افادت قناة “العربية” ان الولايات المتحدة الأميركية تبقي “حزب الله” تحت مجهرها على الرغم من انشغالها بمواجهة التهديدات الإيرانية للمنطقة والعالم، والتي اتخذت في الأيام الماضية أبعاداً عسكرية واضحة مع حشدها قوى عسكرية وأساطيل حربية وازنة في بحر الخليج.
وبرز قبل يومين نشر وزارة الخارجية الأميركية مقطعاً مصوراً تحت عنوان “بمنتهى الوضوح- فيلق القدس الإيراني”، تتحدث فيه عن قواعد تدريب يُقيمها الحرس الثوري في لبنان والعراق.
وقال حساب “فريق التواصل الإلكتروني” التابع للخارجية الأميركية عبر “تويتر”، إن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يدرب ويسلح ويجهز ميليشيات تابعة له بمعسكرات تدريب في لبنان (البقاع تحديداً)، كذلك داخل إيران، مشيراً إلى أن الهدف من ذلك استخدام هذه الميليشيات في حروب “الوكالة”، وإشاعة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
ويأتي في الفيديو أيضاً أن طهران لديها قواعد مماثلة لقاعدة البقاع في إيران، مثل “منشأة الإمام علي للتدريب” في ضواحي طهران، والتي تستخدمها للتدريب على حرب العصابات والحروب غير التقليدية.
وبحسب معلومات “العربية “، فإن هذه المعسكرات موجودة في جرود السلسلة الشرقية في البقاع على الحدود مع سوريا، وتحديداً في منطقتي جنتا التي تُعتبر “عرين المقاومة” والنبي سباط قرب بلدة بريتال المتاخمة للحدود مع سوريا، وأُنشئت بدعم من الحرس الثوري الإيراني، الذي كان يُرسل في البداية عناصر منه لتدريب كوادر ومقاتلي “حزب الله”.
وتعرضت تلك المعسكرات التي تم تشييدها منذ العام 1982 مع انطلاقة “حزب الله” لعدة غارات من الطيران الحربي الإسرائيلي، وفي كل مرة كان حزب الله يعيد ترميمها.
ويأتي نشر وزارة الخارجية الأميركية للمقطع المصور عن معسكرات “حزب الله” مع زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، دايفيد ساترفيلد، إلى بيروت، والمعلومات المتداولة عن أنه أبلغ المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم بأن الولايات المتحدة ليست في وارد التساهل مع ترك “حزب الله” على حاله من القوة والنفوذ، أكان سياسياً أو عسكرياً، في لبنان والمنطقة العربية، وأن واشنطن التي تعتزم فرض مزيد من العقوبات عليه، لتجفيف منابع تمويله وتخفيف قدرته على التحرك والتوسع إلى حد شلها نهائياً، تحث الحكومة اللبنانية على القيام بواجباتها في التصدي لأي مراكز تدريب للحزب على أراضيها، وإلزام الحزب بالعودة من سوريا والتقيد بسياسة النأي بالنفس، أو أقله أن تعلن رفضها لممارساته.
ولا ينفصل الفيديو عن تصاعد التوتر العسكري في المنطقة في ظل “الكباش” بين الولايات المتحدة وإيران بسبب الخروج من الاتفاق النووي، وهو ما يطرح علامات استفهام عن تحرك حلفاء طهران في المنطقة، خصوصاً “حزب الله” إذا ما شنت أميركا حرباً ضد إيران.
وتشير مصادر سياسية مطلعة إلى أن “حزب الله” يتحضر لكل السيناريوهات، وأمينه العام، حسن نصرالله، أكد في أكثر من إطلالة “سنكون حيث يجب أن نكون”، أي إلى جانب إيران التي يُجاهر علناً بأنها الداعم الأول للحزب مالياً وعسكرياً.
وفي هذا المجال، تتجه الأنظار إلى جبهة جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل، إذ ستشكل منطلقاً للعمليات العسكرية التي سيشنها “حزب الله” باتجاه إسرائيل إذا ما تعرضت إيران لهجوم عسكري من واشنطن. ونصرالله سبق وهدد بأن “حزب الله” سيُمطر تل أبيب بالصواريخ إذا اعتدت على لبنان.
ولفتت المصادر لـ”العربية” إلى أن “حزب الله” لن يكون بمنأى عن المواجهة الأميركية-الإيرانية، خصوصاً أن طهران بالنسبة له هي “الأب”، وهو يعلم جيداً أنه متى ضُربت إيران فإن المعركة ستكون مفتوحة في أكثر من ساحة تنشط فيها أذرع طهران العسكرية، وبالتالي سيكون من ضمن بنك الأهداف الذي ستطاله الضربات العسكرية”.
كذلك أكدت المصادر أن “الحرب المقبلة إذا وقعت ستكون شاملة ولا يُمكن لحزب الله أن ينأى عنها”.
ومع أن قائداً في الحرس الثوري الإيراني أعلن أن بلاده “تمر بأكثر لحظة حاسمة في تاريخها بسبب ضغط العدو”، قللت المصادر السياسية من قدرة طهران على الذهاب حتى النهاية في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، فهي تعلم جيداً أن “هذا سيكون بمثابة انتحار”.
في المقابل اعتبرت المصادر أن “إيران قد تلجأ إلى سياسة الهروب إلى الأمام لتخفيف الضغط عليها ومنع واشنطن من تحقيق هدفها تصفير العائدات النفطية لها، وذلك من خلال فتح جبهة عسكرية ضد حلفاء أميركا. ولعل أكثر هذه الجبهات سخونة جنوب لبنان، حيث هدد حزب الله أكثر من مرة بفتحها إذا تعرضت الجمهورية الإسلامية لهجوم من أميركا وحلفائها”.
ونبهت المصادر إلى أن “الأمور في المنطقة على حافة الهاوية وخيارات إيران تضيق، وجبهة جنوب لبنان قد تكون هي المتنفس لها من خلال حزب الله لقلب المعادلة، بحيث تنتقل من مرحلة الضغط إلى مرحلة فرض الشروط على المجتمع الدولي لإيقاف الحرب في مقابل الحصول على مكاسب جديدة”.
ويبقى السؤال: هل سيضرب حزب الله مجدداً عرض الحائط بموقف لبنان الرسمي المتمسك بالنأي بنفسه عن مواجهات المحاور في حال وقعت المواجهة، فيدفع بالتالي هذا لبنان مجدداً فاتورة حروب وصراعات الآخرين؟!