IMLebanon

جلسة تحبس الأنفاس في “العسكرية”… سقط قناع غَبَش!

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

“سقط القناع”. بكلمتين يمكن إختصار المواجهة الأخيرة بين إيلي غبش، المتهم «باختلاق جرم التعامل مع إسرائيل للممثل المسرحي زياد عيتاني، وتقديم دليل إلكتروني وهمي ومفبرَك في حقه»، والمقدّم سوزان الحاج في المحكمة العسكرية الدائمة، بعدما تبيّن أنّ غبش كان على علم بحقيقة هوية عيتاني المسرحي ولم يُصارح الحاج خوفاً من أن يخسرَ ما وُعد به من مال لقاء تسليمه الملفّ لأمن الدولة. كذلك تبيّن أنّ غبش أبلغ الحاج بأنّ عيتاني إعترف بتهمة العمالة قبل أن يقرّ هذا الأخير بشيءٍ أمام أمن الدولة.

جلسة تحبس الأنفاس شهدتها قاعة المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد حسين عبدالله، إختتم خلالها مرحلة الاستجوابات. من الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر حتى الثالثة إلّا ثلثاً إستمرت جلسة المحاكمة، عبثاً حاول خلالها غبش التهرب والإلتفاف على الأسئلة الموجّهة له، إلّا أنّ فريق الدفاع عن المقدم سوزان الحاج، وهم: الوزير السابق رشيد درباس، مارك حبقة، زياد حبيش كانوا له بالمرصاد مراراً بالأدلة والبراهين، من خلال مواجهته بعيّنة من التسجيلات الصوتية والرسائل المتبادَلة عبر الواتس آب بينه (غبش) وعناصر من أمن الدولة. تسجيلات بدأت منذ مطلع أيلول 2017، وتكشف عن محادثات بين الطرفين تبلّغ خلالها غبش من أمن الدولة وجود ملف «تعامل مع إسرائيل» في حق عيتاني يعود إلى العام 2013، قبل أشهر من معاودة غبش التواصل مع الحاج ومفاتحتها في ملف عيتاني. إذ قال غبش في أحد التسجيلات: «ج. ميسي أكد لي أنّ زياد عيتاني لديه ملفُّ عمالة منذ العام 2013».

