Site icon IMLebanon

الحسن: نزع سلاح “الحزب” قرار إقليمي.. ولا استثناء للايرانيين

حوار خالد عباس طاشكندي:

رغم ما يشاع من وصف للزوجات في العالم العربي بأنهن «وزارة الداخلية»، إلا أنه لا يوجد سوى امرأة عربية واحدة استطاعت فعليا أن تقود وزارة للداخلية في الوطن العربي. وفي حوارها مع «عكاظ» قالت أول وزيرة للداخلية في تاريخ لبنان والوطن العربي، ريا الحفار الحسن، إنها تسعى لتغيير الصورة الذهنية والنمطية السلبية عن «الداخلية» لدى المواطنين بأنها مرتبطة بالقمع والتضييق عليهم، بحيث تكون مخصصة لخدمة المواطن والالتزام بتطبيق القوانين بجانب الاهتمام باللمسة الإنسانية في التعامل مع العديد من الملفات المتعلقة بالأمن مثل السجون والعنف ضد المرأة وغيرها من القضايا. واعتبرت الحسن التي كانت أيضاً أول وزيرة للمالية في لبنان في 2009، أن وصول أربع نساء في قيادة وزارات مهمة وليس في مناصب نمطية مرتبطة عادة بالنساء يعد إنجازاً كبيراً للمرأة اللبنانية وغير مسبوق، ومع ذلك تؤكد أن النساء في لبنان يطمحن إلى تحقيق تمثيل سياسي أكثر من ذلك للمساهمة بشكل أكبر في صناعة القرار في لبنان. وتطرقت إلى العديد من القضايا الحدثية المهمة حول الأمن والإرهاب وكيفية التعاطي مع أنشطة مليشيا «حزب الله»، كما كشفت عن طبيعة الاستعدادات والتعزيزات الأمنية في موسم السياحة الصيفية، وأبدت امتنانها لإلغاء السعودية التحذير من السفر إلى لبنان، مؤكدة أنها قامت بطمأنة السفير السعودي في بيروت حول الإجراءات الجديدة التي اتخذت بهدف تعزيز الجانب الأمني.. فإلى نص الحوار:

أتيتم من قطاع المال والأعمال البعيد عن المجال الأمني.. ألا يشكل هذا الأمر عائقا أمام أداء مهامكم أو له تأثيرات سلبية على الأمن الداخلي؟

أبداً.. هناك العديد من التجارب العالمية المماثلة التي يعين فيها أشخاص في مناصب أمنية، ولا يكون تخصصهم مرتبطا بالمجال الأمني مباشرة، ويقومون بأداء مهامهم على أكمل وجه، وفي لبنان غالبية الوزراء السابقين الذين تعاقبوا على وزارة الداخلية أتوا من خلفيات مختلفة ولم يكونوا من الأمنيين، ووزير الداخلية الوحيد الذي كان أمنياً هو مروان شربل، والأمر الأهم في هذا الشأن هو أن يكون لدى الوزير شخصية قيادية وأن يمتلك المعرفة بكيفية الاختيار والاعتماد على أكفأ المسؤولين والمديرين الأمنيين، وعلى الوزير أن يضع الإطار التنسيقي بين الأجهزة الأمنية وأن يكون لديه نظرة إصلاحية لتمكين الأجهزة الأمنية من التطور ومواكبة التطورات في المجال الأمني على الصعيد العالمي.

تراجعت السياحة في لبنان خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة للأوضاع الأمنية في المنطقة وارتفاع المخاطر في الداخل اللبناني، ما أدى إلى حظر بعض الدول السفر إلى لبنان.. ما الضمانات التي تقدمونها لطمأنة السائحين؟ وما أبرز الإجراءات التي اتخذت لجعل لبنان وجهة سياحية آمنة؟

أولاً نحن ممتنون لإلغاء السعودية التحذير من السفر إلى لبنان، ونفس الأمر مع دولة الإمارات التي سترفع الحظر عن السفر إلى لبنان قريباً وتقوم حالياً بتقييم أمني، وبناء على هذا التقييم أكد المسؤولون أن الوضع الأمني مستتب ويوجد ارتياح وقبول لمستوى الإجراءات الأمنية المتبعة، وبشكل عام، لا يوجد أي خطر أمني على جميع السياح الأجانب والمواطنين، وبرغم أننا اليوم محاطون بمنطقة متأزمة لكن بفضل تطور الأجهزة الأمنية واحترافيتها أصبحت الوزارة قادرة على القيام بعمليات استباقية حتى تقتلع الإرهاب من جذوره، ومضت حتى الآن نحو أربعة أعوام دون وقوع أي حادثة أمنية تذكر، وهو ما يلغي أي مخاوف لدى أي سائح أجنبي يرغب أن يأتي إلى لبنان.

