Site icon IMLebanon

عون: نحن في القعر وعلينا جميعًا التعاون للصعود

أمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ان “تشهد بداية العام المقبل عملية النهوض ويرتاح لبنان من الناحية المالية”، مشيرا إلى “اننا اليوم في القعر وعلينا جميعا ان نتعاون في القطاعين العام والخاص لنبدأ مرحلة الصعود”.

وكشف عون ان “بعد اقرار الموازنة سنبدأ ورشات عمل متوازية في كل القطاعات، ان كان زراعيا او صناعيا او بيئيا وغيرها، لتحسين الاقتصاد وإعادة النمو الى البلاد”.

وعن المعابر غير الشرعية وحماية الانتاج المحلي وتنظيم العمالة الاجنبية، اوضح عون ان “مجلس الدفاع الاعلى اتخذ قبل فترة قصيرة تدابير عدة لتنظيم العمالة السورية بالتعاون مع البلديات، ولكن للاسف غالبية البلديات لم تتعاون حتى الآن لتحقيق هذا الهدف، وربما سيكون التوجه الى مقاضاة اصحاب العمل الذين يوظفون سوريين بشكل غير قانوني”.

وشدد على “اهمية اللجوء الى تصنيع بعض الانتاج الذاتي وشراء المواطنين للبضائع ذات الصناعة الوطنية للحفاظ على ميزان المدفوعات وخفض العجز”.

كلام عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم وزير الصناعة وائل ابو فاعور مع وفد ضم النواب الصناعيين ميشال معوض ونزيه نجم ونقولا نحاس ومحمد سليمان وهاغوب ترزيان وشوقي الدكاش وروجيه عازار وطارق المرعبي وميشال ضاهر، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين الدكتور فادي الجميل واعضاء من الجمعية.

وخصص الاجتماع للبحث في واقع الصناعة اللبنانية ومطالب القطاع الصناعي، وتحول الى حوار بين عون والحاضرين، ركز على “مستقبل الصناعة اللبنانية والاجراءات الواجب اتخاذها لتعزيزها وتمكينها من مواجهة التحديات”.

في مستهل اللقاء، قال أبو فاعور: “دعيت الى هذا اللقاء لشهادتين، فأنا اشهد اولا على معاناة الصناعيين وعلى الظلم اللاحق بالصناعات اللبنانية نتيجة الاهمال التاريخي لكل القطاعات الانتاجية في لبنان وعدم أخذها في عين الاعتبار. وأشهد من ناحية أخرى على الجهد والدعم الكبير الذي تبديه فخامتكم للقطاع الصناعي والذي سيدخل الصناعة في لبنان في فجر جديد”.

وأضاف: “لقد وضعنا الاثنين مع معالي وزير الاقتصاد منصور بطيش لائحة بعدد من المستوردات الصناعية التي تعاني من الاغراق، وهي لا تعني الصناعة في وضعها الخاص فقط ونحمي من خلالها مادة معينة، بل تعني قطاعات صناعية كبرى، واذا ما اقرت، وهي ستقر بدعم فخامتكم، ستدخل الصناعة في زمن جديد، زمن ازدهار الصناعة وبالتالي ازدهار القطاع الانتاجي في لبنان. شهادتي هي أنه منذ اليوم الاول لقيام هذه الحكومة، كنت فخامة الرئيس الداعم الاول للصناعة وللقطاعات الانتاجية في لبنان. ونأمل أن يتم إقرار الاقتراح الذي تقدم به وزير الاقتصاد بإضافة 3 % او 2% كضريبة على المستوردات، لأنها أيضا ستدعم القطاعات الانتاجية في لبنان”.

وتابع: “نحن نعلم أننا نتجه الى زمن صناعي واقتصادي جديد في لبنان برعاية فخامتكم وجهد دولة رئيس الحكومة سعد الحريري وكل القوى السياسية المكونة للحكومة، وبشكل اساسي في هذه النظرة الاقتصادية الجديدة التي فتحت نقاشا اقتصاديا كان مهملا على مدى سنوات وسنوات”.

