بعد كرّ وفرّ بين أهالي المنصورية والقوى الأمنية على مدى أسبوع احتلت خلاله “وصلة المنصورية” واجهة الأحداث، تراجعت حدّة الاحتجاجات وفتحت الطرق في وقت تواصل كهرباء لبنان أعمال مد خطوط التوتر العالي في الهواء.
وعلى رغم فتح بكركي أبوابها لجمع الطرفين والاجتماعات التي عقدت برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، فضلا عن اللقاءات في وزارة الطاقة وكان آخرها اجتماع ضم عضو تكتل “لبنان القوي” النائب إدي معلوف مع وفد من الأهالي والبروفسور سليم أديب إلا أنه لم يتم التوصل إلى حل، وذلك في ظل رفض الأهالي لمد الخطوط في الهواء متهمين وزارة الطاقة بالاستناد إلى دراسات منتهية الصلاحية وتجاهل التقارير المحدثة وإصرار الوزيرة ندى البستاني في المقابل على تطبيق قرار مجلس الوزراء واستكمال الوصلة ونفي وجود أي خطر صحي ناجم عنها .
وفي السياق، أشار معلوف عبر “المركزية” إلى أن “أجواء اجتماع “الطاقة” لم تكن متشنجة كما أشيع، وتم مناقشة وجهتي النظر والبروفسور أديب قدّم دراسته وطلب أخذها في الاعتبار”، مشددا على “علمية تقارير الوزارة التي تستند الى دراسات منظمة الصحة العالمية وتقارير أوروبية”.
وقال: “في حال لم يقتنع الأهالي بكل تلك الدراسات، طرحنا البديل بأن يتم شراء الشقق فالدولة مستعدة لهذه الخطوة وإذا حصل جدل حول السعر لكل حادث حديث”، لافتا إلى أن “الوزارة لا تتحمل وحدها مسؤولية تواصل الأعمال، ففي بيان بكركي تمت الإشارة الى ذلك كما أن القرار متخذ في مجلس الوزراء”.
من جهته، أشار الناشط البيئي رجا نجيم عبر “المركزية” إلى أن “ما يحصل لن يمر مرور الكرام وصمت الأهالي عن مواصلة الأعمال سينتهي بدءا من الجمعة المقبل وستكون هناك أشكال جديدة من الاعتراض نُفصح عنها في موعدها”، لافتا إلى أننا “تقدمنا بشكاوى دولية والتحضير جار لتقديم شكوى أمام القضاء اللبناني ضد التزوير والتحريف الحاصل”.
وأضاف: “نحن بانتظار يوم الجمعة لنرى كيف ستتطور الأمور”، مشددا على أن “ما تم تركيبه من خطوط ستعود الوزارة وتزيله بنفسها، فهذه الخطوط لن تبقى”، لافتا إلى أن “عرض شراء المنازل كذبة كبيرة لشراء صمت الأهالي، فإذا حصلت عمليات الشراء ستشكل سابقة يطالب بها كل متضرر في مختلف الأراضي اللبنانية في ظل عجز كبير تمر به الدولة”، مؤكدا أن “الأهالي لن يقبلوا بتهجيرهم من منازلهم”.
وفي خلاصة الدراسة التي قدمها البروفسور أديب المتخصص في علم المجتمع والأوبئة ورئيس قسم صحة المجتمع في كلية الطب في جامعة القديس يوسف حول الأثر الصحي الناجم عن “وصلة المنصورية” يشير التقرير إلى وجود خطورة غير واضحة جراء مد الكابلات وليس عدم وجودها، فما هو المقصود وهل الخطورة غير الواضحة برهان كاف لوقف الأعمال؟
وفي السياق، يوضح أديب عبر “المركزية” أن “التقرير الذي وضعه يستند إلى العديد من الدراسات العالمية التي تؤكد أن التعرض لهذا النوع من الحقول الكهرومغناطيسية خطر في بعض أنماطه”، مشيرا إلى أن “منظمة الصحة العالمية هي المرجع الدولي لتبيان مدى خطورة المواد وهي تصنفها وفق 4 فئات وفي الفئة الثانية تتكلم عن إمكانية محتملة للخطورة”، مضيفا أن “هذا الاحتمال يتضاعف في حالتين: التعرض بشكل دائم وقوة التعرض”.
وقال: “إن الحقول الكهرومغناطيسية تخفّ خطورتها كلما ابتعد الانسان عنها، فعلى بعد 100 متر لا يوجد أي تأثير لها ولكن في حال كانت المسافة أقل من 50 مترا، فالتأثير يكون كبيرا وأي تعرض للاشعاعات بطريقة دائمة ضمن هذه المسافة، يضاعف احتمال تعرض الانسان لمرض السرطان”، مضيفا أن “المسافة في وصلة المنصورية بين الخط والمباني تتراوح بين 7 أمتار و51 مترا، بمعدل عام 30 مترا أي أننا في منطقة خطورة والأشعة يكون لها تأثير أكبر”.
وحول وجود خطر في حال مد الخطوط تحت الأرض، قال: “إن هناك أشعة حتى لو تم مد الخطوط تحت الأرض لكن إنتاج الحقل المغناطيسي ينخفض تحت الأرض، ويكون انعكاسه على مواقف السيارات والكاراجات والطوابق السفلية التي لا يتواجد الإنسان فيها بشكل دائم كغرف النوم مثلا والتي تتأثر بشكل مباشر بالأشعة عندما تكون الخطوط فوق الأرض”، متابعا: “في المعايير الدولية، هذا النوع من التعرض إذا كان وجوده محتملا من واجب الدولة اتباع مبدأ الحذر إذ لا يجوز انتظار الإثبات بنسبة 100%، فالخطر موجود الآن”.
ولفت الى أن “الوزيرة البستاني ترفض الاعتراف بوجود خطر، كما أنها تقول إن مد الخطوط تحت الأرض غير ممكن مع أن كل خطوط التوتر العالي في بيروت وطرابلس تحت الأرض”، مشيرا إلى أن “حجج الطاقة تستند إلى تقرير صدر في العام 2010 يحمل إمضاء وزير الصحة السابق محمد جواد خليفة الذي رفض الاعتراف بوجود خطر واعتمد ترجمة خاطئة من الإنكليزية إلى العربية”.
وسأل: “لماذا لا تكلفنا الدولة دراسة نسب السلطان في المناطق التي تمر فيها الخطوط في الهواء، كبشامون والبحصاص، إذ لا توجد أي دراسة في تلك المناطق المنسيّة وذلك خوفا من الاعتراف بوجود خطأ ما يلزم الدولة باعتماد خطة جديدة لكل لبنان لا تتضمن مد خطوط توتر عال في الهواء”.
وختم: “في العام 2008 أكد “التيار” مساندته لكل التقارير التي أعدتها والنائب إبراهيم كنعان كان من أشرس المدافعين عن وجهة النظر التي تعترف بوجود خطر، ولكن عندما أصبح “التيار” في الحكم تنصّل من كل مواقفه السابقة”.