في خضمّ انشغالها بمواجهة التهديدات التي تعتبر ان ايران تمثّلها للمنطقة والعالم، والتي اتخذت في الايام الماضية أبعادا عسكرية واضحة مع حشدها قوى عسكرية وأساطيل حربية وازنة في بحر الخليج، لا تغفل الولايات المتحدة الاميركية عن مراقبة “حزب الله” ودوره في لبنان والعالم، وتُبقيه تحت مجهرها، خاصة وانه يشكّل في رأيها، أحد أقوى أذرع “الجمهورية الاسلامية”، في المنطقة.
في هذا الاطار، برز أمس نشرُ وزارة الخارجية الأميركية مقطعاً مصوراً تحت عنوان “بمنتهى الوضوح- فيلق القدس الإيراني”، تتحدث فيه عن قواعد تدريب يقيمها الحرس الثوري الإيراني في لبنان والعراق. وقال حساب “فريق التواصل الإلكتروني” التابع للخارجية الأميركية عبر “تويتر”، إن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يدرب ويسلح ويجهز ميليشيات تابعة له في معسكرات تدريب في لبنان (في البقاع تحديدا)، وكذلك داخل إيران، مضيفاً أن الهدف من ذلك هو استخدام هذه الميليشيات في حروب “الوكالة”، وإشاعة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. الفيديو يبدأ بتسليط الضوء مباشرة على دور الحرس الثوري الأساسي في الشرق الأوسط، وتنافس إيران مع الولايات المتحدة، وسعيها بالتالي إلى تدريب قوات غير خاضعة لسيطرة الدولة الإيرانية، ومن ضمنها الميليشيات الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان. وفي سياقه، يقول مدير “مشروع التهديد العابر للأمم” المستشار السابق في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية سيث جونز، إن “هدف إيران من هذه القاعدة في لبنان هو تطوير قدرات حلفائها المحليين”. ويأتي في الفيديو ايضا، أن إيران لديها قواعد مماثلة لقاعدة البقاع، في ايران، مثل “منشأة الإمام علي للتدريب” في ضواحي طهران، والتي تستخدمها للتدريب على حرب العصابات والحروب غير التقليدية.
وبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” فإن توسّع قدرات حزب الله العسكرية في لبنان، أمر لا تستسيغه الولايات المتحدة، وقد أرسلت في الايام القليلة الماضية رسائل، ليست الاولى من نوعها، الى القيادات اللبنانية تدعوها فيها الى التحرك لوضع حد لـ”تفلّت” حزب الله وضربه بعرض الحائط القرارات الدولية من جهة، وتعهّدات الحكومة اللبنانية من جهة ثانية، بسياسة النأي بالنفس وبتطبيق الـ1559 والـ1701 اللذين ينصان على حصر السلاح غير الشرعي المنتشر على الاراضي اللبنانية، بالجيش والاجهزة الامنية اللبنانية فقط.
واذ تلفت الى ان هذا الكلام سمعه المسؤولون مجددا من مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط دايفيد ساترفيلد، تقول المصادر ان واشنطن العازمة على المضي قدما في معركة تطويق النفوذ الايراني، عبر وسائل وأساليب جديدة، تتجاوز العقوبات الاقتصادية و”تلامس” الخيار العسكري اذا اقتضى الامر (مع ان هذا التوجّه مستبعد حتى الساعة)، ليست في وارد التساهل مع ترك “حزب الله” على حاله من القوة والنفوذ، أكان سياسيا أو عسكريا، في لبنان والمنطقة العربية.
وعليه، وفيما تعتزم فرض مزيد من العقوبات عليه، لتجفيف منابع تمويله وتخفيف قدرته على التحرك والتوسع الى حد شلّها نهائيا، فإنها تحثّ الدولة اللبنانية على القيام بواجباتها في هذا الشأن ايضا، فتتصدى لاي مراكز تدريب للحزب على اراضيها، وتُلزمه بالعودة من سوريا والتقيّد بالنأي بالنفس، أو أقلّه أن تعلن رفضها لممارساته. فالمرحلة مصيرية وحاسمة ولا تحتمل الضبابية والالتباس، ولا بد لبيروت تاليا، وفق واشنطن، من ان تحدد موقفها بوضوح من المواجهة الدائرة في المنطقة، لتحمي نفسها من اي تداعيات سلبية، اقتصادية كانت او أمنية، تختم المصادر.