IMLebanon

خبرات العسكريين المتقاعدين ثروة للدولة.. فلمَ لا تستفيد منها؟

في خضم الإعتصامات والتظاهرات التي شهدتها البلاد أخيراً مؤخراً لمتقاعدي القوى الأمنية اللبنانية، وعلى رأسهم متقاعدو الجيش اللبناني، وهي ظاهرة لم يشهد مثيلها التاريخ اللبناني، تطرح تساؤلات كثيرة حول مصير المتقاعدين، وهم لا يزالون في عزّ عطائهم وخبرتهم ما يسمح لهم بإنجاز مهام كثيرة استناداً إلى هذه الخبرة، يمكن للدولة الإفادة منها إلى الحدّ الأقصى.

عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب العميد وهبي قاطيشا قال لـ”المركزية: “عندما يخرج العسكريون من السلك يبقون فترات طويل في الاحتياط في حال احتاجت اليهم المؤسسة العسكرية، إنما يمكن للدولة الاستفادة منهم، خصوصاً انهم لا يتقاضون مرتباً من الدولة بعد التقاعد، إنما يحصلون على فائدة أموالهم، لذلك يمكن توظيفهم ولو بمعاش محدود للإفادة من خبراتهم، كل بحسب اختصاصه”.

ولفت إلى “أن العسكريين منضبطون، هذا يدفع بالكثير من الشركات الخاصة الى توظيفهم بعد التقاعد نظراً للصفات الحميدة التي اكسبتهم إياها المؤسسة العسكرية، خصوصا في إدارة العديد والتعاطي مع الموظفين. كما أن طبيعة عمل القوى الامنية مبنية على ثقافة واسعة، وعلى اطلاع بالمناطق والناس ومشاكل البلاد، وفي اوروبا وأميركا تبحث الشركات الخاصة عن الضباط المتقاعدين وتتنافس لتوظيفهم. وفي لبنان بدأوا يكتشفون أهمية توظيف الضباط المتقاعدين”.

وعن المجالات التي يمكن الإفادة منها من خبرات القوى العسكرية والامنية، قال العميد الركن المتقاعد شربل أبوزيد لـ”المركزية” “يمكن الإفادة من الضباط المهندسين في مجال الإتصالات، في تأمين التواصل بين شركات الإتصالات ووزارة الإتصالات من جهة، وكافة القوى الأمنية المعنية مباشرةً بهذا الموضوع من جهة أخرى”، مضيفاً: “أن قسماً كبيراً من ضباط الإدارة، خضع لدورات في إدارة العديد (H.R.) وفي التخطيط، إن على المستوى الإستراتيجي او العملياتي، الأمر الذي تفتقر إليه الدولة اللبنانية في الكثير من وزاراتها وإداراتها، فتعمد إلى شراء دراسات المستشارين وخبراء التخطيط، والذين غالباً ما تأتي إستشاراتهم ودراساتهم منقوصة، لعدم إلمامهم بالوضع اللبناني والقوانين المرعية الإجراء، بينما يمكن الحصول عليها من هؤلاء الضباط”.

أما من ناحية ضباط الهندسة، فقال أبوزيد: “يمكن الاستفادة من خبراتهم الواسعة في هذا المجال في وزارة الاشغال العامة، في مجال مدّ الجسور وإنشاء وتعبيد الطرقات وتأهيل البنى التحتية، إضافة الى إنشاء وترميم الأبنية الحكومية والعامة”.

ورأى “أن الدولة يمكنها أن تستفيد أيضاً من الضباط الأطباء، الذي يتمتعون بخبرة عالية، لما عاينوه من حالات مستعصية ومن حالات طبية نادرة خلال خدمتهم. خصوصاً أن أكثر من (1/10) أي عُشْرَ سكان لبنان يستفيد من الطبابة العسكرية، اذا ما جمعنا عديد القوى مضافاً إليه العائلات التي على العاتق. وما قام به قائد الجيش العماد جوزيف عون مشكوراً أخيراً من افتتاح مستوصف في رأس بعلبك خير دليل، فلمَ لا توظف الدولة اللبنانية الجسم الطبي المتقاعد في قراه ومناطقه وتستفيد منه لهذه الغاية”.

أما الطوبوغرافيون منهم، الذين عملوا في الشؤون الجغرافية، فاعتبر أبوزيد “أن يمكن الاستفادة من خبراتهم على الأرض في ترسيم الحدود البرية، ويمكنهم المساهمة مع وزارة الداخلية في ترسيم حدود البلديات والأقضية والمحافظات ترسيماً دقيقاً، منعاً للخلافات الحاصلة أو التي قد تحصل بين القرى، كما هو حاصل من إلتباس في الحدود الواقعة بين العاقورة واليمونة وغيرها”.

وأضاف: “مردود الإستفادة من المتقاعدين سيكون أكثر بأضعاف من أعبائه على الدولة، لما يتمتع به هؤلاء من جدية في العمل ومناقبية وطنية وحسٍّ بالمسؤولية ووعي لدورهم في وقف الهدر والفساد ودفع عجلة الإنتاج نحو الأمام. وما نجاح المؤسسة العسكرية سوى صورة عن دورهم الرائد فيها، حيث نجحت السنة الماضية في تحقيق وفر بحوالي 13 مليون دولار، مع المحافظة على مستوى العمل المطلوب منها بتجرد واحتراف”.

وشدد أبو زيد على “أن الضباط، يخضعون للعديد من الدورات الدراسية في كافة الإختصاصات في لبنان والخارج، ما يرتب على مؤسساتهم الأم، وبالتالي على الدولة اللبنانية المبالغ الطائلة، وحين يصبح هذا الضابط في المستوى المحترف يحال الى التقاعد، وكأن دوره في المؤسسات العامة إنتهى. فلمَ لا يستفاد من خبراتهم في القطاع العام كما في الخاص؟ ولمَ لا تتمّ الاستعانة بخبراتهم في الوظائف التي تشكو من نقص حاد فيها بخاصةً في القرى والمناطق النائية؟”