يكاد مجلس الوزراء ينهي بحث الموازنة الاربعاء، بعد 17 جلسة خُصصت لذلك. تؤكد غالبية الوزراء أن جلسة اليوم ستكون الأخيرة، قبل التصويت عليها في جلسة تُعقد برئاسة الرئيس ميشال عون في بعبدا. لكن وزراء بارزين يشكّكون. سبب تشكيكهم يعود إلى الدقائق الأخيرة من جلسة أمس، عندما طلب وزير الخارجية الكلام، وقال للحاضرين: «لسنا موافقين على هذه الموازنة. هذه موازنة لا تُرضينا. الحديث عن خفض العجز إلى 7.6 في المئة غير مقنع، ويمكننا أن نخفضه إلى 7 في المئة بسهولة».
باسيل لم يوضح ما إذا كان لموقفه بُعد «إجرائي» يتمثّل بطلب التصويت على الموازنة، علماً بأنه «يملك» الثلث المعطّل لإسقاطها، إذا جرى التوصيت وكان وزير الدولة لشؤون التجارة الدولية، حسن مراد، ووزير الدولة لشؤون النازحين، صالح الغريب، إلى جانبه. وفيما رفض وزراء في تكتل «لبنان القوي» الإجابة عن سؤال «الأخبار» عن إمكان فرض التصويت على بنود الموازنة، شنّت قناة «أو تي في» التابعة للتيار الوطني الحر مساء أمس هجوماً على الموازنة في مقدمة نشرتها المسائية، في خطاب بدا أقرب إلى خطاب قوى المعارضة منه إلى خطاب حزب العهد وثلث الحكومة.
نقاشات أمس سادها توتر عالي المستوى، لكن منخفض الصوت، بين وزير المالية علي حسن خليل، الذي قضى جزءاً من الجلسة في غرفة جانبية، معلناً إنجاز الموازنة بالنسبة إليه. فخليل يرى أنه، باتفاقه الذي لا يزال مجهول التفاصيل، مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصارف، على إقراض الدولة مبلغ 12 ألف مليار ليرة، بفائدة تبلغ نحو 1 في المئة، وبإنجاز بعض التخفيضات في الموازنة «التشغيلية» للدولة، وزيادة الضريبة على أرباح الفوائد على الودائع، يرى أنه أتم واجبه، وخفض توقعات العجز إلى ما يعادل نحو 7.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
كذلك يُستفز خليل من كون باسيل انتظر حتى شارف بحث الموازنة على نهايته، ليطرح ورقة فيها «من كل شي»، وتضم بنوداً نوقشَت سابقاً، «ولا يزال مصرّاً على مناقشتها، رغم بتّه في جلسات سابقة»، على ذمة وزراء من فريق 8 آذار. ويعترض خليل على كون باسيل «يتصرّف كما لو أنه الرئيس الفعلي للحكومة»، وأن «الرئيس سعد الحريري لا يتدخّل في الوقت المناسب لحسم النقاش الذي يتحوّل إلى تضييع للوقت والجهد بلا أي طائل». في المقابل، لا يكفّ باسيل عن التعبير عن كونه صاحب القرار الأول والأخير في إنجاز الموازنة، ويصرّ على ضرورة أن تتضمّن هذه الموازنة رؤية اقتصادية، لكن من دون أن يكشف عن مضمون هذه الرؤية. ويلمّح مقرّبون منه إلى أن خليل لم يقم بواجبه كاملاً، وقدّم «موازنة عادية»، من دون أي رؤية لتحسين الاقتصاد.
جلسة أمس شهدت بحثاً في عدد من الاقتراحات، أبرزها فرض «رسم نوعي» على 20 مادة استهلاكية يجري استيرادها، بحجة حماية الإنتاج المحلي، كما في البرغل والطحينة والألبان والأجبان البيضاء على سبيل المثال لا الحصر، ولتحصيل إيرادات إضافية للخزينة، كما في حالة الحديد والألمنيوم. ويراوح الرسم بين 10 في المئة و15 في المئة، شرط ألّا يشمل المنتجات المستوردة من دول تربطها بلبنان اتفاقات تجارية، كدول الاتحاد الأوروبي والدول العربية. واعترض وزراء حزب الله وحركة أمل وتيار المردة على إقرار هذا الرسم، معتبرين أنه متسرّع، ولا يضمن حماية الإنتاج المحلي، ولا يتضمّن إجراءات تكفل جودة الإنتاج اللبناني وعدم الاحتكار. واقترحوا إرجاء البحث في هذا الاقتراح إلى ما بعد إقرار الموازنة، لدراسته بصورة أكثر دقة وتفصيلاً، ولضمان تحقيقه نتائج إيجابية على المنتجين المحليين كما على المستهلكين. لكن البند أقرّ رغم اعتراض وزراء «الثلاثي» المذكور.
كذلك أُعيد النظر في الرسم المقترح على رخصة «الزجاج الداكن» للسيارات («الفوميه»)، فرُفع إلى مليون ليرة، إذا كان «الحجب تاماً»، و500 ألف ليرة لـ«الحجب الجزئي»! أما بدل ترخيص حمل السلاح الحربي، فرُفِع إلى 250 ألف ليرة!