كشفت وفاة البطريرك الماروني السابق نصرالله صفير الأحد الفراغ الذي تعاني منه الساحة المسيحية في لبنان.
وظهر هذا الفراغ على الرغم من أن صفير لم يعد على رأس الكنيسة المارونية منذ العام 2011 عندما خلفه البطريرك بشارة الراعي الذي يفتقد إلى الجاذبية التي كان يتمتع بها صفير من جهة، كما يجد نفسه عاجزا عن لعب دور على الصعيد الوطني من جهة أخرى.
ولخص سياسي لبناني الوضع اللبناني الحالي بأنه يفتقد زعيما مسيحيا قادرا على إيجاد توازن مع حزب الله الذي استطاع فرض ميشال عون رئيسا للجمهورية في العام 2016 وأجبر في الوقت ذاته الزعيم المسيحي الآخر سمير جعجع على الرضوخ لإرادته.
واعتبر هذا السياسي المرحلة الراهنة بأنها الأسوأ التي يمرّ بها المسيحيون في لبنان منذ خريف العام 1990 عندما اجتاح الجيش السوري قصر بعبدا الرئاسي وأخرج منه ميشال عون الذي كان رئيسا لحكومة مؤقتة في تلك المرحلة التي كان فيها لبنان من دون رئيس للجمهورية.
ورأى هذا السياسي أن إصرار جعجع على إلغاء نفسه عن طريق اعتماد سياسة المهادنة مع رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل رئيس “التيّار الوطني الحر” أدى إلى تراجع مسيحي على كلّ صعيد في ظلّ شبه غياب لحزب الكتائب اللبنانية الذي لم يعد له سوى ثلاثة أعضاء في مجلس النوّاب اللبناني.
ومعروف أن البطريرك صفير بقي على الرغم من تركه كرسي البطريركية المارونية قيمة معنوية في ضوء المواقف التي اتخذها في مرحلة ما قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 وفي مرحلة ما بعد الاغتيال حين وقف بصلابة في وجه الوجود السوري في لبنان.
واعتبر السياسي اللبناني أنّ خيار زعيم السنّة سعد الحريري تفادي أي مواجهة مع حزب الله وحليفيه “رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل” ترك لبنان في وضع لا يحسد عليه، خصوصا بعدما خسر المسيحيون آخر رجالاتهم الكبار من الذين لعبوا دورا محوريا في بلورة تيّار وطني معترض على الممارسات السورية ثم الإيرانية في لبنان.