بعد 20 جلسة وزارية خرج مشروع موازنة العام 2019 من مجلس الوزراء في طريقة إلى المجلس النيابي، الذي عليه ان يحمل بدوره هذه الكرة المحفوفة بنار الخلافات والملاحظات والاعتراضات في مهمة لن تكون سهلة في كل الأحوال، وضمن مهلة يفترض ان لا تتجاوز نهاية شهر حزيران المقبل، استناداً إلى نص مشروع القانون الذي احيل إلى المجلس ليل أمس، والذي يجيز للحكومة الصرف على القاعدة الاثني عشرية حتى آخر شهر حزيران، على اعتبار ان مسألة الصرف السائدة حالياً تنتهي في 31 أيّار الحالي، وهو موعد انتهاء الدورة العادية للمجلس، مما يفرض على الحكومة خلال شهر حزيران فتح دورة استثنائية، قد تكون مخصصة فقط لدرس مشروع الموازنة واصداره بعد ذلك بقانون، رغم ان هذه الدورة قد لا تكون واجبة قانوناً، طالما انه في مقدور لجنة المال والموازنة درس الموازنة، حتى ولو كان المجلس النيابي خارج دورة انعقاده سواء العادي أو الاستثنائي.
وبانتظار اعداد مشروع الموازنة وطباعته تمهيداً لاحالته إلى المجلس النيابي خلال الأيام الثلاثة المقبلة، فإنه لن يكون في استطاعة اللجنة النيابية المباشرة بدرسه قبل منتصف الأسبوع المقبل، بسبب مصادفة مطلع الأسبوع مع عطلة عيد الفطر السعيد، حيث يفترض بحسب ما أعلن الرئيس نبيه برّي بأن تعقد اللجنة جلسات شبه يومية صباحاً ومساء لكي تتمكن من إنجاز درسه ضمن مهلة الشهر التي حددها مرسوم الإجازة للصرف على القاعدة الاثني عشرية.
وإذا كان مشروع الموازنة خرج من جلسة القصر الجمهوري في بعبدا سالماً ومن دون أي تعديلات، وكما تمّ وضعه في الجلسات الـ19 التي انعقدت في السراي الحكومي، فإن ثمة ملاحظات واعتراضات وتحفظات بقيت موجودة لدى الوزراء، ولا سيما وزراء “القوات اللبنانية” و”حزب الله” والاشتراكي، وإلى حدّ ما حركة “امل”، بالنسبة إلى الرسوم والضرائب التي فرضت في الموازنة، كما بقيت مجموعة نقاط اثيرت خلال المناقشات من دون حسم، من أهمها الأملاك البحرية والتهرب الجمركي والضريبي، والمعابر غير الشرعية، وصولاً الى التدبير رقم 3 الخاص بالعسكريين والذي كان مساء أمس، موضوع اجتماع لقادة الأجهزة الأمنية في مكتب قائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة، وشارك فيه كل من مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا.
الا ان المعلومات لم تكشف طبيعة ما تمّ الاتفاق عليه في هذا الشأن، باستثناء ما كان أعلنه الوزير خليل، من ان مسألة التدبير رقم 3 ستناقش في المجلس الأعلى للدفاع الذي يرفع إلى الحكومة آلية تطبيق هذا التدبير، مشيرا إلى ان الموازنة لم تقارب هذا الموضوع سواء من الناحية المالية أو الصياغة القانونية.
وأكّد خليل بعد انتهاء الجلسة في بعبدا ان كل ما اشيع حول موضوع الرواتب والمس بحقوق العسكريين للموظفين في الإدارة وغيرها كان غير واقعي، وان لا صحة لكل الكلام المتعلق بتخفيض الرواتب والمخصصات، وان ما تمّ تعديله هو مجموع التقديمات والاضافات والتعويضات عن العمل الإضافي، حيث حددت الموازنة سقفاً أعلى هو 75 في المائة من راتب الموظف.
ووصف خليل نسبة العجز التي تحققت في الموازنة بالمقارنة مع الناتج المحلي وهي 7،59 في المائة، بأنه رقم مرض جداً، يعبر عن التزام حقيقي ويعكس ايضا إرادة حقيقية عند الحكومة بأن تسير على طريق تصحيح الوضع المالي، لافتا إلى ان هناك نظرة إيجابية من كل المعنيين في الخارج إلى ما تمّ تحقيقه، سواء لناحية الخطوات الإصلاحية أو لجهة مستوى تخفيض العجز، رغم ان تخفيض هذا العجز حاجة وطنية قبل ان يكون مرتبطاً بـ”سيدر” أو غيره (راجع التفاصيل ص 2).