IMLebanon

مساع سياسية لإخضاع “المركزي” و”قيادة الجيش”

أثارت المادة 60 من مشروع قانون موازنة 2019 ضجّة في الايام الماضية، لا سيما في القطاع المصرفي. فهي تنص على “إخضاع الموازنات وتعديلاتها والحسابات للمؤسسات العامة لمصادقة وزير المال”. وقد فسّرها أكثر من خبير كمسعى لفرض وزير المال وصايته على ما يقوم به مصرف لبنان على ان يشمل هذا التدبير الموازنة الإدارية وموازنة المصرف بكل أعماله.

صحيح ان هذه المادة تم تعديلها بعد اتصالات حثيثة اجراها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مع المعنيين بالموازنة وشؤونها، بحيث كُرّست مجددا “استقلالية” “المركزي” وادارته، الا ان مصادر سياسية مطّلعة تقول لـ”المركزية” ان لا يمكن المرور على ما حصل مرور الكرام. فهي تشير الى ان قوى سياسية وازنة في البلاد كانت تريد تمرير هذا البند “الملغوم”، لفرض سيطرتها على المصرف وإخضاعه في الفترة المقبلة.

فبعض الاطراف، على حد تعبيرها، لم يعد يروق له واقع المصرف كما هو. وهؤلاء يكثّفون جهودهم، على أكثر من خط لإدخال تغييرات على كيفية  قيادته وعلى آلية اتخاذ القرارات داخله. والحال، ان ما جاء في المادة 60 يُعدّ حلقة في مسلسل محاولات “تدجين” المركزي من قبل البعض. فالبند بصيغته الاساسية، يلتقي مع الصراع السياسي الذي حال ولا زال، دون تعيين النواب الاربعة لحاكم مصرف لبنان، حيث تريد جهات فرضَ أسماء مقرّبة منها داخل الحاكمية، فتتمكن من “عرقلة” اية قرارات لا تناسبها ولا تتلاقى ومصالحها.

غير ان المصادر تكشف ان “توجّه” هذه الاطراف السلطوي”، لم يتوقّف عند محطة “مصرف لبنان”، بل توسّع ايضا الى قيادة الجيش. فهي تلفت الى محاولات دؤوبة دارت خلف الكواليس السياسية في الايام الماضية، لتغيير كيفية “الحل والربط” في القضايا العسكرية، من الصورة التي هي عليها اليوم، الى أخرى، بحيث توضع الكلمة الفصل في هذه الملفات، بعهدة المجلس العسكري مجتمعا، على ان يكون في هذا المجلس، ضباط تختارهم الاطراف السياسية، فتفرض ايضا سيطرتها على قرارات المؤسسة العسكرية.

وبعد سرد هذه المعطيات، تقول المصادر ان الركيزتين الاساسيتين اللتين تحميان لبنان اليوم، اي المصرف المركزي والجيش، واللتين تعدّان حجر زاوية الاستقرار الذي ينعم به لبنان وسط محيط ملتهب، تتعرضان على ما يبدو، لـ”هجمة ممنهجة”، لتطويعهما. واذ تقول ان هذه الطحشة، حتى الساعة، لم تنجح في تحقيق أهدافها، وقد تم إحباط مساعي “الإخضاع” التي حاول البعض، بالحيلة وبالمباشر، تنفيذها، تسأل المصادر عن خلفيات وأهداف هذه الجهات، مستغربة ان تستسهل اطراف لبنانية العبث بأعمدة “الهيكل” اللبناني، خدمة لمصالحها الفئوية والشخصية والحزبية الخاصة وربما ايضا خدمة لأجنداتها العابرة للحدود.

فمن المعروف، تتابع المصادر، أن التعويل المحلي والدولي أيضا، كبير على هاتين المؤسستين، وأن قيادتيهما نجحتا في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي والمصرفي والأمني والعسكري في الداخل، في أحلك الظروف السياسية المحلية والاقليمية والدولية. فباتتا محط ثقة كبيرة في الخارج، وشريكتين لأكبر عواصم القرار في العالم، التي لا تنفك تشيد بهما وتؤكّد عبر دبلوماسييها، ارتياحها للتعاطي مع كل من سلامة وقائد الجيش العماد جوزيف عون… وعليه، تختم المصادر “اذا كانت محاولات إسقاط هذين “الحجرين” مقصودة ولغايات معروفة فهذه مصيبة، وإن كان البعض لا يدرك مخاطر “هزّهما”، فالمصيبة أكبر”.