ليس هناك من توقعات حاسمة تتعلق بما يمكن أن تجنيه خزينة الدولة من رسم الألف ليرة المفروض على كل أرغيلة في المطاعم والمقاهي والحانات وغيرها، ولكن البعض يقدر أن أقصى ما يمكن أن تحصل عليه الحكومة من هذا الرسم هو ٥٠٠ مليون ليرة سنويا أي ما يقارب ٣٥٠ ألف دولار.
هزالة هذا التوقع يردها البعض إلى الالية التي ستكون متبعة في تحصيل هذا الرسم الضريبي، إضافة إلى أن باب التهرب من دفعه لخزينة الدولة سيكون واسعا حتى ولو تقاضاه صاحب المطعم أو المقهى أو الحانة من الزبائن.
إن ضريبة الأرغيلة هي مؤشر على أن الحكومة تفتش عن أي مصدر للمال وبأي وسيلة كي تجمع المزيد من الايرادات في عملية تخفيض العجز المطلوبة دوليا، ولكن المفارقة أن هذه الضريبة وغيرها من الضرائب لم تأت نتيجة دراسات ورؤية اقتصادية وإصلاحية، حتى أنها لم تأت نتيجة لحظة تفكير جدية لأنها لو حصلت كانت الضريبة ستطال التنباك والمعسل المستخدم في الأرغيلة لتطال عندها كل مدخنيها أينما وجدوا.
إن الحديث عن رسم أو ضريبة الأرغيلة ما هو إلا مثال على تخبط تعاني منه الإدارة السياسية لهذا البلد والواقعة تحت مجهر الرقابة الدولية السياسية والاقتصادية، تخبط جعل من الأرغيلة نجمة موازنة العام 2019 تحيط بها نجوم أخرى كالرسم أو الضريبة على الزجاج الداكن ورخص السلاح، وهذه بالتحديد لن تطال المسؤولين “فوضعهم الأمني” يتيح لهم الحصول عليها مجانا، فيما ستكون متاحة أمام اي مواطن إذا توفر له أقل من ألف دولار سنويا كي يتمتع بالفوميه وقطعة السلاح.
عندما طالب رعاة سيدر الحكومة اللبنانية بموازنة إصلاحية تقشفية لم يخطر ببالهم أبدا أن نفس الارغيلة هو واحد من أبواب الإصلاح ودر الأموال لصالح الخزينة، فهم لو أدركوا ذلك لما انقطعت أنفاسهم منذ الإعلان عن هذا الإنجاز من قبل إدارة حكومية تتمسك بأن تبيع الكيلوات ساعة بخسارة تحمل الخزينة عجزا مهولا جراء قطاع الكهرباء، وتفتش عن القرش لخفض عجز الموازنة فلا تجده سوى في أنفاس مواطنيها ولو كان نفس أرغيلة.