رحل البطريرك مار نصرالله بطرس صفير عن 98 عامًا و11 شهرًا، وهو الذي اشتهر بلقب بطريرك الاستقلال الثاني ولعب ادوارًا بارزة في تاريخ لبنان المعاصر في مجالات عدة جعلته رمزًا للحرية والاستقلال والقرار اللبناني المستقبل. رحل البطريرك صفير، ولكن بالفعل لا بالقول فقط، سيبقى رمزًا لن يموت وستتذكره الأجيال الطالعة لمواقفه الصلبة ليصلي للبنان واللبنانيين من عل “بطريرك السماء”.
في ما يلي نبذة عن حياته الحافلة:
البطريرك صفير كان البطريرك الماروني السادس والسبعون بعدما انتخب في 19 نيسان 1986 خلفًا للطبطريرك أنطون بطرس خريش وقاد الكنيسة المارونية خمسًا وعشرين عامًا حتى استقالته بداعي التقدم بالسن، ليكون بذلك ثاني بطريرك يقدّم استقالته وقد خلفه منذ 25 آذار 2011 البطريرك بشارة بطرس الراعي.
درس الطريرك صفير اللاهوت والفلسفة وفي 7 أيّار 1950، سيم كاهناً، وعيّن خادما لرعيّة ريفون وأمين سرّ أبرشيّة دمشق (صربا اليوم) حتى 1956، حين عينه البطريرك المعوشي أمين سر البطريركية. رُقيّ للدرجة الأسقفية وعين نائباً بطريركياً عاماً في 16 تموز 1961. وكان عضوًا في اللجنة الأسقفية عام 1974 التي سيّرت شؤون البطريركية بسبب مرض البطريرك المعوشي.
لعب البطريرك صفير دورًا بارزًا في السياسة اللبنانية، وساهم البطريرك مع الرعاية الدولية المتمثلة بالولايات المتحدة والفاتيكان والرعاية العربية المتمثلة باللجنة الثلاثية التي كانت تضم السعودية والمغرب والجزائر بإنهاء الحرب اللبنانية. كما رعى عام 2000 مصالحة الجبل مع وليد جنبلاط لإنهاء مفاعيل تهجير الجبل. كما أطلق في أيلول 2000 النداء التاريخي الأول للمطارنة الموارنة الذي دعا لخروج القوات السوريّة من لبنان وهو ما تحقق في 26 نيسان 2005 ما دفع العديدين لوصفه بـ”عرّاب ثورة الأرز”.
كما سجل البطريرك الماروني مواقف اعتراضية حادة على قوانين الانتخابات التي وضعت بعد الحرب في اثناء الوجود السوري والتى ادت عام 1992 الى اعلان المقاطعة المسيحية لتلك الانتخابات، معتبرا ان الهدف منها هو اقصاء فريق وتغليب فريق على اخر.
واعطت زيارة البابا الراحل مار يوحنا بولس الثاني عام 1997 الى لبنان، وما تخللها من مواقف، دفعا قويا لموقع البطريرك صفير ودوره الداخلي على اعتبار ان الساحة المسيحية في لبنان كانت تعيش يومها فراغا سياسيا.
على الصعيد الكنسي سجل البطريرك الراعي إنجازات عديدة أيضًا، فاستحدث عددًا من الأبرشيات للاغتراب الماروني وأعاد تنظيم أبرشيات النطاق الأنطاكي، كما صدرت في حبريته نسخ جديدة لأغلب الرتب الطقسية المارونية، ومأسس الكنيسة من خلال استحداث عدد من المنظمات والجمعيات التي تعنى بالناحية الاجتماعية، كذلك فقد انعقد في حبريته “المجمع البطريركي الماروني” الذي ختم أعماله عام 2006 وضمت توصياته أسس عمل الكنيسة في المستقبل؛ وأعلن خلال حبريته قداسة رفقا الريّس ونعمة الله الحرديني وتطويب يعقوب الكبوشي واسطفان نعمة.
بعد استقالته، ظلّ البطريرك مقيمًا في بكركي وعضوًا في مجمع أساقفة الكنيسة المارونية، متنحياً بالتالي عن رئاسة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وكذلك كاردينالاً للكنيسة الجامعة وهو اللقب الذي منحه إياه البابا القديس يوحنا بولس الثاني عام 1994.
إقرأ ايضًًا:
مسيرة البطريرك صفير بالصور… ذاكرة الوطن!