كشفت مصادر سياسية وديبلوماسية أنّ زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد للبنان تحمل هذه المرة أبعاداً مميزة يستحسن بالمسؤولين اللبنانيين التقاطها والتعاطي معها بذهنية جديدة، نظراً للأوضاع الدقيقة ولتمرير هذه المرحلة المليئة بالمفاجآت بأقل ضرر ممكن.
فزيارة هذا المسؤول الأميركي تأتي فيما ترتفع حرارة التحديات الأميركية ـ الإيرانية في الخليج وقبل أسابيع قليلة من كشف واشنطن عن بنود “صفقة العصر” التي سيكون لها ارتداداتها اللبنانية من خلال اللاجئين الفلسطينيين وتثبيت الحدود البرية الدولية والثروة النفطية.
وعلمت “الجمهورية”، من مصادر التقاها ساترفيلد أمس، أنّ مهمته تتركز على النقاط الآتية:
ـ الأولى: مصير الاتصالات الجارية للتنقيب عن النفط في المنطقة الحدودية اللبنانية ـ الإسرائيلية. وفي هذا الإطار ينصح ساترفيلد الدولة اللبنانية بأفضلية القبول منذ الآن بإجراء مفاوضات، ولو غير مباشرة، مع إسرائيل للاتفاق على ترسيم الحقوق اللبنانية في هذه المربّعات النفطية والغازية لأنّ الاتصالات التي أجرتها الإدارة الأميركية مع إسرائيل في الأشهر الأربعة الأخيرة لم تسفر عن تليين الموقف الإسرائيلي حيال فكرة ترك الحرية للبنان في التنقيب عن النفط من دون التفاهم على ترسيم الحدود البحرية بينهما.
وتضيف المعلومات أنّ المسؤول الأميركي جدّد استعداد واشنطن للعب دور في المفاوضات يكمل الدور الذي تحاول الأمم المتحدة القيام به، والذي وصل على ما يبدو إلى حائط مسدود لأنّ إسرائيل لا تثق بالمنظمة الدولية وتفضّل أن تلعب واشنطن دور الوسيط بينها وبين لبنان.
وحسب المسؤول الأميركي، إنّ من مصلحة لبنان المباشرة في هذه المفاوضات لأنّ احتمال حصول تطورات إقليمية سلمية أو عسكرية سيهمّش الوضع اللبناني ويعرقل قدرة لبنان على استخراج النفط الذي يبدو أنه الحل الوحيد للمديونية اللبنانية.
ـ الثانية: ضرورة معالجة وضعية “حزب الله” داخل السلطة اللبنانية. فالمسؤول الأميركي يشير إلى أنه من الصعوبة تحييد ساحة لبنان عن التطورات الشرق الأوسطية طالما بقي حجم دور “حزب الله” في قرار الحرب والسلم على ما هو عليه.
ويبدو حسب المصادر ذات الثقة أنّ لدى الأجهزة الأميركية معلومات تؤكد أنّ “حزب الله” سيتحرك عسكرياً في حال حصل أي تدهور بين إسرائيل وإيران، أو بين أميركا وإيران.
وتؤكد هذه المعلومات أنّ “أميركا وإسرائيل صبرتا ما فيه الكفاية على تصرفات “حزب الله” وعدم تقيّده بالقرارات الدولية، ولاسيما منها القرار 1701″.
وطالب ساترفيلد الحكومة اللبنانية باعتماد موقف متمايز عن “حزب الله” إذا كانت عاجزة عن ضبطه، وشدّد على ضرورة حصول افتراق حقيقي بين المؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان وقيادات “حزب الله”.
ـ الثالثة: طريقة تطبيق لبنان العقوبات الأميركية ضد “حزب الله”، ذلك أنّ الإدارة الأميركية تملك معطيات تشير إلى أنّ “الحزب” لا يزال يتمتع بحرية الحركة المالية والاقتصادية من خلال مؤسسات لبنانية تنتمي إلى النظام المالي اللبناني.
وشدّد ساترفيلد على ضرورة معالجة هذا الموضوع سريعاً لأنّ الإدارة الأميركية ترغب في حماية النظام المصرفي اللبناني وفي مساعدة لبنان اقتصادياً، لكن يفترض بلبنان في المقابل أن يساعد نفسه ولا يتذرّع دائماً بضعف الدولة أمام “حزب الله” للتمَلّص من الالتزامات الدولية.
وذكرت المصادر نفسها أنّ ساترفيلد أبلغ الى شخصيات لبنانية أنّ المرحلة السابقة كانت مرحلة مراوحة تسمح بأخذ الأوضاع اللبنانية في الاعتبار والتسامح، لكنّ المرحلة الحالية مختلفة، إذ انّ المنطقة مرشحة للدخول في مدار جديد يصعب معه التهاون مع الحالة اللبنانية.