ونحن حالياً نقوم بمجموعة من الإجراءات الأمنية المستحدثة في المطار، وقد قمت بطمأنة السفير السعودي وليد البخاري بخصوص هذه الإجراءات الجديدة التي تهدف إلى تعزيز الجانب الأمني، بالإضافة إلى التحديثات القائمة والتوسعات من أجل أن يظهر مطار بيروت الدولي في حلة جديدة مع بداية شهر يونيو القادم، وستخفف من الازدحام في المطار لتيسير حركة السياحة والسفر في موسم الصيف.

ويوجد حالياً تنسيق دائم بين الأجهزة الأمنية وأعطينا تعليمات مشددة بملاحقة أي شخص يستغل بطريقة غير مناسبة أي سائح يأتي إلى لبنان، كما أننا أنشأنا خطا ساخنا للسياح بالتنسيق مع وزارة السياحة لاستقبال أي استفسارات أو شكاوى وبلاغات من قبل أي سائح، وهذا الخط مرتبط بالأجهزة الأمنية في حال وجود أي حالة تستدعي تدخل الجانب الأمني، وهذا بالإضافة إلى التعميم المرسل إلى جميع البلديات للقيام بعدد من الترتيبات الإضافية في أماكن الفعاليات السياحية، ولا توجد أي مخاطر عدا بعض الحوادث الاعتيادية التي ممكن أن تحدث في أي بلد مستقر، ونحن الآن نقدم العديد من الإجراءات المخصصة للسياح حتى نضمن لهم إقامة مريحة.

ولكن تشير العديد من التقارير الصحفية والدولية إلى أن مطار بيروت الدولي مخترق من قبل مليشيا حزب الله ويقع تحت سيطرتها.. ما صحة ذلك؟

هذه التقارير مبالغ فيها كثيراً، ونحن ندرك أن «حزب الله» هو جزء من النسيج اللبناني وموجود في كل مكان، ولكن ما يشاع حول أن هذا الحزب يسيطر على المطار هو بعيد عن الصحة تماماً، فأمن المطار تديره عناصر أمنية رسمية فقط من الأمن العام والأمن الداخلي والجيش الوطني ولا توجد أي جهات أخرى خارجة عن المؤسسات الرسمية للدولة اللبنانية، والتقارير التي تدعي بأن المطار مخترق على الأرجح أن لديها بعدا سياسيا نتفهم مآربه، ولكننا نؤكد مجدداً أنه لا يمكن أن يكون المطار واقعاً تحت أي نوع من السيطرة من قبل أي حزب أو جهة ما خارج إطار المؤسسات الرسمية.

العام الماضي، أثار إعلان السفارة اللبنانية في طهران إلغاء ختم جوازات الدخول والخروج للمسافرين الإيرانيين من وإلى مطار بيروت جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام.. لماذا حصلوا على ذلك الاستثناء؟

على حد علمي، ليس هناك أي مسافر قادم من إيران يستطيع أن يدخل من مطار بيروت دون أن يحصل على تأشيرة دخول، وليس لدي معرفة حول ما إذا حدثت استثناءات في السابق ولكن سوف نسأل الأمن العام عنها حتى نتأكد ونعرف الأسباب، ولكن حسب علمي لا يوجد أي إجراء رسمي يسمح للإيرانيين بالدخول عبر المطار دون ختم إذن الدخول، والمؤكد أنه لا يسمح بدخول أي مسافر قادم إلى لبنان دون أن يختم على جواز السفر وإذا لم يختم على الدخول والخروج فهذه تعتبر «فضيحة»، ومسألة إعطاء استثناء من هذا النوع يجب أن يأتي عبر قرار رسمي من مجلس الوزراء، ولا يوجد حالياً أي تداول لهذا الموضوع سواء بين وزارة الداخلية ومجلس الوزراء أو بالتنسيق مع وزارة الخارجية، وبالتالي الأمن العام يلتزم بتطبيق ما تنص عليه الأنظمة، ولن نقبل بمعاملة مختلفة ومخالفة للأنظمة لأي زائر قادم من أي بلد.

