Site icon IMLebanon

بين الصفقات والوطنيات (بقلم بسام أبو زيد)

يستذكر بعض المسيحيين اتفاق الطائف عندما تصل بهم الأمور إلى طريق مسدود أو إلى فشل ذريع، فيرمون بالمسؤولية على هذا الاتفاق وعلى من يقولون إنهم كانوا وراءه من قيادات مسيحية، ولاسيما البطريرك مار نصرالله بطرس صفير الذي لم يوفروه في الأيام الأخيرة وهو على فراش المرض، فأظهر بعضهم حقده عليه مجددا نبش أنه كان وراء الطائف الذي انتزع صلاحيات رئاسة الجمهورية.

المشكلة عند هؤلاء المسيحيين أنهم لا يرغبون في قراءة وقائع الأحدث أقله منذ اندلاع الحرب في لبنان وما سبقها ورافقها وتلاها من طروحات أكدت أن نظام امتيازات المسيحيين ولى إلى غير رجعة، وأن مسيحيين ساهموا بطريقة أو بأخرى في إسقاط هذا النظام والمفارقة أنهم يتباكون عليه اليوم.

هل كان منتقدو اتفاق الطائف يعتقدون ولو لبرهة أن عدد النواب المسيحيين سيبقى أكثر من النواب المسلمين كما كان قبل الطائف؟

هل كان منتقدو اتفاق الطائف يعتقدون ولو لبرهة أن المسلمين سنة وشيعة سيقبلون ببقاء رئيس الجمهورية مطلق الصلاحيات؟

هل يدرك منتقدو الطائف أن هذا الاتفاق لو لم يفرض بالحديد والنار لكان اسلوب تطبيقه قد اختلف ولما كانت الوصاية السورية أمسكت بالبلد وأدارته كيفما أرادت؟

هل يدرك منتقدو اتفاق الطائف انه قال بسحب القوات السورية من لبنان ولو بعد حين، وأن هذه القوات لو لم تدخل المنطقة الشرقية ورمز الشرعية اللبنانية في قصر بعبدا لكانت المطالبة بخروجها من لبنان في ذاك الوقت أقوى وأفعل وأتت بنتائج تأخرت سنوات طويلة؟

هل يدرك منتقدو الطائف انه نص على حل كل الميليشيات، فأين هم اليوم من هذا المطلب؟

لا يمكن وصف هؤلاء المسيحيين سوى ب “النقيقة” يستحضرون من فترة لأخرى هذا الاتفاق ومعارضتهم الموسمية له كي يقولوا إنهم لم يفرطوا بالحق المسيحي وبأنهم يعملون على استعادته ولكن وسط غياب تام لأصواتهم وتحركاتهم وتعديلاتهم المزعومة للدستور التي كانت تطالب باستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية.

إن المسيحيين لن تستعاد حقوقهم سوى بدولة قوية بسيادتها وقرارها طالما نادى بها من منهم مع الطائف ومن كان ضده، فالايمان بضرورة وجود هذه الدولة والعمل على تحقيقها بالفعل لا بالكلام هو السبيل الوحيد ليس فقط لاستعادة الحقوق والصلاحيات بل لإستعادة الدور وهو الأهم والاغلى في بلد تطغى فيه الصفقات على الوطنيات.