Site icon IMLebanon

تحضيرات لنهاية السنة الدراسية

كتب د. أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

بين نهاية شهر أيار وبداية شهر حزيران، تبدأ التحضيرات للامتحانات النهائية للسنة الدراسية. ومع اقتراب هذه المرحلة المقلقة عند بعض الأهالي والتلامذة، يبدأ اهتمام الوالدين المفرط في بعض الأحيان بتدريس أطفالهم، ولا يمكن لأحد أن ينكر صعوبة هذه المرحلة، فكيف يمكن للأب والأم مساعدة طفلهما في التحضيرات لامتحانات نهاية السنة الدراسية؟ وما هي النصائح التي يجب تطبيقها للوصول إلى النتائج المرجوّة من التلميذ الصغير؟ وما العمل إذا رفض الطفل أن يدرس؟

لعدّة شهور، كانت مساعدة الأطفال في درس موادهم الدراسية وحفظها واستيعابها من أولويات كثير من الأهالي. ولكن للامتحانات، لا سيّما امتحانات نهاية السنة، رونقها الخاص. فخلال هذه الفترة، ينكبّ الكثير من الأهالي على مساعدة أطفالهم في المواد التي تلقونها خلال سنتهم الدراسية. وتتميّز هذه الفترة عند الأهل بالقلق الذي ينتقل إلى أطفالهم، الذين يسعون لإسعاد أهلهم من خلال علامات جيّدة. ولكن هذا التوتر والقلق والخوف نتيجة الامتحانات يؤثّر تأثيراً مباشراً على الطفل وعلى أدائه المدرسي. لذا، يجب اتّباع بعض الاستراتيجيات التربوية وتطبيقها للتحضير لامتحانات نهاية السنة الدراسية.

الصبر والهدوء مفتاحا نجاح أطفالكم
لا يكون الاستعداد للامتحانات والتحضير لها من جهة واحدة فقط. فللأهل دور بارز في هذا الخصوص. ومن أجل أن يكون الطفل مستعداً للدرس، يجب على الأهل أن يبتعدوا من لعب دور الأستاذ أو المعلّمة في البيت. فلا يجب أن يختلط دور الأم مع دور المعلمة في الصف، بل يجب أن يقتصر على مساعدة طفلها في حفظ أمثولاته، مستخدمةً الأساليب التعليمية نفسها التي تُستعمل في المدرسة.

ويجب على الأهل الانتباه إلى نقطة مهمّة، وهي أنّه يحقّ للطفل، بعد أن درس لساعات وساعات في المدرسة، أن يعود إلى منزله ويأخذ قسطاً من الراحة، قبل البدء بالحفظ والدرس. لذا، على الأهل أن يتعاملوا مع طفلهم بأسلوب يتّسم بالصبر والهدوء، واستيعاب قدراته وقلقه وتعبه. فلا يجب توقّع أمور مستحيلة من الطفل، كأن يكون متفوقاً على أصدقائه، وهو لا يكاد ينجح في مواده. يجب أن يستوعب الأهل أنّ هناك عوامل وراثية وأخرى اجتماعية وبيئية، تلعب دوراً في القدرات العقلية عند الطفل.

ومن أهم المهارات التي يمكن أن يستخدمها الأب أو الأم خلال تدريس طفلهم، هي أسلوب التشجيع. فهذا النوع من التعامل الإيجابي مع الطفل يثير رغبته على الاستيعاب وفهم وحفظ المعلومات المطلوبة بشكل أسرع. وإذا شعر الأهل بأن الطفل غير مستعدّ للدرس، يمكنهم أن يضعوا «خطة» وهي تحديد وقت الاستراحة ثم معاودة الدرس، مثلاً: عشر دقائق لعب أو نوم أو استراحة، حسب رغبة الطفل، ثم معاودة الدراسة.

بعض الملاحظات للأهل خلال التحضير للامتحانات

إليكم بعض الملاحظات التي يمكن تطبيقها في البيت قبل التحضير للامتحانات النهائية وخلالها وبعدها:
• يجب أن يكون الطفل مهيئاً نفسياً بعد رجوعه من المدرسة. فتلعب الأم دوراً بارزاً في هذا الموضوع، حيث يمكن أن تجلس مع طفلها وتتكلّم معه عن نهاره وعن أصدقائه، كما يمكنها أن تتحدث معه عمّا قامت به في البيت.

• اعتماد الايجابية خلال التحدث مع الطفل وختيار المواضيع التي تجذبه قبل أن يتحضّر لمهامّه الدراسية.

• تصفية الذهن من المشاكل والمتاعب والهموم التي مرّ بها الطفل خلال يومه. ويمكن أن تقوم الأم بهذه المهام من خلال الأسئلة البسيطة أو تدليك يدي طفلها للشعور بالراحة والاسترخاء.