من المسؤول عن سلاح «حزب الله».. وهل يمكن للداخلية اللبنانية ان تنزع سلاح هذا الحزب؟

بالنسبة إلى نزع سلاح «حزب الله»، فهذا القرار بديهي ويدخل في إطار البديهية الدفاعية، واليوم «حزب الله» هو جزء لا يتجزأ عن النسيج الاجتماعي في لبنان، ويشارك في الانتخابات وله تمثيل في مجلس النواب والحكومة، ورئيس الحكومة كان واضحاً في أن نضع هذا الخلاف الإستراتيجي حول نزع الأسلحة على جانب حتى يحين الوقت بأن نبحث هذه المسألة بعمق من خلال ما يعرف بـ«الإستراتيجية الدفاعية»، وفي هذه المرحلة نحن نسعى لرفع الأعباء عن الوطن ونريد أن نتعاون بشكل بناء وعملي ضمن إطار مجلس الوزراء والنواب، لأنه ليس في وسعنا أن نصعد أي إجراء اليوم من دون أن يجتمع هذا الفريق السياسي الكبير مع حركة أمل على نفس الطاولة، وهذا ما نسعى إليه في هذه المرحلة وهو الربط بين جميع هذه الأطراف الأساسية وطرح القرار ضمن إطار استراتيجية الدفاع الوطنية.

ولكن «حزب الله» يمارس أدواراً سلطوية وكأنه دولة داخل الدولة.. ألا يؤرقكم هذا الأمر وكيف تتعاملون معه؟

نفس الإجابة السابقة، وبكل تأكيد إن وجود سلاح بشكل غير رسمي في الداخل هو حالة لا يجب أن تستمر، ونحن ندرك هذا الأمر تماماً، وبالتأكيد هذا الأمر يشكل مصدر قلق للكثير من الفئات اللبنانية، ولكن معالجة هذه القضية يجب أن تتم ضمن إطار إقليمي، إذ ليس بوسعنا تحميل لبنان معالجة وحسم هذا الأمر وحده في الوقت الذي توجد فيه قوى إقليمية كبيرة تدخل على الخط، وما نريد أن نقوله اليوم هو أن الجيش والقوى الأمنية الرسمية هي التي تقوم بحفظ الأمن وهي التي تقوم بجميع الإجراءات الرسمية المتعلقة بالأمن داخل لبنان، وأي نشاطات خارج هذا الإطار لحزب الله في الداخل السوري على وجه التحديد نحن لسنا معنيين بها بشكل مباشر لأن الحل ليس في أيدينا فهذه المسألة تدخل في نطاق قرار إقليمي لحل سلاح حزب الله.

ما هي تداعيات الأزمة السورية على الداخل اللبناني خصوصا من الناحية الأمنية؟

اجتمعنا عدة مرات مع المجلس الأعلى للدفاع وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة السيطرة على جميع المعابر غير الشرعية، وبناء على قرار رئيس الجمهورية تمت زيادة أعداد الجنود المرابطين على المعابر الرسمية والمناطق الحدودية، كما أن لدينا أبراج مراقبة على الحدود ساهمت في السيطرة بشكل أفضل على المعابر غير الشرعية والآن تم دعمها بقرار من المجلس الأعلى للدفاع بزيادة أعداد الجيش في النقاط الحدودية لوقف أي عمليات تسلل من قبل أي جهات خطرة من الداخل السوري إلى الداخل اللبناني، هذا الأمر يتم تطبيقه بشكل دائم ونحن شددنا على ذلك.

أما في ما يتعلق بالتداعيات على الوضع الداخلي اللبناني، فجميعنا يعلم أن أكبر مشكلة أمنية يعاني منها لبنان اليوم هي الملف السوري والنازحون الذي يكلف أعباء كثيرة وكبيرة على الحكومة اللبنانية، سواء على البنى التحتية والمدارس والمجتمعات المضيفة والاقتصاد وأعباء عديدة أخرى، وهذا الأمر نعاني منه يوميا وخاصة الجهات المعنية بمتابعة هذا الملف مباشرة، ونحن ننسق مع المجتمع الدولي ليس فقط لمساعدة النازحين السوريين بل أيضاً لدفع الضرر عن المجتمعات المضيفة.