من جهته، تحدث نجم باسم النواب الصناعيين، فعرض الواقع الصناعي، لافتا الى ان “لبنان يستورد حوالى الـ22 مليار دولار ومن 6 مليار دولار الى 7 مليارات بشكل غير رسمي، ويصدر لبنان حوالى مليارين ونصف مليار دولار الى 3 مليارات سنويا. فأين هي العافية الاقتصادية من هذا كله؟ إن مصانعنا تقفل بالعشرات، لا بل بالمئات، أليست كل التقارير التي تردكم يا فخامة الرئيس توصي بحماية الصناعة من “ماكنزي” الى غيره من التقارير…أليست الصناعة هي من تشغل 140,000 شابة وشابا من أبنائنا”؟

وإذ اشار الى إن “الديون المتوجبة على الصناعيين للمصارف هي بحدود 8 مليارات دولار، هم عاجزون عن تسديدها”، طالب “الدولة بوضع هندسة مالية للصناعة بحيث تعطى حوافز ورديات مالية على التصدير تتراوح بين 15 و25%، تدفع بالليرة اللبنانية، وفقا لسياسة اقتصادية مالية توضع من قبل وزارات المالية والاقتصاد والصناعة وجمعية الصناعيين، أسوة بأغلبية البلدان التي تعول على التصدير وإدخال العملة الأجنبية”. كما طالب بأن “تعطى أيضا تسهيلات للمصنفين مصرفيا من الصناعيين فئة 1 و2 و3، بفائدة مدعومة لرأس المال التشغيلي ولمدة 10 سنوات مع سنتي سماح على غرار القروض المدعومة التي تعطى للآلات والمعدات”.

ثم طالب نجم بـ”التشدد في المرفأ وضبط التهريب ووضع “scanners” بأعداد تسمح بالكشف على كل المستوعبات من دون اي استثناء، وأن تعطى حوافز للصناعيين بتخفيض رسوم البلدية ورسوم المرافئ على الاستيراد والتصدير، وإعفائهم من ضريبة التحسين العقاري، فضلا عن اعتماد التعرفة الصناعية للكهرباء 5/9 من أسعار التعرفة المنزلية، إضافة الى الغاء ضريبة الدخل عنهم لمدة 10 سنوات”.

والقى رئيس جمعية الصناعيين الدكتور فادي الجميل كلمة، ركز فيها على مطالب الصناعيين الاساسية “التي لم يتم تحقيقها وسط تجاذبات ومهاترات لا تخدم الاقتصاد ولا تخلق فرص العمل والنمو”. وذكّر “اننا في جمعية الصناعيين تقدمنا في العام 2014 برؤية اقتصادية اجتماعية إنقاذية متكاملة، تحفز الاقتصاد وتحصن الاستقرار الاجتماعي، وتمنينا وجود هيئة طوارئ اقتصادية اجتماعية على مستوى الحكومة تضم الوزراء المعنيين لمواكبتها، لكن هذا المشروع لم يتحقق مع ان بعض التدابير اتخذت بالتجزئة”.

وعدد الجميل الاولويات التي يطالب الصناعيون بتوافرها في الموازنة، ومنها “اعلان منظومة لبنان “صفر فساد” بعد وضع آلية لمكافحة الفساد، ومنع التهريب وعمل المؤسسات غير الشرعية، ومنع الاغراق والمحافظة على شريحة مهمة من الصناعات اللبنانية، ومنها صناعات عريقة، عبر معالجة ملفات الاغراق، وتخفيف أكلاف الانتاج تمول عند الضرورة عبر رسم استثنائي بنسبة 3% على الاستيراد، وتحصين الصناعة اللبنانية عبر وضع رسم استثنائي بنسبة 10% على جميع المستوردات التي ينتج مثيل لها في لبنان باستثناء المواد الاولية، ومعالجة اكلاف الطاقة للقطاعات التي تستهلك طاقة مكثفة، والسير بالمشروع الذي اعدته وزارة الصناعة لهذه الغاية، واقرار رديات على التصدير اسوة بما تقوم به بلدان عديدة بغية الافادة من القدرات المتاحة لزيادة الصادرات. واننا على استعداد للقبول بتمويل الرديات للصادرات واكلاف الطاقة عن طريق سندات خزينة لمدة 6 سنوات لحين البدء باستثمار ثروة النفط والغاز الموعودة”.

