوا الخطة التي قدّمها كل منهم خلال مائة يوم.
وإذا كان رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل قام بهذه الخطوة للتأكيد على الجدية في العمل، فإن تقديم الاستقالات ذات المفعول السياسي أكثر منه القانوني، يبدو حتى الآن غير وارد. وهو الأمر الذي ينطبق على الحكومة بكامل وزرائها التي لم تنجح خلال نحو 3 أشهر في تحقيق أي إنجاز فعلي، مما يجعل البعض يعدها استكمالاً لحكومة تصريف الأعمال، في وقت ترى فيه أطراف السلطة أنه لا يمكن الحكم على الحكومة التي تعد حكومة العهد الأولى، من خلال مائة يوم، داعين إلى انتظار المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد إقرار الموازنة.
ورغم أن الممثلين في الحكومة يرون في إقرار خطة الكهرباء والموازنة إنجازاً، فإن الأولى كانت نسخة عن خطة أعدت عام 2010 ولم تقر نتيجة الخلافات، فيما الموازنة التي أتت أصلاً متأخرة، لا يبدو أنها على قدر طموح اللبنانيين ولا على مستوى الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان. مع العلم بأن جلسات مناقشتها ترافقت مع تحركات شعبية وإضرابات من قبل قطاعات خرجت للمرة الأولى إلى الشارع في خطوات استباقية بعدما تم تسريب معلومات عن إمكانية اتخاذ إجراءات تقشفية تطال الطبقة الوسطى والفقيرة، الأمر الذي أدى إلى التراجع عن عدد كبير من الإجراءات، فيما يستمر انتظار المشروع النهائي.
ولا ينفي مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري النائب السابق عمار حوري أن إنجازات الحكومة لم تكن على قدر الآمال، عازياً السبب إلى الظروف والتعقيدات التي أحاطت بعدد من القضايا. بينما تقرّ مصادر وزارية بأنه لا يمكن الحديث عن إنجازات للحكومة بعد مرور مائة يوم، عادّة في الوقت عينه أن تشكيلها أدى إلى استقرار سياسي وانتظام في الحياة التشريعية والتنفيذية في البلاد بعد فترة تصريف الأعمال.
من جهته، يؤكد النائب في «التيار الوطني الحر» ألان عون أن ما قامت به الحكومة خطوات جيدة أهمها خطة الكهرباء وإطلاق دورة التراخيص النفطية الثانية، مضيفاً: «وإن لم تعمل الحكومة في مرحلة معينة بالوتيرة المطلوبة، لكنها عادت وانطلقت بشكل جيد في الفترة الأخيرة وهو ما سينسحب على المرحلة المقبلة». ويقول عون لـ«الشرق الأوسط» إنه «سيتم تقييم عمل كل وزارة على حدة، كما سبق للوزراء و(التيار) أن أعلنوا»، مشيراً إلى أن «الاستقالة لا ترتبط بهذه الفترة المحددة بقدر ما يعمل بها كمبدأ في حال واجهنا أي مشكلة، والتغيير الحكومي وارد إذا كانت هناك حاجة لذلك».
ومع إشارة المصادر الوزارية إلى أن الحكومة كانت قد وضعت أمامها أولوية الموازنة وانشغلت كذلك بانتخابات طرابلس الفرعية، يشدّد حوري على أن إقرار خطة الكهرباء كما الموازنة التي يفترض الانتهاء منها قريباً إضافة إلى التعيينات العسكرية والإدارية، هي إنجازات أساسية قامت بها الحكومة. ويرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن خطة الكهرباء شملت تفاصيل مختلفة عن تلك التي كانت قد أعدت عام 2010 إضافة إلى الموازنة التي حملت إجراءات وبنوداً هي الأولى من نوعها. من هنا يضعها حوري في خانة المؤشرات الإيجابية التي يمكن البناء عليها في المرحلة المقبلة.
لكن في المقابل، يرى الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين فيما قامت به الحكومة في أيامها المائة الأولى يوازي حكومة تصريف الأعمال وليس حكومة قرار. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطوة الناقصة والإشارة السلبية الأولى كانت بتشكيل حكومة موسعة من 30 وزيراً، لتعود بعدها وتقرّ خطة للكهرباء سبق أن أعدت في عام 2010، ليبدأوا بعد ذلك بعد تأخير مناقشة الموازنة التي بات واضحاً أنها خالية من أي رؤية اقتصادية ودون الحد الأدنى لمتطلبات الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعاني منه لبنان». وفيما يؤكد أن «العبرة تبقى في التنفيذ إن كان في خطة الكهرباء أو في الموازنة»، يلفت إلى أمور مهمة «كان يفترض بالحكومة أن تقوم بها، على سبيل المثال حيال استعادة مرافق الدولة، على غرار قطاع (الخلوي) والمعاينة الميكانيكية، حيث تم التمديد للشركات بعدما انتهت مدة العقود».