تشير العديد من التقارير إلى أن تدخلات النظام السوري والإيراني كانت سببا رئيسيا في تعطيل التشكيل الحكومي.. هل لديكم خطط للتصدي إلى هذه التدخلات؟

لقد كان تأليف الحكومة شأناً داخلياً وأؤكد على أنه لم يرتبط بشأن خارجي، وأخذ وقتا حتى وصلنا إلى حكومة وحدة وطنية والتركيبة التي تناسب وضعنا الداخلي، ولم يكن هناك أي تدخلات خارجية ولكن كل حزب من الأحزاب السياسية كان لديه أجندات إقليمية معينة ولكن لم يكن هناك تداخل مباشر من جهات خارجية في مسألة تعطيل تأليف الحكومة.

كيف تتعامل الحكومة اللبنانية الآن مع «حزب الله» الذي يتولى 3 وزارات في الحكومة الحالية بعد تصنيفه من قبل أمريكا وبريطانيا والعديد من الدول على أنه تنظيم إرهابي بكافة أجنحته السياسية والعسكرية؟

هذا شأن يخص الحكومة الأمريكية أو البريطانية وهي سياسة خارجية اعتمدت من قبلهم، أما بالنسبة لنا في ما يتعلق بمجلس الوزراء والنواب فهي لا تتأثر بذلك فالجهات الأجنبية التي صنفت «حزب الله» جهة إرهابية لا يفسر قرارها على أنه يشمل التعامل مع وزراء ونواب حزب الله في الحكومة اللبنانية فهؤلاء جزء من الحكومة.

هل لديكم خطط جديدة لمواجهة أنشطة تجارة المخدرات وغسل الأموال؟

أهم شيء بالنسبة لإصلاح العمل في الشأن المتعلق بمكافحة غسل الأموال هو أن يكون في الإطار التنظيمي والرقابي على المصارف، ونحن اليوم وباعتراف جميع الجهات الأجنبية المالية نتبع قواعد الامتثال للنظام المصرفي والمالي في لبنان وفقاً للقواعد العالمية ولا يوجد لدينا أي نشاط مشبوه يمر من خلال القطاع المصرفي، أما بالنسبة لأنشطة تجارة المخدرات، فنحن نقوم بكل الأنشطة الرقابية سواء في الجمارك أو عن طريق القوى الأمنية في الداخل أو عبر الحدود، ونكشف يوميا عن عمليات تهريب من هذا النوع ونعمل قدر ما نستطيع على وقف عمليات التهريب عبر الحدود والمعابر البرية، وأي عمليات زراعة لنباتات مشبوهة في المزارع تخضع للرقابة من قبل الجهات الأمنية وقوات الجيش كجزء من العمل الروتيني وتعمل هذه الجهات بقدر المستطاع للتصدي لهذه الأنشطة.

بعد نحو 3 أشهر في الوزارة.. ما الذي تغير؟

منذ بدء تسلم مسؤولية وزارة الداخلية قلت إنني أريد تغيير الصورة النمطية والذهنية عن الداخلية بأنها مرتبطة بالقمع والتضييق على المواطنين، ولذلك قلت منذ اليوم الأول في الوزارة إن وزارة الداخلية هدفها تطبيق القوانين وخدمة المواطن وهذه هي المقاربة التي اعتمدها في نهجنا العملي بالوزارة، وأي ملف نتعاطى معه أشدد على الالتزام بتطبيق القانون بحذافيره وعدم حصول أي مخالفات تحت أي غطاء، من جهة ثانية، نضع لمسة إنسانية عند التعامل مع عدد من القضايا مثل السجون والعنف ضد المرأة وعمل الجمعيات الأهلية، وهذا التوجه قمت بتعميمه كممارسة يومية على جميع المديرين العامين والإدارات التابعة للوزارة.

في الحكومة الحالية توجد أربع سيدات من بين 30 وزيراً.. هل يعني هذا أن المرأة اللبنانية لا تزال بعيدة عن المناصفة الاجتماعية والسياسية في الحقوق؟

نحن تقدمنا خطوات كبيرة، وبكل تأكيد تطمح النساء في لبنان تحقيق المزيد من التقدم ونتمنى أن يكون لنا تمثيل سياسي أكبر، وكوننا نصل لأول مرة في تاريخ لبنان لأربع وزيرات يقدن وزارات مهمة وليس في مناصب نمطية مرتبطة عادة بالنساء فهذا بحد ذاته إنجاز كبير، ولذلك نحن نرى أن هذا تطور مهم جداً نحو اكتساب النساء في لبنان المزيد من القدرة على استلام مواقع قيادية مهمة وغير نمطية وتساهم في صناعة القرار في لبنان.