لا يبدو ان الدول الخليجية في صدد التساهل مع الاعتداءات التي تعرضت لها في الايام الماضية، أكان في حادثة تخريب السفن في المياه الاقليمية، أو في استهداف الحوثيين منشآت “آرامكو” في السعودية.
فهي أولا تحرّكت ديبلوماسيا، اذ وجهت البعثات الدائمة لكل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة (ومعهما مملكة النروج) رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن الأربعاء لإبلاغه بالحادث الذي حصل في المياه الإقليمية الإماراتية بتاريخ 12 ايار2019 والذي تسبب في إلحاق أضرار بالغة بأربع ناقلات نفط. وشددت المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة على أن “هذه الهجمات تأتي في وقت يتعين فيه على الجهات المعنية المسؤولة في جميع أنحاء المنطقة العمل معًا من أجل تخفيف التوترات”. وأضافت: “الإمارات تتعاون مع كل من المملكة العربية السعودية والنروج وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية للتحقيق في هذه الهجمات”. ومن جهته، رأى السفير عبدالله المعلمي، المندوب الدائم للسعودية لدى الأمم المتحدة، أن “الحادث عمل تخريبي يؤثر على سلامة الملاحة الدولية وأمن إمدادات النفط العالمية”. وأضاف: “لذلك، فإن المملكة تندد بأشد العبارات بهذه الهجمات الإرهابية وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف صارم تجاه الجهات المسؤولة عن مثل هذه العمليات التخريبية الاستفزازية”.
غير ان الدول الخليجية لم تكتف بالحشد أمميا ودوليا ضد ما تتعرّض له، فهي سرعان ما تحرّكت “عسكريا” الخميس للرد على الاعتداءات. ففيما اعتبر التحالف العربي في اليمن، بقيادة السعودية، أن استهداف جماعة الحوثي لمنشآت نفطية في المملكة “يرقى لجرائم حرب”، أغارت مقاتلات التحالف على مواقع عسكرية للحوثيين في العاصمة صنعاء ومحيطها، موقعةً 6 قتلى و10 جرحى على الاقل، وفق ما ذكرت وكالة “فرانس برس”.
في الموازاة، كانت الرياض تصعّد ضد ايران، حيث اتهمتها بإعطاء الأوامر للحوثيين بمهاجمة منشآتها النفطية قرب الرياض بحسب ما أعلن نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان. وكتب الأمير خالد، وهو نجل العاهل السعودي الملك سلمان عبد العزيز، في تغريدة على “تويتر”: “ما قامت به الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران من هجوم ارهابي على محطتي الضخ التابعتين لشركة ارامكو السعودية يؤكد انها ليست سوى أداة لتنفيذ أجندة إيران”. وأضاف: “ما يقوم الحوثي بتنفيذه من أعمال إرهابية بأوامر عليا من طهران يضعون به حبل المشنقة على الجهود السياسية الحالية”.
ارتفاع حدة التوتر بين القوتين الاقليميتين الأكبر بلغ مستويات تكاد تكون الاعلى منذ أشهر، وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية لـ”المركزية”. فهل يمكن ان يقود هذا الواقع الى انفجار مواجهة عسكرية مباشرة بين الجانبين؟ المصادر تستبعد هذا السيناريو القاتم، على رغم ان المؤشرات العسكرية والسياسية توحي به. ففي رأيها، عرض جميع الاطراف النافذة في المنطقة (اي التحالف العربي والولايات المتحدة وإيران) عضلاتها وقواها، أحبط اي مخططات لديها كلّها للذهاب أبعد في التصعيد، اذ تبيّن لها ان ثمنه سيكون باهظا.
وفي وقت تشير الى ان هذه الورقة سقطت من أيديهم، سواء أحبّوا ذلك ام لا، تلفت المصادر الى ان ما بقي أمامهم هو الذهاب الى طاولة المفاوضات من جديد. وعليها سيتم رسم قواعد جديدة للعبة في المنطقة، انطلاقا من موازين القوى الجديد فيها، وهو يميل لمصلحة التحالف العربي-الخليجي-الاميركي بطبيعة الحال. فهل ترضى طهران بهذا الواقع، أم تستمر في المكابرة وشراء الوقت؟