فيما بدأت المنطقة برمّتها تدخل تحت تأثير “صفقة القرن” الاميركية لتسوية الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، وسط عزم واشنطن رفعَ النقاب عن تفاصيلها خلال اسابيع قليلة والشروع في تطبيقها عمليّا على الارض، فتصبح أمرا واقعا “نهائيا” بحلول العام 2020، يُعتبر لبنان معنيا مباشرة بما ستحملة الايام المقبلة من تطورات، على هذا الصعيد.
واذا كان البعض، وعلى رأسهم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، سارع الى التحذير من مخططات لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من ضمن التسوية المرتقبة، فإن مصادر سياسية مراقبة تقول عبر “المركزية” إن هذا الملف الشائك يشكل في الواقع جزءا صغيرا من مشهديّة “لبنان والصفقة”، مطمئنة في السياق، الى ان بيروت محصّنة في وجه هذا السيناريو بفضل الاجماع اللبناني على رفض التوطين وبفعل مقدّمة الدستور التي تقطع الطريق نهائيا عليها.
في المقابل، تشير الى ان لبنان مُطالب بسلسلة إجراءات لمواكبة “الصفقة” العتيدة والاستعداد لها، وقد نقلها اليه أكثر من مبعوث غربي في الايام الماضية، كان أبرزهم مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد. فالمصادر تكشف ان الاميركيين يستعجلون إنهاء حالة تفشّي السلاح غير الشرعي على الاراضي اللبنانية، ترسيخا للاستقرار فيها، لكن ايضا، لمنع استخدامه لتعكير الامن في المنطقة وتبادل الرسائل في الفترة المقبلة و”الحرتقة” على التسوية خلال تطبيقها.
من هنا، تتابع المصادر، يمكن تبرير الحماسة الاميركية لايجاد تسوية للخلاف حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين بيروت وتل ابيب، والتي قيل في الساعات الماضية انها ستشمل ايضا النقاط المتنازع عليها برّا بين الجانبين. ففيما تشير الى ان واشنطن ضغطت عبر ساترفيلد على الكيان العبري لتقديم تنازلات تسهّل التوصل الى حلّ وسطي، تلفت الى ان الادارة الاميركية تضرب بهذا “الحجر” عصفورين اثنين: ترضي لبنان واسرائيل وتسمح لهما بالبدء بعملية التنقيب عن النفط، من جهة، وتنزع من الفصائل اللبنانية المسلّحة، وأهمّها “حزب الله”، ذريعة الاحتفاظ بسلاحه للدفاع عن الاراضي اللبنانية وتحريرها ولمنع اي اعتداء على حقوقه برا وبحرا، من جهة ثانية، وهذا أهمّ أهدافها، بحسب المصادر. ويشدد الموفدون الدوليون على ضرورة ان يعقب هذا التفاهم “الحدودي”، حوارٌ حول استراتيجية دفاعية تحصر السلاح بيد الاجهزة الشرعية، بالتزامن مع تشدّد لبناني في التأكّد من حسن تطبيق القرار 1701، جنوبي الليطاني، وتقيّد الاطراف اللبنانيين كلّهم بمندرجاته.
في المقابل، بدأت بيروت بدورها، بتنفيذ خطوات، صحيح انها ضرورية لصورة لبنان الدولة، الا ان لا يمكن فصلها عن مسار “صفقة القرن”. وفي هذه الخانة، يصبّ الاعلانُ عن نزع السلاح من مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين، منذ ايام، وتحويله مخيما مدنيا أعزل خاليا من اي مظاهر مسلّحة، في ضوء اتفاق تم التوصل اليه بين قيادة الجيش اللبناني وكل من حركتي “فتح” و”حماس” وانصار الله” في المخيّم. وتشير المعلومات الى ان العمل جار على ابرام تفاهمات مماثلة في المخيمات كلّها وعلى رأسها عين الحلوة، وربما توسّعت ايضا لتطال لملمة السلاح من قوسايا والناعمة، فلا تستخدم هذه البقع، صندوق بريد اقليمياً في قابل الايام.
يمكن القول اذا، ان “القضاء على ظاهرة التنظيمات غير الشرعية المسلّحة”، يعدّ أبرز مهام لبنان على الطريق نحو “صفقة القرن”. فهل بمقدوره تحقيق هذه المهمّة، وهل النيّة بتنفيذها متوافرة لدى مسؤوليه؟