وسط الجدال المستمر حول دور المجلس الاعلى اللبناني السوري، علما ان الساحة الداخلية تزخم بالملفات المرتبطة بالعلاقات اللبنانية السورية والاتفاقات المعقودة بين البلدين، لاسيما منها قضية النازحين السوريين، أشار امين عام المجلس الاعلى اللبناني السوري نصري خوري، عبر “المركزية”، إلى “أننا اتفقنا على إنشاء لجنة مشتركة لمتابعة ملف النزوح السوري مع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي، لكنها لم تبصر النور لأن الجانب اللبناني تراجع عن توقيع الاتفاقية عندما كنا في صدد إصدار القرارات، وأبلغاني عن عدم قدرتهما على المضي قدما في هذه الاتفاقية”.
وعن سبب عدم إعادة تفعيل هذه اللجنة، قال: “على الدولتين اللبنانية والسورية القيام بهذه الخطوة. من جهة أخرى، سوريا لديها رئيس لجنة معني بشؤون النازحين هو وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، اجتمع معه وزير شؤون النازحين صالح الغريب. فالجانب السوري لديه كل الاستعدادات لاستقبال النازحين ولوضع آلية لعودتهم، وعلى الجانب اللبناني ان يوافق على التواصل مع الجانب السوري وتشكيل لجنة مشتركة لبحث هذه الآلية”.
وأضاف: “اللواء عباس إبراهيم يتابع هذا الموضوع ويلقى كل تجاوب من الجانب السوري ولكن ضمن الآلية المعتمدة من قبل الأمن العام حالياً، لكن هذا الموضوع يحتاج الى قرار من الجانب اللبناني، اذا أراد وضع إطار إضافي لمساعدة اللواء ابراهيم ويسهّل مهامه أكثر، والجانب اللبناني هو صاحب هذا القرار، ونحن طرحنا هذا الأمر، ليصار الى طرح هذا الموضوع وتشكيل لجنة مجددا. وسابقا كان مطروحا اسم اللواء عباس ابراهيم لترؤس اللجنة، ويمكن طرح اسمه مجددا أيضا لترؤسها في حال تمّت الموافقة على تشكيلها، بما أنه يتابع هذا الموضوع حاليا بتكليف رسمي مع الجانب السوري، ولكن من الافضل وضع آلية متكاملة. لكن لا شك ان هذه الآلية ستمر عبر الأمن العام لأنه الممر الإلزامي لها، لكنها تحتاج الى قرار من الحكومة اللبنانية، والجانب السوري جاهز للتعاون، وقد أبلغ الجانب اللبناني بذلك. حتى الجانب الروسي بلّغهم التنسيق مع الجانب السوري”.
وأوضح خوري “أننا نطرح هذه المواضيع في كل الاجتماعات مع كل الذين ألتقيهم. عند فخامة الرئيس إصرار على هذا الموضوع وعلى متابعته واتخاذ الخطوات اللازمة له، ولكن الموضوع يحتاج من دون شك الى بحث في إطار الحكومة اللبنانية لاتخاذ القرار المناسب”.
وعن المطالبة بإلغاء المجلس لانتفاء دوره بوجود السفير السوري ونظرا لكلفته العالية على خزينة الدولة، والمطالبة بمشاركة الدولة السورية بتمويله، أجاب: “موازنة المجلس متفق عليها بقرار من المجلس الاعلى اللبناني السوري المشترك، وهي ان تكون حصة كل من البلدين خمسين في المئة من قيمة الموازنة، كما تنص المعاهدة. حتى ان سوريا تدفع حصتها وأكثر، وقدّمت مقرّ الامانة العامة للمجلس مجانا من دون أي كلفة على الدولة اللبنانية. وفي فترة من الفترات كانت سوريا تدفع أكثر من لبنان. وتنص المعاهدة على إنشاء مجلس الامانة العامة والمجلس الاعلى ووضع نظام داخلي وسلسلة رتب ورواتب بقرار من المجلس الاعلى، والموازنة تُقر بقرار من المجلس الاعلى وتُدفع مناصفة بين الدولتين. ومنذ إنشائها حتى اليوم تدفع مناصفة ولا بل في فترة من الفترات، لم يكن يدفع لبنان حصته كاملة، كان الجانب السوري يدفع اكثر من لبنان”.