وقدم الجميل مذكرة خطية الى الرئيس عون بأبرز مطالب الصناعيين.

ثم دار حوار بين الرئيس عون والحاضرين، حول عدد من القضايا التي تهم الصناعة اللبنانية. فشكر النائب شوقي الدكاش رئيس الجمهورية على “العناية التي يوليها للقطاع الصناعي”، وقال: “انا اعرف ذلك منذ كنا نأتي اليكم مع جمعية الصناعيين وصولا الى اليوم كنائب، مع تأكيدكم الدائم على ايلاء الاهمية للقطاعات الانتاجية في البلد. نحن نكبر برؤيتكم لتحويل اقتصادنا من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج، ومتكلون عليكم في ما تسعون له”، وشدد على “اصرار الصناعيين على ضريبة 2 او 3% واهمية وصول عائداتها الى مختلف القطاعات الانتاجية”.

ثم تحدث النائب ميشال ضاهر، فشدد على اهمية “الخطة الاقتصادية التي تبنيتموها”، مطالبا بـ”موازنة تؤكد الاستثمارات وتفعل الانتاج”، وقال: “من عندكم، نحن نطلق صرخة بوجه استهداف الصناعة في البقاع وما من احد منا مع التلوث في نهر الليطاني”، كاشفا ان “هناك نحو 300 الف ليتر من الصرف الصحي ترمى في هذا النهر، وهذا الامر لا تتم معالجته من خلال التشهير الاعلامي لكن عبر محطات تكرير، على ان يترك الامر للقضاء لمعالجة كل المسائل المرتبطة به بروية وموضوعية”.

وتحدث النائب روجيه عازار، فطالب بـ”تفعيل الدورة الاقتصادية من خلال خلق فرص عمل لنحو ستين الف وظيفة في قطاعات الصناعة والزراعة، تكون بداية خطوة ايجابية لتفعيل اقتصادنا اكثر فأكثر”.

بدوره، اشار النائب نقولا نحاس الى “مشكلة التهريب الى الاسواق اللبنانية والتي تؤدي الى اغراقها بالبضائع”، داعيا في الدرجة الاولى الى “مكافحة عمليات التهريب بحزم واشراك جميع المؤسسات بالضريبة على القيمة المضافة”.

كما لفت النائب اغوب ترزيان الى “مشكلة التهريب عبر الحدود البرية”، وتمنى مكافحتها بشكل جذري “بسبب الأضرار الفادحة التي تلحقها بقطاعات انتاجية كثيرة في لبنان”.

ثم تحدث النائب ميشال معوض، فلاحظ من جهته انه “للمرة الاولى هناك نقاش اقتصادي يدور في خلال دراسة الموازنة، وهذا امر ايجابي، لأن الموازنة يجب ان تتضمن نظرة الى المستقبل”.

وإذ لفت الى “مشكلة حجم القطاع العام”، قال: “بدلا من ان تكون الدولة والقطاع العام بتصرف الاقتصاد، بات الاقتصاد بتصرف ضبط العجز بالموازنة، وذلك بسبب عدم اجراء اصلاح في القطاع العام، وهذا يلقي عبئا على القطاع الخاص الذي يطلب منه سد العجز بالموازنة”.

ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، واشار الى أنه منذ اليوم الاول لانتخابه رئيسا للجمهورية وحتى قبل قدومه الى لبنان، كان مدركا للوضع، لافتا الى مقالة كتبها عشية عيد الاستقلال في العام 1995 تحدث فيها عن الاعمار ومشاريع الاعمار، وقد لفت في حينها الى أن هذه العملية “هي لإثراء الاثرياء وإفقار الفقراء، وهي تلغي ما يسمى بالطبقة الوسطى، ذلك لأنها لم تكن موجهة في اتجاه تنمية الاقتصاد الوطني، وهذا ما حصل”.

