Site icon IMLebanon

البرلمان ينهي الربع الأول من ولايته بنتائج مخيّبة!

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الاوسط”:

يطوي البرلمان اللبناني السنة الأولى من ولايته، من دون أن يحقق الإنجازات المطلوبة على صعيد التشريعات والعمل الرقابي ومحاسبة الحكومة على أدائها. وهو ما لا يتوافق مع التطلعات الإيجابية مع انتخاب مجلس نيابي مطعّم بدم جديد، مع مجيء أكثر من 70 نائباً وصلوا للمرة الأولى إلى الندوة البرلمانية غالبيتهم من الشباب.

يعترف نواب الأمة بالتقصير الحاصل، الذي جاء دون مستوى الآمال المعقودة، مع انتهاء الربع الأول من ولاية المجلس النيابي. لكنّ هذا التقصير له ما يبرره وفق تعبير عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «لبنان أضاع فرصة ثمينة من خلال تأخير تشكيل الحكومة لأكثر من تسعة أشهر، وهو ما أفرغ المجلس النيابي من إمكانية الإنتاجية». ورأى جابر أنه «بعد ولادة الحكومة وتشكيل اللجان النيابية، بدأ المجلس النيابي مواكبة المرحلة»، لافتاً إلى أن «الحضور الأهم للمجلس يتمثّل باستعادة سلطاته التشريعية وسلطة الرقابة والمحاسبة للحكومة».

وبموازاة الإخفاق في إنتاجية المجلس، ثمة مسؤولية تترتّب على الحكومة، وهي تتصل بالتأخير في تنفيذ القوانين الصادرة عن البرلمان في السنوات الأخيرة. ولقد اتهم النائب جابر بعض الوزراء بعرقلة تنفيذ القوانين، إذ قال: «هناك 52 قانوناً أقرّها المجلس النيابي، أبرزها ما يتعلق بالإصلاح الهيكلي لإدارات الدولة، مثل قوانين تنظيم قطاعات الكهرباء والاتصالات والطيران المدني وتعيين الهيئات الناظمة لها، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون حقّ الوصول للمعلومات». واعتبر أن «عرقلة هذه القوانين يخالف مصلحة البلد والاتفاقيات الدولية». كما أعلن أن «رئيس مجلس النواب نبيه برّي شكّل أخيراً لجنة نيابية مهمتها متابعة تنفيذ القوانين».

هذا، وتكاد القوانين التي أقرّها البرلمان الجديد في عامه الأول لا تذكر، سواء لجهة كميتها أو نوعيتها، وهذا ما يعترف به أعضاء المجلس. فلقد أشار النائب جابر – وهو وزير سابق – إلى أن البرلمان «أقرّ في السنة الأولى من ولايته عدداً من القوانين، لكنها ليست مفصلية بالتشريع». ولفت إلى أن «بعضها يتعلّق بالانتظام المالي وآلية الإنفاق، لكن الرهان على إقرار حزمة من القوانين المهمة في المرحلة المقبلة، منها قانون الموازنة واستعادة الدور الرقابي الفاعل، والمحاسبة على التوظيف الذي حصل خلافاً للقانون».

وللعلم، شهد لبنان انتخابات برلمانية في السادس من أيار 2018 بعد التمديد للمجلس النيابي مرتين متتاليتين، ولولاية كاملة (أربع سنوات)، وجرت الانتخابات للمرة الأولى وفق القانون النسبي، والذي أوصل أكثرية نيابية لـ«حزب الله» وحلفائه ما مكّن الحزب من ترجمة هذا الانتصار في الحكومة، حيث نال مع حلفائه على الأغلبية في السلطة التنفيذية.

من جهة أخرى، أشار الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك، إلى أن إنجازات المجلس كانت متواضعة جداً وأقلّ بكثير من المتوقع. وأوضح مالك لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللبنانيين كانوا ينتظرون إطلاق ورشة تشريعية، خصوصا أن البلد يمرّ بمرحلة استثنائية، إلا أن أداء المجلس لم يؤت ثماره المطلوبة، ويفترض أن تكون إنتاجيته أفضل، وأن يقرّ القوانين التي تواكب مؤتمر (سيدر)… إن ما تمّ إقراره لا يعدّ في خانة الإنجازات، لأن المجلس لم يقم بمهامه كما يجب في السنة الأولى من عهده». وأمل المحامي مالك في أن «تكون السنوات الثلاث المقبلة أفضل من السنة التي مضت»، مبدياً استغرابه لهذا التباطؤ «بعد انتخابات ضخّت دماً جديداً في شرايين السلطة التشريعية، عبر وصول ما بين 70 و80 نائباً جديداً، وهذا الدم الجديد كفيل بخلق دينامية يفترض أن تؤدي إلى النتيجة المطلوبة، لكن للأسف هناك خيبة أمل لدى اللبنانيين».

وكما أن المجلس النيابي يتحمّل مسؤولية الإخفاق، ثمة مسؤولية مترتبة على عاتق الحكومة، وفق تعبير مالك، الذي اعتبر أن «السلطة التنفيذية عليها واجب مواكبة البرلمان في إرسال مشاريع القوانين، وهي مسؤولة أيضاً عن جانب مهم في تراجع إنتاجية المجلس النيابي». وأضاف: «طموحات اللبنانيين أكبر مما تحقق، لأن الظروف الاستثنائية تستوجب جهوداً استثنائية، والمطلوب أن يبقى البرلمان في دورة مفتوحة للتعويض عن التقصير الحاصل».