• الراحة بعد المدرسة أساسية لكلّ طفل. فبعد يوم طويل على مقاعد الصف، من المهم أن يرتاح الطفل في بيته ويأخذ قسطاً من الراحة ومن الأفضل أن يرتاح الطفل في غرفة نومه.

• الابتعاد عن الألعاب الإلكترونية خلال وقت الاستراحة، حتى لو اعتبر الطفل ذلك وقت استرخاء له. ويجب أن تفسّر الأمّ أنّ وقت الاستراحة هو عندما لا يقوم الطفل بأيّ نشاط ذهني.

• لا لمشاهدة التلفاز خلال وقت الاستراحة، لأن التلفاز لن يساعد الطفل على الاستراحة قبل معاودة الدرس.

• تحضير جدول دراسيّ مع الطفل، من خلاله يحترم الطفل أوقات الدرس وأوقات اللهو. ويجب أن يساعد الطفل أمه أو أباه في وضع جدول درسه حيث سيشعر بالمسؤولية تجاه نفسه.

• اختيار الوقت والمكان المناسبين للدراسة. فلا يمكن أن نجبر الطفل أن يبدأ بحفظ أمثولاته بعد تناوله الطعام مثلاً. إنّ أنسب وقت هو بعد الاستراحة في غرفته لمدة تتراوح ما بين 15 و45 دقيقة. أما بالنسبة إلى المكان، فيجب أن يحدّد الطفل المكان المناسب لكي يدرس فيه. كما أنّ توجيهات الأهل بشأن المكان المناسب للدرس أساسي، من المهم أن يكون المكان مريحاً وهادئاً مع إضاءة مناسبة وصحية.

• لا يمكن التحضير لامتحانات نهاية السنة الدراسية قبل يوم أو يومين. فالسرعة في الدراسة لا تجدي نفعاً، بل يجب التحضير منذ بداية السنة. والدرس كلّ يوم بيومه، تجعل التلميذ الصغير مهيئاً للامتحانات بشكل كامل.

• الابتعاد عن الدرس ليلاً. فالوقت المناسب للدرس هو في الصباح الباكر، عندما يكون الطفل مستعداً ذهنياً.

• مراجعة دروسه في وقت تحدّده الأم أو الأب، خاصةً خلال نهاية الأسبوع حيث يتسنى للطفل أن يلعب ويدرس يراجع ما تعلمه في المدرسة، لتثبيت المعلومات التي تلقّنها. ويجب التفسير للطفل عن»هدف الدروس» التي يتعلّمها وكيفية تطبيقها في حياته اليومية.

• متابعة الطفل من خلال الاجتماعات المتكررة مع المعلّمين في المدرسة.

ماذا إذا رفض الطفل الدرس؟
الصراخ والركل والضرب وصولاً إلى الشتم، تلك أمثلة عن التصرفات غير المقبولة، التي يقوم بها الطفل الذي لا يريد أن يدرس. ويواجه كثير من الأهالي تلك التصرفات بتصرفات مماثلة تجعل الطفل أكثر عدوانية وغضباً. كما نسمع الكثير من الأطفال يعبّرون بكل صراحة عن كرههم للدرس والدراسة والمعلمة، ولكل ما له علاقة بالدراسة. أمّا عند الأطفال الأكثر احتيالاً، فيلجؤون إلى أساليب أكثر تكتيكية من خلال طلباتهم اللامتناهية، كالذهاب إلى المرحاض أو شرب الماء أو الشعور بالجوع.

لذلك، إذا رفض الطفل متابعة درسه بسبب الحجج المذكورة، يجب أن يتصرّف الأهل على الشكل التالي:

• إعطاء الطفل بعض الوقت للاستراحة أو شرب الماء أو أكل عصرونية صغيرة مع قطعة شوكولا كعربون شكر له لأنّه يقوم بكثير من الجهد ليدرس.

• المرح واللهو من أبسط وأحلى الأوقات التي تساعد الطفل للاستراحة خاصةً عندما يقرر عدم إكمال دروسه. فبعض النكات المضحكة وسماع موسيقى جميلة وربما الرقص والغناء لفترة قصيرة، يمكن أن تساعد الطفل للدرس من جديد.

• لا يجب أن تكون ساعات الدرس في البيت مملة. فحتى لو كان هناك الكثير من الواجبات اليومية، وحتى لو الأهل قلقون على مستقبل طفلهم ويريدون تحضير الامتحانات بشكل كامل، لا يعني ذلك أن ننقل خوفنا وقلقنا إلى الطفل.

• الابتعاد عن كل أشكال العنف، اللفظي والجسدي والمعنوي. فإذا استعمل أحد الوالدين بعض العبارات النابية مع طفلهما، ذلك لن يساعدهما في عملية تلقينه دروسه. بل العكس صحيح، سيتأثر الطفل نفسياً ولن يعود قادراً على استيعاب دروسه وإكمال ما عليه من مهام. أما بالنسبة إلى العدوانية الجسدية كالضرب فطبعاً هذه ليست طريقة تربوية لتعليم الطفل.