«من المطبخ وما فوق»
تضمّنت غالبية الرسائل الصوتية والمكتوبة، مفاوضات بين عنصر في أمن الدولة ا. برقاشي والمقرصِن غبش، عن قيمة البدل المالي الذي سيتقاضاه الأخير جراء تركيب هذا الملف، ولدى استيضاحه عن هذه التسجيلات، أجاب غبش: «أنا لم أنكر ولا مرةً أمام المحكمة أنّ أمن الدولة أخبرني أنّ في حق عيتاني ملفّ عمالة منذ 2013، وأنّ هذا الملفّ موجود في مركز في الجهاز في السوديكو حسبما أخبرني المعاون ج. ميسي، لكنني لم أطّلع عليه لأنّ ميسي لم يصوره ويسلمني نسخة عنه».
وفي إحدى الرسائل يتحدث غبش وبرقاشي، عن اتفاق مالي وعن قيمة المبلغ الذي سيتقاضاه المقرصِن لقاء ملف «بهز الأرض»، وفيه يقول برقاشي إنّ المبلغ سيكون ثمن تجهيز مطبخ وما فوق وربما يزيد عن أربعة آلاف دولار».
وبدا أنّ وكلاء الدفاع عن الحاج مصرّون على سماع كل الرسائل التي تثبت أنّ غبش كان يتواصل مع أمن الدولة في شأن ملف عيتاني قبل تواصله مع المقدم الحاج وهذا ما حصل، لتنتقل المحكمة الى سماع الرسائل التي تعود الى تواريخ لاحقة وتتعلق بهوية عيتاني، وما إذا كان المقصود به الممثل المسرحي، أو الصحافي الذي يملك موقع «أيوب نيوز» الإخباري.
وهنا وجّه المحامي مارك حبقة سؤالاً الى غبش، «هل كان يُطلع المقدم الحاج على هذه الرسائل والمعلومات المتبادلة بينه وبين جهاز أمن الدولة؟»، أجاب غبش: «كلا لم أُطلعها على كلّ شيء، لأنني أعمل مع مجموعات كثيرة، وكل واحدة أتواصل معها على حده».
وفي إحدى الرسائل بدا غبش يتحدث عن ضرورة الإسراع في إنجاز ملف عيتاني خلال أسبوع أو أسبوعين، وتأكيده أنّ هذا الملف «بومبا»، لكنه اشترط على عنصر أمن الدول أن يقبض مبلغ ألفي دولار قبل أن يسلمه الملف. وهنا حاول غبش التهرب وإيهام رئيس المحكمة أنّ الملف الذي يقصده هو اختراقُ موقع إسرائيلي وليس ملف عيتاني، إلّا أنّ المقدم الحاج تدخلت وبدقة متناهية وبتسلسلٍ للتواريخ أصرّت ووكلاءها على عرض التسجيلات المتسلسلة، فتبيّن في وضوح أنّ الحديث يتمحور حول ملف زياد عيتاني.
وبناءً على الأجوبة التي قدمها غبش، أوضحت الحاج أنّ غبش هو مَن أبلغها عن توقيف زياد عيتاني بتهمة العمالة لإسرائيل، كما وأبلغها الساعة 2:30 بعد الظهر بأنّ عيتاني اعترف بجرم العمالة وأنّ «نومته طويلة»، في حين أنّ اعترافه فعلياً أمام أمن الدولة كان الساعة الرابعة والدقيقة السادسة، وبين هذين الوقتين كان زياد يُنكر التهمة، وسألت: «لماذا علم غبش باعترافات عيتاني قبل أن يُدلي بها؟».
وبعد اكتفاء وكلاء الحاج بالاستماع إلى عيّنة من التسجيلات التي أسقطت القناع عن حقيقة غبش ومَن يقف خلفه، أبدوا كامل إستعدادهم للبدء بالمرافعة، إلّا أنّ وكيل غبش سرعان ما قاطعهم قائلاً: «لا، لا، مش اليوم». لذا بعد أخذٍ وردّ، أرجأت المحكمة الجلسة للمرافعة وإصدار الحكم إلى الخميس 30 الجاري، مع الإشارة إلى أنّ الحاج كانت متحمّسةً لتعيين جلسة في أقرب موعد ممكن للإنتهاء من القضية قبل موعد إمتحانات أولادها.

فشل في خداعها!
وعلى هامش الجلسة، أعرب درباس لـ»الجمهورية» عن إطمئنانه لمسار الجلسة قائلاً: «كانت الجلسة واضحةً كالشمس، كشفت المستور، أكّد غبش أنّ عيتاني كان موضعَ مراقبة وملاحقة من قبل جهاز أمن الدولة، ثانياً أنّ جهاز أمن الدولة الذي كان يتعامل مع غبش أبلغه أنه لا يهمه أن يلقي القبض على متعاطي أو قضايا بسيطة، إنما يهم الجهاز توقيف عملاء وتسجيل نقاط ضمن المنافسة القائمة في كشف العملاء، من دون أن نتجاهل أنّ غبش كان طوال الوقت يفاوض على ربح مادي له». وأضاف: «حاول غبش خداع المقدم الحاج كونه أخبرها بإعتراف عيتاني بالعمالة قبل أن يقرّ هذا الأخير بشيء، ورغم علم غبش لاحقاً بأنّ زياد عيتاني المسرحي الذي هو موضعُ التحقيق ليس زياد عيتاني نفسه الذي تسبّب بالمشكلة للمقدم الحاج، حين سأل أحمد سيور مرافق اللواء أشرف ريفي، وأكد له أنّ عيتاني ليس بمسرحي ويملك موقع أيوب نيوز. لم يخبر غبش الحاج لا بل حاول بيعها «بضاعة فاسدة»، خوفاً من أن يخسر مبلغ المال الذي وُعد به من أمن الدولة». وتابع متأسّفاً: «غبش كمَن أمسك بطرف خيط من أمن الدولة وحاول بيع الملف لأمن الدولة وللمقدم الحاج، وفشل!».
ختاماً، تبقى الأنظار مشدودة والأنفاس محبوسة الى ما سيحمله الحكم في 30 أيار من عقوبة، براءة، حقيقة… وعلى حدّ تعبيرٍ للأخوين رحباني «مهما تأخر جايي وما بيضيع اللي جايي»!.