كتبت فاتن الحاج في صحيفة “الأخبار”:
قرار قيادة هيئة التنسيق النقابية بالتريث في انتظار ساعة الحسم، أو رؤية التواقيع الرسمية على «تخفيضات» الرواتب للعاملين والمتقاعدين في القطاع العام، لا يعكس «الغليان» الذي يسود قواعد الأساتذة والمعلمين والموظفين الذين لا تنطلي عليهم ذريعة بأن ما يسرب في الصحف بشأن مضمون المساومات الجارية في مجلس الوزراء مجرد شائعات.
معظم هؤلاء لا يقبلون بأقل من الإضراب المفتوح فورا وصولا إلى مقاطعة الامتحانات الرسمية، فيما العام الدراسي يشارف على الانتهاء. هذا في الواقع ما صوّتوا عليه اخيرا في الجمعيات العمومية بأغلبية ساحقة، وهذا ما يطالبون هيئة التنسيق باعلانه، بعيد الاجتماع الذي تعقده، الرابعة بعد ظهر اليوم.
بعض الاساتذة الثانويين سألوا ما اذا كانت الروابط تنتظر «الوحي الحزبي لتتحرك»، و«لماذا التمييز بين الرواتب والتقديمات»، مستغربين «الوداعة» التي تبديها الهيئة.
لقاء النقابيين الثانوييين ذهب ابعد من ذلك للقول ان اساتذة التعليم الثانوي الرسمي أصبحوا بلا غطاء نقابي قادر على العبور بهم إلى بر الأمان على مستوى الحقوق والمكتسبات والحصانة الوظيفية، فضلاً عن قيادتهم بفاعلية نحو استعادة موقعهم الوظيفي. ووجه اللقاء نداء إلى 6800 استاذ «لأخذ مصيرهم بأيديهم والبدء بتشكيل هيئاتهم في الثانويات والمحافظات للتصدي للأخطار التي تهددهم كقطاع وكفئة وظيفية وكرواتب وتقديمات اجتماعية وحصانة وثبات وظيفي».
هذا الضغط من القواعد قاد بعض مكونات هيئة التنسيق إلى تنظيم تحركات فئوية بلا اي تنسيق مع باقي المكونات داخل الهيئة. وهذا ما حصل مع رابطة اساتذة التعليم الثانوي التي أعلنت الاضراب ليومين نهاية الأسبوع الماضي، ورابطة موظفي الإدارة العامة التي تنفذ اليوم إضرابا خاصا بها في الإدارات العامة والوزارات. فيما بدا لافتا أن تخرج أصوات من قواعد المعلمين تقول ان لا مانع لديها من اقتطاع عشرات الآلاف الليرات على قاعدة المساواة في الحسم بين مكونات القطاع العام!
على خط مواز، لم تستجب هيئة التنسيق لمحاولات رابطة اساتذة الجامعة اللبنانية والمتقاعدين العسكريين التواصل معها بهدف توسيع كتلة المواجهة، بذريعة أن لكل قطاع خصوصيته التي يدافع عنها. رغم ذلك، «لا بديل عن توحيد القوى المتضررة»، كما قال رئيس رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية يوسف ضاهر. وهو عزا صعوبة التنسيق الى «الشائعات الرسمية المقصودة بأنه ليس هناك تخفيض هنا، بل تخفيض هناك، اضافة الى التحزب وعدم وجود عمل نقابي صرف». وأعرب ضاهر عن اعتقاده بأن الأمر يمكن ان يتبلور أكثر عندما يشعر الجميع بالوجع الحقيقي، «لكن أخشى وقتها أن يكون قد فات القطار، كما أن السلطة تستطيع دائما إيجاد الطرق لبعثرة القوى الحية. كما فعلت منذ التسعينات بضرب كل النقابات وتدجينها».
تراهن هيئة التنسيق على أن ما يسرب هو مجرد شائعات
الإضراب المستقل للإدارة العامة اليوم هو لمواكبة جلسة مجلس الوزراء وللوقوف على صحة الشائعات، بحسب رئيسة الرابطة نوال نصر. وعن التنسيق مع باقي المكونات قالت: «المهم نعمل حركة بالشارع وسننسق مع باقي الروابط، ابتداء من الاثنين المقبل».
رئيس رابطة المعلمين الرسميين في التعليم الأساسي الرسمي بهاء تدمري قال «اننا لا نستطيع أن نرفع دعوى ضد مجهول ودون اسناد حقيقي ونأخذ الناس رهينة، فلننتظر المقررات واذا كان هناك مساس مباشر أو غير مباشر بحقوقنا ستنفذ توصيات بالاضراب المفتوح».
من جهته، نفى رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي نزيه جباوي أن تكون رابطة الإدارة العامة «قد شاورتنا في اضرابها»، مشيرا إلى ان التنسيق يقوم بشكل أساسي بين قطاعات التعليم الثلاث الثانوي والأساسي والمهني. «ولا مانع ان يتحرك كل قطاع على حدة كي يتلمس المسؤولون غضب كل منا». ولكن، هل خيار مقاطعة الامتحانات الرسمية واردا؟ يجيب: «كل الخيارات واردة، وكان هناك إجماع من القواعد على الإضراب المفتوح، ودعونا لا نحرق كل الاوراق».
رئيس رابطة الاساتذة المتقاعدين غطاس مدور، من جهته، لا يوافق على نظرية أن لكل قطاع خصوصيته، إذ «يمكن وضع خطة مشتركة لكل هذه المكونات لتصليب الموقف ومواجهة قضم الحقوق»، كاشفا أن قرار التصعيد لن يتخذ بعد في هيئة التنسيق.