وقال: “لقد تهجرت الطبقة الوسطى، واليوم نعيش معاناة نتيجة الاقتصاد الريعي، وعدم التنظيم والتهرب الضريبي وغيره. والجميع يعلم أننا في صدد انجاز مشروع الموازنة وإعطائها الطابع الاقتصادي بالرغم من أن لدينا حاجة مالية، وقد وصلنا الى مرحلة صعبة في هذا المجال في معظم القطاعات. وقد بدأنا تحقيق ما كنا نطمح اليه، واستلم الوزارات جيل جديد يحب التغيير، ما ينعكس مزيدا من التطور، على أمل أن تكون المشاريع التي ستنجزونها مفيدة لكم وللبنان، لأنه من المستحيل الاستمرار على هذه الحالة”.

ولفت الى ان “دول الاتحاد الاوروبي تصدر الى لبنان بقيمة 8 مليارات و800 مليون دولار، فيما يصدر لبنان اليها حوالى 500 مليون دولار، فلا يجوز الاستمرار بهذا الاغراق. ومن هنا تكمن اهمية اللجوء الى تصنيع بعض الانتاج الذاتي، وشراء المواطنين للبضائع ذات الصناعة الوطنية، مما يساعد على الحفاظ على ميزان المدفوعات وخفض العجز”.

وامل عون في ان تشهد بداية العام المقبل “عملية النهوض ويرتاح لبنان من الناحية المالية، وذلك سيكون نتيجة امرين مهمين، اولهما استخراج الغاز ما يرفع تصنيف لبنان في الاسواق المالية، إضافة الى تأمين زيادة في الانتاج الكهربائي وذلك في الربع الاول من السنة المقبلة مما سيساعد القطاع الصناعي على النهوض”.

الى ذلك، عرض عون مع وزير الزراعة حسن اللقيس عمل الوزارة ونتائج الزيارات التي قام بها لسوريا والاردن والسعودية ودبي للبحث في التعاون الزراعي بين لبنان وهذه البلدان، لاسيما لجهة تأمين تصريف الانتاج الزراعي اللبناني في ضوء الصعوبات التي واجهته.

وأوضح اللقيس ان “الاتفاق تم مع الاردن على تمكين الانتاج الزراعي اللبناني من المرور الى العراق عبر معبر طرابيل، وقد تم التجاوب مع الطلب اللبناني”.

وأشار إلى انه عرض مع عون “الصعوبات التي يواجهها المزارعون، لاسيما مزارعي الزيتون، بعد انتشار مرض عين الطاووس الذي استهدف ايضا اشجار الصنوبر”، لافتا إلى أن “البحث تناول ايضا مشروع موازنة وزارة الزراعة خصوصا والموازنة عموما”.

واستقبل الرئيس عون رئيس مجلس ادارة مصرف الاسكان جوزف ساسين، الذي اطلعه على عمل المصرف الذي “لم يتوقف عن اقراض المواطنين رغم الازمات التي عصفت بالقطاعات الإسكانية الاخرى”.

واوضح ساسين انه وضع رئيس الجمهورية في “تفاصيل اتفاق القرض الذي عقده مصرف الاسكان مع الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي، والذي تبلغ قيمته 50 مليون دينار كويتي، اي ما يعادل 165 مليون دولار اميركي، سيوضع لدى مصرف لبنان لتعزيز موجوداته بالعملة الاجنبية وتوفير كلفة الدعم، لان هذا القرض مدعوم من المنشأ، وسيعطي مصرف لبنان مصرف الاسكان ما يعادل قيمة القرض بالعملة اللبنانية لاعطاء قروض للذين تقدموا بطلبات الى المصرف، على ان تكون فائدة القرض بحدود 5,5% ومدة التسديد 30 سنة”.