وردا على المطالبة بإلغائه، أشار خوري إلى أن “المجلس الاعلى تشكل برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب، ونائب رئيس الوزراء، وكذلك الأمر من الجانب السوري، وبموجب المعاهدة، ولا يمكن اتخاذ القرار بإلغائه إلا بتعديل المعاهدة بالاتفاق بين الجانبين، ولا يمكن إلغاؤها من جانب واحد، وهو غير مشكل بقرار لبناني، إنما بموجب معاهدة دولية مقرّة ومُبرمة رسميا ومُسجّلة في الامم المتحدة”.
وعن دور المجلس، قال: “جميع المسؤولين الذين يتواصلون مع “الأمانة العامة” يعرفون ما هو الدور الذي تقوم به وما هي الاجتماعات التي تقوم بها وما هي المشاكل التي تعالجها في إطار الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، واجتماعات اللجان المشتركة، من موضوع ضبط الحدود الى الترانزيت مرورا بالموضوع الزراعي والتجارة والاتفاقيات وصولا الى المياه والكهرباء وكل الامور التي تقوم الأمانة العامة بمتابعتها وتنسيقها وعقد اجتماعات للجان المختصة”.
وأضاف: “الطريقة التي يطرحون من خلالها موضوع إلغاء المجلس كلام سياسي. أما الكلام القانوني فيحتاج الى تفاوض بين البلدين. ولا مانع من ذلك، فليدعوا الى اجتماع ويطرحوا هذا الموضوع، وليأخذوا قرارا بالتفاوض مع الجانب السوري حول موضوع المعاهدة. حتى الامانة العامة والأمين العام منصوص عليهما في المعاهدة ومعينان بقرار من المجلس الاعلى، وقرارات المجلس الاعلى تُعد نافذة حكما في البلدين، وبالتالي اذا أرادوا القيام بأي خطوة، عليهم التصرف وفق القانون”.
وتابع: “منذ وُقعت المعاهدة عام 1994 وأنشئ المجلس الاعلى، الكلام نفسه يتكرر. الاطراف السياسية تتغيّر حسب المواقع السياسية. في فترة من الفترات كان هناك طرف يطالب بإلغائه. اليوم توقف عن المطالبة وأصبحت أطراف أخرى تطالب بذلك. وبالتالي هي مواقف سياسية اكثر مما هي قانونية، ولا شيء يمنع من طرح الموضوع مع الجانب السوري”.
وذكّر خوري بالعام 2010 عندما كان سعد الحريري رئيس مجلس الوزراء، “شُكِّلت لجنة لمراجعة الاتفاقيات، وكان يرأسها الوزير السابق جان اوغاسبيان وضمّت ممثلين عن كل الوزرات المعنية وكذلك من الجانب السوري وعقدت اجتماعات وراجعوا كل الاتفاقيات وأُدخلت بعض التعديلات على البعض منها، ووقعت مُعدّلة عام 2010 عندما زار الحريري دمشق وعُقد اجتماع لهيئة المتابعة والتنسيق برئاسته في سوريا وبرئاسة رئيس مجلس الوزراء السوري ناجي العُطَري وحضور 15 وزيرا لبنانيا و15 وزيرا من الجانب السوري، وكان من بينهم وزراء من كافة الانتماءات السياسية من القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وغيرهم، وطرحت وتمت مناقشتها، ولم يُطرح رسميا موضوع المعاهدة، بالعكس تم تأكيد الاستمرار بالعلاقات المميزة والاجهزة المنشأة بموجب المعاهدة وبتفعيل عمل أجهزة المعاهدة، بما فيها الامانة العامة. واليوم يمكن للجانب اللبناني إعادة طرح موضوع النظر بالمجلس اذا أراد ذك”.
وختم: “كل شيء قابل للنقاش، شرط ان يتخذ القرار بالحوار مع الجانب السوري في هذه المواضيع. ولا يمكن معالجة الامور في الاعلام”.